الجمعة 17 مايو 2024

تجربة رائدة لماليزيا مع شبح الفقر

6-3-2017 | 14:23

بتجربة فريدة ورائدة تمكنت ماليزيا من محاربة شبح الفقر والقضاء عليه تمامًا، حيث قلبت الموازين بتعديل رقم معدل الفقر من 60% إلى 0.6%، فى ظرف أربعة عقود.

 

أكد رئيس الوزراء الماليزى محمد نجيب عبدالرازق أن هذه الأرقام مثيرة للإعجاب، قائلاً: إن النسبة كانت تتجاوز الـ60% عند الحصول على الاستقلال، وانخفضت فى عام 2015 إلى مستوى متدنٍ جدا يبلغ 0,6%، فالفقر انخفض بشكل كبير للغاية".

 

وأرجع رئيس الوزراء الماليزى الفضل فى ذلك إلى التركيز الدائم على تحقيق النمو شريطة ارتباطه بالعدل، وأردف، قائلاً: "علينا أن نضمن أن النمو متوازن ويستفيد منه الجميع من دون تهميش لأى مواطن".

 

وكشف عبدالرزاق عن الخطة السحرية للتجربة الماليزية فى النمو الاقتصادى، مؤكداً أن بلاده استفادت من التجربة اليابانية والكورية فى التنمية، خاصة أن لهاتين التجربتين قصص نجاح فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى.

 

كما لفت إلى أن ماليزيا ما زالت ترسل بعثات تعليمية لليابان وكوريا الجنوبية، لنقل الخبرات والاستفادة من تقدم هاتين الدولتين.

 

 

رئيس يبدأ حياته ببائع موز

يعود الفضل الأكبر فى نهضة ماليزيا الحديثة للدكتور ماهتير محمد الذى بدأ حياته فى العمل كبائع "موز" بالشارع حتى حقق حلمه، ودخل كلية الطب فى سنغافورة المجاورة، ويصبح رئيساً لاتحاد الطلاب المسلمين بالجامعة قبل تخرجه عام 1953، ليعمل طبيبا فى الحكومة الإنجليزية المحتلة لبلاده حتى استقلت ماليزيا فى 1957، ويفتح عيادته الخاصة كـ"جراح" ويخصص نصف وقته للكشف المجانى على الفقراء.

 

ويفوز مهاتير بعضوية مجلس الشعب عام 1964 ويخسر مقعده بعد 5 سنوات، فيتفرغ لتأليف كتاب عن "مستقبل ماليزيا الاقتصادى" فى 1970، ويعاد انتخابه "سيناتور" عام 1974 ويتم اختياره وزيراً للتعليم فى 1975، ثم مساعداً لرئيس الوزراء فى 1978، ثم رئيساً للوزراء عام 1981، لتبدأ النهضة الشاملة التى قال عنها فى كلمته بمكتبة الإسكندرية إنه استوحاها من أفكار النهضة المصرية على يد محمد على.

 

ماذا فعل هذا الرجل فى 21 عاما؟

 

- رسم خريطة لمستقبل ماليزيا حدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج، التى يجب الوصول إليها خلال 10 سنوات، وبعد 20 سنة حتى 2020!

 

- قرر أن يكون التعليم والبحث العلمى هما الأولوية الأولى على رأس الأجندة، وبالتالى خصص أكبر قسم فى ميزانية الدولة ليضخ فى التدريب والتأهيل للحرفيين، والتربية والتعليم، ومحو الأمية، وتعليم الإنجليزية، وفى البحوث العلمية، كما أرسل عشرات الآلاف كبعثات للدراسة فى أفضل الجامعات الأجنبية.

 

- أعلن للشعب بكل شفافية خطته واستراتيجيته، وأطلعهم على النظام المحاسبى، الذى يحكمه مبدأ الثواب والعقاب للوصول إلى "النهضة الشاملة"، فصدقه الناس ومشوا خلفه ليبدأوا "بقطاع الزراعة"، فغرسوا مليون شتلة فى أول عامين لتصبح ماليزيا أولى دول العالم فى إنتاج وتصدير "زيت النخيل".

 

- فى السياحة قرر أن يكون المستهدف فى عشر سنوات هو 20 مليار دولار بدلاً من 900 مليون دولار عام 81، لتصل الآن إلى 33 مليار دولار سنوياً.

 

- وفى قطاع الصناعة: حققوا فى عام 96 طفرة تجاوزت 46% عن العام السابق بفضل المنظومة الشاملة والقفزة الهائلة فى الأجهزة الكهربائية، والحاسبات الإلكترونية.

 

- وفى النشاط المالى: فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية لبناء أعلى برجين توأم فى العالم 65 مركزاً تجارياً فى العاصمة كوالالمبور وحدها، وأنشأ البورصة التى وصل حجم تعاملها اليومى إلى ألفى مليون دولار يومياً.

 

- وأنشا أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض، أصبحت ضمن أهم خمسمائة جامعة فى العالم يقف أمامها شباب الخليج بالطوابير، كما أنشأ عاصمة إدارية جديدة‏ بجانب العاصمة التجارية "كوالالمبور".

 

من أسفل سافلين لقمة الدول الناهضة

استطاع مهاتير من عام81 إلى 2003 أن يحلق ببلده من أسفل سافلين لتتربع على قمة الدول الناهضة، التى يشار إليها بالبنان، بعد أن زاد دخل الفرد من 100 دولار سنوياً فى 81 عندما تسلم الحكم إلى 16 ألف دولار سنوياً، وأن يصل الاحتياطى النقدى من 3 مليارات إلى 98 ملياراً، وأن يصل حجم الصادرات إلى 200 مليار دولار، فلم يتعلل بأنه تسلم الحكم فى بلد به 18 ديانة، ولم يعاير شعبه بأنه عندما تسلم الكرسى فى 81 كان عددهم 14 مليوناً، والآن أصبحوا 28 مليوناً، ولم يتمسك بالكرسى حتى آخر نفس أو يطمع فى توريثه.

 

ترك السلطة

"فى 2003 وبعد 21 سنة، قرر بإرادته المنفردة أن يترك كرسى السلطة رغم كل المناشدات، ليستريح تاركاً لمن يخلفه "خريطة" و"خطة عمل" اسمها "عشرين، عشرين" أى شكل ماليزيا عام 2020 والتى ستصبح رابع قوة اقتصادية فى آسيا بعد الصين، واليابان، والهند.