توالت التطورات في الأراضي السورية على خلفية المواجهات الدامية التي نشبت بين مجموعات بدوية ودرزية في السويداء جنوبي البلاد، وهو ما اتخذت منه إسرائيل ذريعة لضرب أهداف استراتيجية في البلاد.
واستمرت الأوضاع في أخذ اتجاه التصعيد، بعد الانتهاكات التي ارتُكبت من قبل مجموعات وُصفت بأنها "خارجة عن القانون" ضد عشائر البدو في محافظة السويداء، ما دفع القبائل العربية إلى إعلان النفير العام لنجدة هذه العشائر.
وكان يُعتقد أن الأزمة انتهت بعد وقف إطلاق النار، الذي أُعلن التوصل إليه الأربعاء، غير أنه سقط سريعًا بسبب هذه الانتهاكات.
50 ألف مقاتل
وكشف مصدر في قوات العشائر، لوكالة الأنباء الألمانية، أن عدد مقاتلي العشائر المشاركين في الهجوم يتجاوز 50 ألف مقاتل.
ولفت المصدر إلى أن عشرات الآلاف ينتظر وصولهم فجر اليوم الجمعة، قادمين من مناطق شرق سوريا ومحافظة حلب وريفها.
ووفقًا له، فإن 41 قبيلة وعشيرة تشارك في المعارك، وهذه العشائر تشكل أكثر من 70 بالمائة من سكان سوريا، حسب زعمه.
مضيفًا أن "قبائل عربية في العراق والأردن ولبنان تستعد للتوجه إلى السويداء بعد مناشدة أبناء العشائر ملك الأردن عبد الله الثاني وشيوخ قبائل الأنبار في العراق"، حسب قوله.
كانت وكالة الأنباء السورية "سانا" قد أفادت بحصول حركة نزوح وتهجير قسري لعشائر البدو في ريف السويداء، وذلك عقب اعتداءات نفذتها مجموعات خارجة عن القانون ضد المدنيين، فضلًا عن ارتكاب مجازر وانتهاكات بحقهم.
وحسب ما أورده إعلام سوري عن مصادر، فإن هذه الاعتداءات أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص من عشائر البدو، فيما هُجّر الآلاف من قراهم وأُحرقت منازلهم.
جرائم مروعة
وفي بيان صادر مساء أمس، أفادت الرئاسة السورية بارتكاب المجموعات الخارجة عن القانون جرائم مروعة بحق المدنيين في السويداء، وذلك عقب انسحاب قوات الجيش والأمن الداخلي من المحافظة، مؤكدة على محاسبة جميع المتورطين في تلك الجرائم.
وسحبت الرئاسة السورية القوات العسكرية من السويداء، بناءً على تفاهم واضح يقضي بالتزام القوات الخارجة عن القانون بعدم اللجوء إلى الانتقام أو استخدام العنف ضد المدنيين، حسب ما جاء في البيان.
غير أن هذه المجموعات باشرت في تنفيذ جرائم مروعة تهدد بشكل مباشر السلم الأهلي وتدفع باتجاه الفوضى والانهيار الأمني.
في غضون ذلك، تتجهز وزارة الداخلية لإعادة الانتشار في مدينة السويداء، لفض الاشتباكات بين قوات العشائر والفصائل المحلية في السويداء، حسب ما أعلنه المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا.
وتحدث إعلام سوري عن أن أرتالًا من قوات الأمن الداخلي تتواجد في هذه الأثناء على أطراف مدينة السويداء، وتستعد للدخول كقوات فض اشتباك بين قوات العشائر والفصائل المحلية.
يأتي ذلك في وقت نجح فيه مقاتلو العشائر في السيطرة على عدد من القرى والبلدات في السويداء، حسب إعلام سوري.
وعلى الجانب الإنساني، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن السويداء تشهد تفاقمًا في الأوضاع الإنسانية، وذلك مع انقطاع شبه كامل للمياه وندرة في المواد الغذائية والأدوية، ما دفع الأهالي إلى المطالبة بفتح معبر إنساني عاجل لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
قصف إسرائيلي
أثناء ذلك، استهدفت طائرات مسيرة إسرائيلية بأربع غارات مواقع داخل السويداء، فجر اليوم الجمعة، وفقًا للمصدر ذاته.
وتبرر إسرائيل هجماتها التي أُدينت على نطاق واسع بأنها تأتي لحماية "الدروز"، وهي ذات الحجة التي تبرر بها رغبتها بجعل جنوب سوريا منزوع السلاح.
وبدوره، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، أنه لا يخشى الحرب مع إسرائيل، غير أنه يُغلّب المصلحة الوطنية.
واتهم الشرع إسرائيل بأنها تسعى إلى تحويل الأراضي السورية إلى أرض نزاع وتفكيكها منذ سقوط نظام بشار الأسد، نهاية العام الماضي.