كتبت : نيفين الزهيري
منذ الأول من يناير الماضي وتحديدا مع بداية موسم توزيع الجوائز في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعرف تحت اسم " الطريق إلي الأوسكار"، اتخذ الفنانون والعاملون في هوليوود، وتحديدا الرافضين لسياسات الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب حفلات توزيع الجوائز الكبري التي أقيمت في هوليوود الفترة الماضية كمنصات للإعلان عن رفضهم للقرارات التي يفاجئهم بها ترامب طوال الوقت، ومن المنتظر أن يكون حفل الأوسكار اليوم من أكبرها وأقوها علي الإطلاق، وبالتالي ستكون هوليوود خلال الفترة القادمة الصوت المعارض باستمرار وبشدة لترامب ومايقدم عليه من قرارات.
فمنذ فترة في حفل الغذاء السنوي الذي يقام للمرشحين للحصول على جوائز أوسكار لعام 2017، دعت رئيسة المنظمة المسئولة عن جوائز الأوسكار إلى التنوع وحرية التعبير قائلة إنه يتعين على الولايات المتحدة عدم وضع العراقيل في طريق الفنانين من مختلف أرجاء العالم.
وأضافت تشيرلي بون إيزاكس رئيسة أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة يوم الاثنين مخاطبة 165 من الممثلين وصناع السينما المرشحين لجوائز الأوسكار قائلة: إن هناك "صراعا عالميا اليوم بشأن حرية الفن يبدو أكثر إلحاحا من أي وقت مضى منذ خمسينيات القرن الماضي في إشارة فيما يبدو إلى قوائم مناهضة الشيوعية في ذلك الوقت، وأشارت إلى وجود "بعض المقاعد الشاغرة في الحجرة مما جعل فناني الأكاديمية يتحولون إلى نشطاء
فقال المخرج الإيراني أصغر فرهدي والممثلة الإيرانية ترانه عليدوستي بطلة فيلمه "The Salesman" المرشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي أنهما سيقاطعان حفل توزيع جوائز الأوسكار احتجاجا على القيود التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الإيرانيين ومواطني ست دول أخرى تقطنها أغلبية مسلمة.
ومن بين المرشحين الآخرين لجوائز الأوسكار الذين يواجهون صعوبة في السفر إلى لوس أنجلوس لحضور الاحتفال صناع فيلم "الخوذ البيضاء" وهو فيلم وثائقي عن موظفي الإغاثة في سوريا، إلا أن المنتجة جوانا ناتاسيجارا قالت إن رائد الصالح مدير الخوذ البيضاء والمصور السينمائي خالد خطيب حصلا على تأشيرتي سفر إلى الولايات المتحدة لحضور الحفل، وتابعت "لديهما الآن تأشيرتا سفر ساريتان لا نزال نتحلى بالحذر بشأن إجراءات دخول البلاد. لا تزال الأمور مبهمة للغاية حتى هذه اللحظة لكن جرى إبلاغنا أنه يمكنهما الدخول."
منارة لا عقبة
ولم تذكر إيزاكس بشكل مباشر القيود على السفر لكنها قالت "يتعين أن تكون أمريكا دائما منارة لا عقبة.. سنتصدى لكل من يحاول تقييد حريتنا في التعبير، نتحدث ضد الذين يحاولون وضع العراقيل فإننا ندعم هذه الحقيقة المهمة - وهي أن كل الفنانين في مختلف أرجاء العالم متصلون برباط قوي يتعلق بإبداعنا وإنسانيتنا."
وجاءت كلمة إيزاكس في أعقاب كلمات نارية ألقاها مشاهير في احتفالات تسليم جوائز في الفترة الأخيرة منهم ميريل ستريب ومادونا والين ديجينيريس أدانوا فيها حظر السفر أو دافعوا عن الحقوق المدنية وحقوق المرأة أو انتقدوا سلوك ترامب.
