قالت الإعلامية زينة يازجى، مذيعة «سكاى نيوز»، والتى أجرت حوارًا مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، عندما كان مرشحا للرئاسة فى مايو ٢٠١٤، «شعرت بأن الفجوة مع الشباب وعدم القدرة على التواصل معهم هى أكثر ما يقلق السيسى ويسيطر على تفكيره لدرجة أننى عندما سألته عن هذا الموضوع (ضمن الحوار الذى أجرته معه وبث على سكاى نيوز)، أطرق صامتًا لحظات طويلة».
الرئيس والشباب ملف شائك، وقضية مثيرة للجدل، منذ فترة طويلة حتى قبل مجئ السيسى الى سدة الحكم، فالشباب الذى فجر ثورة ٢٥يناير يشعر بالغبن والظلم لأنه لم يحصل على حقه وبدلا من تمكينه تم تهميشه بعد ثورة يناير تماما كما كان يحدث قبل الثورة وهو ما كان يهدد بتفجير مشكلات.
تمكين الشباب قضية سياسية بالأساس، وهو ما يتطلب الإفساح للشباب للمشاركة فى إعداد وصنع وتنفيذ القرار السياسى، وتولى دوره فى قيادة المؤسسات، سواء مؤسسات الحكومة والمحافظات وأيضًا المؤسسات الأهلية كالأحزاب والمجتمع المدنى، خاصة أن مصر غنية بالشباب، والذى تقر الإحصاءات عددهم بنحو ٥٣ مليون شاب.
أهم مراحل تمكين الشباب هى نقل الخبرات والتدريب، والذى لن يكون إلا بإرادة سياسية حقيقية لإشراك الشباب فى ملفات العمل السياسى على مستوى الوزارات والمحافظات والهيئات السياسية، وتضمين الشباب فى الصفوف الثانية فى القيادة ليتمكنوا من صنع القرارات واستيعاب أدوات القيادة عن طريق الممارسة العملية، وأن تتم مناقشتهم لنقل الخبرات واستيعاب المحددات التى تقدم لصنع القرار، فهذا الدور العملى هو أساس عملية تمكين الشباب على أسس العلم والدراية والخبرة.
وصحيح أن الرئيس اتخذ خطوات نحو إذابة جبل الجليد بينه وبين الشباب مثل دعوته فى بداية كلمته باليوم الأخير للمؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ، الشباب المشاركين فى إعداد المؤتمر إلى الصعود للمنصة للترحيب بهم على ما قدموه من جهد، والتقط الشباب مع الرئيس صورًا تذكارية وصور «سيلفي» وسط تصفيق حاد من الحاضرين.
كما دعا الرئيس السيسى الشباب، مرارًا إلى المشاركة الفعالة فى الانتخابات، وإلى حسن اختيار أعضاء مجلس النواب، بتجرد ووطنية، من أجل إقامة حياة سياسية سليمة.
أيضًا اجتمع السيسى، بمقر رئاسة الجمهورية، بأعضاء أكاديمية الشباب المصرية للعلوم، كما اجتمع بمجموعة من شباب الإعلاميين والصحفيين، وكذا لقاؤه مع أبناء الجاليات المصرية المقيمين فى الخارج المشاركين فى الملتقى الرابع لأبناء الجاليات المصرية.
لكن الأسبوع الماضى قفز الرئيس السيسى قفزة جريئة فى ملف الشباب، عندما أطلق البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، والذى يهدف إلى تخريج قيادات شابة قادرة على الإدارة وتولى المسئولية والمناصب القيادية وفقا لأساليب الإدارة الحديثة.
وقال الرئيس السيسى، فى كلمته بـ«أسبوع شباب الجامعات المصرية» العاشر بجامعة قناة السويس، إن البرنامج يهدف إلى تأهيل ٢٥٠٠ شاب وشابة سنويًا كمرحلة أولى، وبالفعل تم فتح باب القبول يوم الأحد الماضى.
ويشمل البرنامج دورات التثقيف السياسى والاقتصادى والإعلامى للشباب، فالإطار الذى يجب أن يكون حاكمًا لذلك التمكين هو المهارة والكفاءة والعمر حتى لا يكون التمكين على معيار السن وحده، وهو غير كاف بالقطع ولا نرضاه لوطننا.
الرئيس بهذا البرنامج يعيد إنتاج منظمة الشباب، الذى أنشاها الرئيس جمال عبدالناصر فى الخمسينيات، ولكن على أسس تناسب العصر الحديث، وبعيدًا عن التعبئة والحشد والصوت الواحد، خاصة أن الأحزاب لا تقوم بواجبها نحو الشباب، رغم أن عليها مسئولية كبيرة فى ذلك نتمنى أن تقوم بها فى الفترة المقبلة، فمسأله تمكين الشباب ليست ترفًا وإنما واجب مُلح للنهوض بالوطن واستيعاب طاقات مهدرة أو موجهة فى الاتجاه الخاطئ.
كتب : محمد حبيب