طرحت شبكة "إن بي آر" الإخبارية الأمريكية تساؤلا عما إذا كانت الولايات المتحدة عازمة على اللحاق بركب بريطانيا في تخفيض سن التصويت الانتخابي من 18 إلى 16 عامًا ؟..واصفة الخطوة البريطانية المرتقبة بأنها "زلزال ديمقراطي"، ضمن حزمة من الإصلاحات تهدف لتحديث الديمقراطية في البلاد.
وأفادت الشبكة في تقرير لها أن الإصلاحات، التي كشفت عنها نائبة رئيس الوزراء البريطاني أنجيلا راينر أول أمس الخميس ، تشمل أيضًا السماح باستخدام البطاقات البنكية كوسيلة لإثبات الهوية عند الاقتراع وتشديد القواعد المتعلقة بالتبرعات السياسية. لكن القرار الأبرز يتمثل في منح نحو 1.6 مليون مراهق من سن 16 و17 عامًا حق التصويت في الانتخابات العامة المقبلة، التي يجب إجراؤها بحلول أغسطس 2029، أو قد تُعقد قبل ذلك بقرار من رئيس الوزراء.
وعلقت راينر حول هذا القرار قائلة: "لا يمكننا أن نأخذ ديمقراطيتنا كأمر مسلم به، ومن خلال حماية انتخاباتنا من التلاعب وتعزيز المشاركة، سنتمكن من تقوية أسس مجتمعنا للمستقبل".
وأشار التقرير إلى أن حزب العمال، الذي قاد هذه الإصلاحات وكان قد تعهد بها في حملته الانتخابية الأخيرة، خاض حملةً انتخابيةً جزئية في العام الماضي وكانت نسبة المشاركة لم تتجاوز 59.7%، وهي الأدنى منذ عام 2001، غير أنه يمتلك أغلبية مريحة في مجلس العموم، ما يجعل تمرير القانون شبه مؤكد. أما مجلس اللوردات، فعادة لا يعرقل مشاريع القوانين التي وُعد بها الناخبون.
وأفاد التقرير أيضًا أن أسكتلندا وويلز تسمحان بالفعل لليافعين بالتصويت في بعض الانتخابات المحلية، فيما ستجعل هذه الخطوة بريطانيا جزءًا من قائمة صغيرة لكن متنامية من الدول التي خفّضت سن التصويت، مثل النمسا والبرازيل وكوبا والإكوادور واليونان وإندونيسيا.
وبينما يبقى أكثر من 90% من دول العالم متمسكة بسن 18 عامًا كحد أدنى للتصويت، تُثار تساؤلات في الولايات المتحدة: هل يمكن أن تُقدم واشنطن على خطوة مماثلة، خاصة مع تراجع نسب المشاركة الانتخابية بين الشباب والجدل المستمر حول إشراك الأجيال الجديدة في صناعة القرار؟.
وذكر التقرير أن ثلث الولايات الأمريكية تسمح بالفعل لمن هم في سن السابعة عشرة بالتصويت في الانتخابات التمهيدية إذا كانوا سيبلغون الثامنة عشرة بحلول موعد الانتخابات العامة. كما تسمح 12 مدينة أمريكية - معظمها في ماريلاند - لمن لا تتجاوز أعمارهم ال16 بالتصويت، سواء في انتخابات مجالس المدارس أو في جميع الانتخابات المحلية، وفقًا للجمعية الوطنية لحقوق الشباب، التي تدافع عن حقوق الشباب.
من جانبه، أبدى ألبرتو ميدينا، قائد فريق الاتصالات في مركز المعلومات والبحوث الخاصة بالتعلم والمشاركة المدنية "CIRCLE"، وهو برنامج تابع لجامعة تافتس يركز على الحياة السياسية للشباب في الولايات المتحدة، تفاؤله لرؤية بريطانيا تُوسّع نطاق صوت الشباب ومشاركتهم في العملية السياسية.
وقال ميدينا : "من المثير للاهتمام أن نرى هذا يحدث على المستوى الوطني. وأعتقد أنه أمر يستحق الاهتمام بالتأكيد بينما نفكر في كيفية مواصلة تحسين مشاركة الشباب هنا في الولايات المتحدة".
ويتمثل النقد العام- حسبما أبرز التقرير- في أن الشباب في سن السادسة عشرة ليسوا ناضجين بما يكفي للمشاركة في الانتخابات، سواء من حيث نمو الدماغ أو المعرفة السياسية، كما أن هذا الملف يعد شائكًا من الناحية السياسية خاصة من منطلق المخاوف من أن يُفضّل الناخبون الأصغر سنًا الأحزاب الليبرالية على المحافظين، بما يتماشى مع التوجهات الحديثة للأجيال الصغيرة.
ومع ذلك، يُشير ميدينا إلى أن الأمر ليس بهذه البساطة، خاصةً في الولايات المتحدة: فبينما كان الناخبون الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا معقلًا للديمقراطيين منذ فترة طويلة، إلا أنهم يميلون بشدة نحو الرئيس ترامب في عام 2024.
ويقول مؤيدو خفض سن الاقتراع إن الشباب في سن 16 عامًا "قد يكونوا على دراية مُساوية أو حتى أفضل من الناخبين الآخرين لأنهم في المدرسة، حيث يُمكنهم التعرّف على الانتخابات ومناقشة الأحداث الجارية والحصول على الدعم للتسجيل".
كما يشير هؤلاء إلى أنه إذا كان بإمكان الشباب في سن 16 عامًا القيادة والعمل والانضمام إلى الجيش، فيجب أن يكونوا قادرين على الإدلاء بأصواتهم.
وأوضح ميدينا إلى أن حرب فيتنام، التي جُنّدت ملايين الأمريكيين في سن 18 عامًا، كانت عاملًا رئيسيًا في خفض سن الاقتراع من 21 إلى 18 عامًا عام 1971.
أما في المملكة المتحدة، فإنه يُسمح قانونيًا للشباب في سن السادسة عشرة بالانضمام إلى الجيش كجنود بشرط موافقة الوالدين والعمل بدوام كامل، مما يعني أن بعضهم يدفع الضرائب بالفعل، الأمر الذي مهد بالفعل لقبول التغييرات الأخيرة.
وبدوره، صرح رئيس الوزراء كير ستارمر أمس الأول: "أعتقد أنه إذا دفعتَ المال، فيجب أن تُتاح لك الفرصة لتحديد ما تريد إنفاق أموالك عليه، والطريقة التي ينبغي أن تتبعها الحكومة".
لكن المنتقدين، بمن فيهم أعضاء في حزب المحافظين، أشاروا إلى أن الشباب في سن السادسة عشرة لا يمكنهم قانونيًا شراء مشروب أو تذكرة يانصيب أو الزواج أو الترشح للمناصب المرموقة في البلاد وشككوا في أن التغيير سيدفع المزيد من الشباب إلى صناديق الاقتراع.
في الوقت نفسه، أظهر استطلاع رأي حديث أجرته شركة "ميرلين ستراتيجي" لصالح قناة "آي تي في نيوز" وشمل 500 شاب وشابة تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عامًا، أن 18% فقط قالوا إنهم سيصوتون بالتأكيد إذا أُجريت انتخابات في المستقبل القريب، لكن تأييد خفض سن التصويت كان أكثر تكافؤًا، حيث أيده 51%.