وأشارت إيزاكس وهي أمريكية من أصل إفريقي كذلك إلى جهود الأكاديمية لتعزيز التنوع بين صفوفها. فبعد عامين متتاليين كان فيها كل الممثلين المرشحين للجوائز وعددهم 20 من البيض أصبح هناك سبعة ملونين هذا العام بين الممثلين المرشحين لجوائز الأوسكار.
رد جماعي
في الوقت نفسه استعدت هوليوود لرد جماعي على سياسات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بالتخطيط لتجمع حاشد قبل حفل جوائز الأوسكار وتشكيل جماعة تحرك سياسي فيما ينقل الوسط الفني من الخطابات الغاضبة إلى الأفعال، حيث قالت وكالة المواهب (دبليو.إم.إي-أي.إم.جي) التي تمثل موسيقيين وممثلين وكتابا ورياضيين إنها بصدد تشكيل لجنة وطنية للحراك السياسي.
وفي مذكرة لموظفيها قالت الوكالة وهي واحدة من أكبر وكالات المواهب في هوليوود إنها تعتزم أيضا تطوير "حلول قابلة للتنفيذ في مجال السياسة العامة" وخلق قنوات اتصال بين عملائها وسياسيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي وستدعم التبرع بالوقت والمال من الموظفين، ولم يرد في المذكرة التي نشرتها رويترز أي ذكر لترامب كما تتفادى اتخاذ موقف سياسي مباشر.
لكنها تضيف بأن "أعظم ما تملكه هذه الشركة هو تنوع خلفياتنا ومعتقداتنا. وقالت: أرجوكم اعلموا أننا سنبذل كل ما في وسعنا لدعم وحماية هذا التنوع الآن وفي الشهور والسنوات المقبلة."
تجمع حاشد
فيما ألغت وكالة أخرى للمواهب هي يونايتد تالنت حفلها السنوي بمناسبة الأوسكار ونظمت بدلا من ذلك تجمعا حاشدا في بيفرلي هيلز لمدة يومين قبل حفل توزيع جوائز الأوسكار ي للاحتجاج على "المشاعر المعادية للمهاجرين" في الولايات المتحدة، وقال جيريمي زيمر الرئيس التنفيذي للوكالة في بيان "إذا لم تعد أمتنا مكانا يستطيع الفنانون من جميع أنحاء العالم القدوم إليه للتعبير عن أنفسهم فمن وجهة نظري لن نكون أمريكا،وذكرت الوكالة أنها ستتبرع أيضا بمبلغ 250 ألف دولار للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية ولجنة الإنقاذ الدولية.
أمريكا رحيمة
وكان نجوم هوليوود بدأوا في الإعلان عن اعتراضهم علي ما يقوم به ترامب فقالت الممثلة والناشطة المدافعة عن حقوق الإنسان إنجلينا جولي إن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويقضي بمنع دخول المسافرين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة يضر باللاجئين الضعفاء وقد يؤجج التطرف، ودون ذكر اسم ترامب صراحة قالت جولي التي كانت مبعوثة خاصة للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين في مقالة رأي بصحيفة نيويورك تايمز إن التمييز على أساس الدين "لعب بالنار".
وأضافت أنها كأم لستة أطفال "ولدوا جميعا في أراض أجنبية... وهم مواطنون أمريكيون يشعرون بالفخر" فإنها تؤمن بالحاجة إلى الأمن بالبلاد لكنها قالت إن القرارات يجب أن "تستند إلى الحقائق لا الخوف"، وكتبت "أريد أيضا أن أعلم أن الأطفال اللاجئين المؤهلين للحصول على اللجوء ستكون دائما لديهم فرصة لتقديم قضيتهم إلى أمريكا رحيمة. وأن بإمكاننا إدارة أمننا دون شطب مواطنين من دول كاملة - حتى الرضع ... على أساس الجغرافيا أو الدين."
