دخل يوم الأحد الموافق 30 يونيو 2013 تاريخ مصر من أوسع أبوابه، حيث خرج الملايين من أفراد الشعب المصري يطالبون بسحب الثقة من الرئيس الإخواني وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة لإخلاله بوعوده الانتخابية والتمكين لجماعته الإرهابية.
شاركت المرأة المصرية في ثورة 30 يونيو مشاركة فعالة ولعبت دورا بارزا فيها وكان لها دور حقيقي في نجاح الثورة لا يمكن إغفاله أو تجاهله
خرجت أعداد كبيرة للغاية تقدر بأكثر من 33 مليون متظاهر يطالبون الرئيس الإخواني بالرحيل، وقد كانت مفاجأة للعالم إلى الحد الذي قالت عنه شبكة CNN إنه أكبر حشد بشري في تاريخ البشرية. (د. عادل كمال خضر، ثورة 30 يونيو ودلالاتها النفسية، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2018، ص63)
وخرجت المسيرات في كافة المحافظات وليس فقط في عواصمها، بل خرجت في المدن والقرى تنادي برحيل الرئيس محمد مرسي، وتحولت كل ميادين مصر تقريبا إلى ميادين ثورية، وانتفض الشعب المصري بكل فئاته مطالبا بإسقاط النظام "الإخوان" وسقوط حكم المرشد، فماذا عن دور المرأة في ثورة 30 يونيو؟
شاركت المرأة المصرية في ثورة 30 يونيو مشاركة فعالة ولعبت دورا بارزا فيها وكان لها دور حقيقي في نجاح الثورة لا يمكن إغفاله أو تجاهله، فالنساء من كل الطبقات الاجتماعية سواء كن شابات عاديات أو ربات بيوت أو عاملات أو مهنيات أو فنانات تسابقن إلى الشوارع والميادين في كل محافظات مصر، ولفت انتباه المراقبين حينئذ نزول نساء في محافظات جنوب مصر المحافظة، بل في أكثرها تشددا بسبب التقاليد الراسخة عبر التاريخ مثل محافظة قنا التي شهدت مسيرات لسيدات وفتيات في ظاهرة جديدة تماما. فقد كان الخوف على روح مصر أقوى من القلق على التقاليد المحافظة التي لم تغب عن المشهد حيث خصصت مسيرات مستقلة للنساء تحت حماية الشباب الذي نظم أطواقا حولها.
ويرى البعض أن المرأة في المحافظات المصرية كانت فارسة ميدان التحرير في ثورة 30 يونيو وخاصة المرأة الريفية. ونزلت المرأة المصرية مرة أخرى إلى الميادين يوم 26 يوليو 2013 استجابة لدعوة قيادة الجيش إلى تفويض مؤسسات الدولة بمواجهة العنف والإرهاب المحتمل. وفي هذا اليوم عندما أردت الذهاب إلى ميدان التحرير صممت زوجتي الدكتورة نيفين أن تنزل معي ومعنا أولادنا -محمد ولينا تحت سن العاشرة حينئذ- وعندما قلت لها أن تظل بالبيت لأن الأطفال صغار وأخشى عليهم من الزحام أصرت على النزول وأصر أولادي أن يشاركوا في الثورة وذهبنا إلى ميدان التحرير ومعنا طعام الإفطار فقد كان هذا اليوم يوم من أيام شهر رمضان المبارك. وعندما حاولنا السير في الميدان لنكون بالقرب من أحد الشوارع الجانبية حتى يمكننا الجلوس لتناول طعام الإفطار مع رفع أذان المغرب كدت أن أفقد ابني محمد من شدة الزحام لولا ستر الله، ورأيت آلاف من الأسر مثلنا الزوج والزوجة والأولاد، ولبت المرأة المصرية نداء الوطن وتصدرت الصفوف بجوار جيشها العظيم للحفاظ على مكتسباتها، فماذا عن أهم مكتسبات المرأة بعد ثورة 30 يونيو؟
أثبتت ثورة 30 يونيو أن المرأة المصرية هي صمام الأمان لوطنها تشد من أزره في جميع المواقف والضوء العظيم في الليالي الحالكة الظلام، وكانت ثورة 30 يونيو بداية الطريق لتحقيق الكثير من المكتسبات للمرأة تمثل أهمها في صدور دستور 2014، وقد حظيت المرأة فيه على مكاسب كثيرة، وخصص الدستور أكثر من عشرين مادة دستورية لضمان حقوق المرأة وذلك تأكيدا على أن المرأة ليست مجرد فئة من فئات المجتمع بل هي نصفه وتسهم في رفاه النصف الآخر وهي أساس الأسرة وذلك في إشارة إلى دورها الفعال ومشاركتها القوية في بناء الدولة والمجتمع المصريين. ومن هنا كان تأكيد دستور 2014 في المادة 11 على ما يلي:
"تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا في المجالس النيابية على النحو الذي يحدده القانون. كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا"
وفي خطوة لتطبيق مبدأ المساواة، نصت المادة السادسة من الدستور على أن "الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقا رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه" وهو ما يعد ترسيخا لحق أصيل للمرأة في منحها الجنسية المصرية لأبنائها من أب ليس بمصري. (د. ايمان زهران، المرأة في دستور 2014: الحقوق والمكتسبات، مجلة الهلال، عدد إبريل 2023، ص319)
وحرص الدستور في مادته 180 على تخصيص 25% من مقاعد المجالس المحلية للمرأة. وبعد اجراء التعديلات الدستورية الأخيرة في إبريل 2019 تم تخصيص ربع مقاعد مجلس النواب للمرأة مثلما ورد بالمادة 102 المعدلة. هذا إلى جانب عديد من المواد الدستورية التي أكدت على عدم التمييز بين الجنسين في كافة الحقوق والواجبات وهي المواد (214،181،180،83،81،80،74،19،17،9،8).
ومن المكتسبات التي حصلت عليها المرأة زيادة نسبة تمثيلها في البرلمان زيادة كبيرة، وفي نفس السياق زيادة التمثيل الوزاري للمرأة على نحو غير مسبوق.
والحقيقة أن المرأة المصرية حصلت على مكتسبات عديدة بعد ثورة 2013، ووجدت كل الدعم من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وصف المصريات بأنهن "عظيمات مصر"، وأنهن أيقونة للعمل الوطني والتضحية، وجدير بالذكر أن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي حرص دائما على التأكيد على أهمية دور المرأة وضرورة الحفاظ على حقوقها وكرامتها.
وفي النهاية تبقى كلمة وهي أن المرأة المصرية لعبت دورا بارزا في ثورة 30 يونيو 2013 وبالتالي فهي تستحق كل ما حصلت عليه من مكتسبات، وتستحق منا جميعا كل التحية والتقدير لدورها المهم في إثراء الحياة السياسية في مصرنا الحبيبة، وكل عام والمرأة المصرية ومصرنا الحبيبة والشعب المصري والقيادة السياسية بألف خير بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو 2013.
تستحق المرأة المصرية منا جميعا كل التحية والتقدير لدورها المهم في إثراء الحياة السياسية في مصرنا الحبيبة