كتب: خليل زيدان
تحل اليوم الذكرى، الـ93، لميلاد فراشة السينما المصرية، الفنانة الكبيرة، سامية جمال، التي أثرت السينما المصرية، والعالمية، بأجمل الاستعراضات، الراقصة.
وبهذه المناسبة نقلب في صفحات تاريخ تلك الفنانة الرائعة لكنشف المزيد من تفاصيل حياتها.
الجمهور يستقبلها بقشر البرتقال
التحقت سامية جمال بالعمل كراقصة، بصالة وفرقة بديعة مصابني، ولم تكن سامية قد عملت من قبل في أي من المسارح أو الصالات، وكان كل أملها أن تعمل مع ملكة المسارح بديعة مصابني، وتخشى أن ترفضها لأنها لم يسبق لها الرقص مع أخرين من قبل.
وسألتها بديعة أترقصين؟ فردت سامية نعم؟ فقالت بديعة: «كنتي بترقصي فين قبل ما تيجي؟»، فتلعثمت سامية وقبل أن ترد، أتى بعض أفراد فرقة بديعة، لتنشغل معهم قليلا، وبعد أن انتهت من الحديث معهم، قالت لمدير الصالة: «البنت دي ها تشتغل راقصة عندنا.. خدها واديها ملابس.. فسرت الفرحة في قلب سامية، بعد أن تحققت أمنيتها،
وبعد يوم واحد كان موعدها مع خشبة المسرح، ومواجهة الجمهور، وظلت تفكر في تلك اللحظة التي تنتظرها وهي أن ترتدي بدلة رقص لأول مرة أمام الجمهور، وترقص بمصاحبة الموسيقى.
ومن بين الكواليس ألقت نظرة سريعة على الصالة، فوجدتها مكدسة بالجماهير؛ فازدادت ارتباكا، وكانت
اشترت حذاءً جديدا، لترقص به.
وجلست سامية ترتدي الحذاء، وبعد دقائق أطفئت أضواء المسرح، وتأهبت الفرقة الموسيقية للعزف، وسألتها أي مقطوعة تريد أن ترقص عليها؟ فاضطربت سامية، وتعلثمت وتأوهت، فالتفت الرجل إلى الموسيقيين، وقال لهم، مقطوعة آه يا زين العابدين! وبدأت الفرقة العزف، وبدأت الجماهير تردد مع الموسيقى، وقد تسمرت أقدام سامية، ولم تدخل للمسرح، وأعادت الفرقة المقطع 3 مرات وهي مازالت مضطربة داخل الكواليس ، إلى أن جاء مدير المسرح ودفعها بقوة إلى المسرح، وهي ترتدي الحذاء الجديد الذي أصبح في قدميها كقيد من الحديد. وحاولت أن تتحرك، ولكن ازدادت أقدامها تثاقلا، ونظرت بسرعة إلى وجوه الجماهير، التي تتطلع إليها ، فإذا بكل الصالة تضج بالضحك، والسخرية.
سمعت من بينهم من ينادي: «طلعوها برّه.. وبدأ الجمهور يقذفها بقشر البرتقال، والفول السوداني، وظلت الستارة مفتوحة، فافنجرت بالبكاء، وكان هذا أول درس، وأول موقف محزن في بداية عمل سامية جمال بالفن.
مليونيرة لـ3 ساعات
سافرت سامية جمال عام 1950 إلى باريس، حيث كانت ترتبط بعقد للرقص في عدة صالات، وبعد أن أنهت تعاقدها أمضت أسبوعا، ترددت فيه على المسارح الكبيرة، لترى كيف يمثلون ويرقصون وكيف أصبحت مسارح باريس تجذب السائحين من كل أنحاء العالم، وعقدت صداقة مع راقصة للباليه بأحد المسارح، وكانت تقضي الليل معها لمشاهدتها في المسرح، وتمضي معها اليوم التالي بأكمله، حتى انقضى الأسبوع، واستيقظت يوم سفرها على صوت موظف الاستعلامات يذكرها، بأن موعد الطائرة بعد ثلاث ساعات ونصف.
وتذكرت سامية أنها لم تشتر شيئا؛ مما قررت أن تشتريه، وبسرعة نظرت إلى ما عها من نقود، فإذا بها تجد نصف مليون فرنك فرنسي، وهو ما يعادل وقتها 500 جنيه مصري، فابتهجت، وشعرت أنها نصف مليونيرة حتى ولو كان الفرنك يعادل مليما واحدا، وعلى الفور استبدلت ملابسها وأسرعت إلى محلات الملابس لتشتري في ساعة واحدة ثيابا بـ500 جنيه، وعادت إلى الفندق وحزمت أمتعتها وأعطت الخدم بقشيشا، واستقلت سيارة أجرة إلى المطار، وعندما وصلت فتحت حقيبتها ولم تجد ما تدفعه لسائق الأجرة، فوقفت وهي مرتبكة، فإذا برجل مصري كانت تعرفه يدخل المطار، فنادت عليه ليخرجها من ورطتها، وبالفعل أنقذ المصري الكريم، مليونيرة الثلاث ساعات.