كلووني والفاشي
بينما عبر جورج كلووني عن رفضه لما يقوم به ترامب أثناء عرض فيلم "القبعات البيض" الوثائقي، الذي يتحدث عن طواقم الإنقاذ السورية، قال كلوني إنه "يعمل على الاتفاق مع منتجي الفيلم الوثائقي لتطويره إلى آخر سينمائي"، مشيرا إلى أنه سيحرص على أن يعمل فيه أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين، تعبيرا عن دعمه لهم في مواجهة قرارات ترامب، وأضاف كلوني في كلمة له في هذه المناسبة، "لا أدعم ترامب ولا أظن أنه خيار جيد"، وعبر كلوني في أكثر من مناسبة عن رفضه لخطاب ترامب، ووصفه في حوار مع صحيفة "الجارديان" البريطانية، العام الماضي، بـ"الفاشي الذي يعاني منا رهاب الأجانب".
الحاقد الوحيد
أما الكاتب والمؤلف الأمريكي، براندون سانتون، قال في رسالة مفتوحة للرئيس ترامب "لقد حاولت جاهدا أن أبتعد عن السياسة، على أساس أن الوقت غير مناسب للوقوف في طرف دون الآخر، ولكنني أدركت أخيرا أنه يجب في كل وقت رفض العنف والإجحاف"، في إشارة إلى قرارات الرئيس بحق المسلمين، ولكنه قال في رسالته لصحيفة "أمني" الأمريكية "لقد رأيتك تدافع عن التعذيب، وعن قتل عوائل الإرهابيين، لقد رأيتك تخبر بسعادة عن قصص إعدام مسلمين برصاص ملوث بدماء خنازير، لقد رأيتك تصف اللاجئين بالأفاعي، وسمعتك تدعي أن الإسلام يكرهنا".
ونبه سانتون، الذي تعد كتبه الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة، إلى أنه عقد المئات من المقابلات مع مسلمين من إيران والعراق وباكستان في الولايات المتحدة، والمئات من اللاجئين السوريين المقيمين في سبع دول مختلفة، توصل منها جميعا إلى أن "الحاقد الوحيد هو أنت (ترامب)".
لن يفرقنا
والنجم العالمي شيا لابوف فقد فقرر المشاركة بشكل مختلف للإعلان عن رفضه واحتجاجه علي ما يقوم به ترامب من خلال معرض حمل عنوان " لن يفرقنا" في متحف بمدينة نيويورك، ولكنه أغلق بسبب تهديدات بالعنف ولأنه يعرض السلامة العامة للخطر، حيث كان لابوف وفنانان آخران وضعوا كاميرا تسجل بثا مباشرا خارج متحف (ذا موفينج إيميدج) في منطقة كوينز وشجعوا الناس على تكرار عبارة "لن يفرقنا" أمام الكاميرا. وكان من المزمع أن يستمر المعرض حتى انتهاء فترة ولاية ترامب ومدتها أربعة أعوام.
وقالت الشرطة إنه تم القبض على لابوف بعد مشادة بينه وبين شاب يبلغ من العمر 25 عاما عند المتحف. وأضافت أن تقارير أفادت بأن لابوف جذب وشاح الرجل وخدش وجهه ودفعه، وقال المتحف في بيان إن وجود الكاميرا "تسبب في مخاطر كبيرة ومستمرة على السلامة العامة"، وتابع "بدأ وضع الكاميرا بصورة بناءة لكن تدهور الأمر كثيرا بعد أن أُلقي القبض على أحد الفنانين في المكان مما استدعى في النهاية اتخاذ مثل هذا الإجراء.
وأضافت "أثناء وجود الكاميرات وجهت عشرات التهديدات بالعنف ووقعت اعتقالات عديدة لدرجة أن الشرطة شعرت أنها مضطرة للتمركز عند الكاميرا لمدة 24 ساعة يوميا طوال الأسبوع"، وكُتب لابوف على الموقع الإلكتروني للمعرض تخلى متحف ذا موفينج إيميدج عن المشروع.. إلا أن الفنانين لم يتخلوا عنه."