في ركنٍ هادئ، يجلس رجل يمسك بالقلم كما يمسك المايسترو بعصا القيادة، ليقود بأسلوبه الإبداعي مزيجًا فريدًا من الرمزية والواقعية، يتخلله الخيال والعمق دون تعقيد أو غموض، إنه توفيق الحكيم، رائد المسرح الذهني، ساحر الحروف الذي جعل من الكلمة عصا تحول الخيال إلى واقع يطرح أسئلة كبرى، وتشعر أن الفكرة ترتدي عباءة الدراما، وأن المسرح لا يحتاج إلى خشبة، بل إلى عقل وقلب وضمير، وكتب ببساطة راقية ووضوح فكري، ما جعل أعماله تقف عند عتبة التأمل دون أن تغرق في الغموض أو المبالغة.

توفيق الحكيم
وُلد توفيق الحكيم في 9 أكتوبر 1898، بالإسكندرية، كان ينتمي لأسرة ثرية، فكان والده ريفي ويعمل في السلك الفضائي فهو واحد من أثرياء الفلاحين، أما والدته فهي تركية أرستقراطية وابنة لأحد الضباط الأتراك المتقاعدين.
كانت والدته كثيرة التفاخر بأصلها وعائلتها العريقة، سعت بكل جهودها من أجل عزل ابنها عن الفلاحين، ومنعه من الاندماج أو اللعب مع الأطفال، فعاد ذلك عليه بالسلب فمال رويدًا رويًدا إلى العزلة والانطوائية.

مسيرته
درس الحكيم بمدرسة دمنهور الابتدائية، وألحقه والده بمدرسة حكومية في محافظة البحيرة أنهى بها دراسته الثانوية، ثم انتقل إلى القاهرة مع أعمامه، لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية، كان محبًا للأدب والفن فكان يتردد كثيرًا على فرقة جورج أبيض ليجد ما يرضى ميوله الفنية وزاد داخل نفسه انجذابه للمسرح، ثم انضم إلى كلية الحقوق حسب رغبة أبيه.
حصل الحكيم على بعثة دراسيه في باريس للحصول على الدكتوراه في الحقوق، وذلك بفضل مسانده أبيه فساهم بنفوذه واتصالاته لإلحاقه بالبعثة، ورُغم سفره للحصول على الدكتوراه بفرنسا إلا أن حبه للأدب والفن لم ينطفئ، فكان يزور متاحف اللوفر وقاعات السينما والمسرح، واكتسب من خلال ذلك ثقافة أدبية وفنية واسعة إذ اطلع على الأدب العالمي وفي مقدمته اليوناني والفرنسي.
وبسبب ولعه للفن والأدب انصرف عن دراسة القانون، واتجه إلى الأدب المسرحي والقصص، وتردد على المسارح الفرنسية ودار الأوبرا، استدعاه والده بعد ثلاث سنوات من إقامته هناك، وعاد الحكيم خالي الوفاض بدون الشهادة التي سافر من أجل الحصول عليها.
مسرحيات توفيق الحكيم
تميزت مسرحيات الحكيم بأسلوبه الإبداعي بالمزج بين الرمزية والواقعية على نحو فريد يتخلله الخيال والعمق دون تعقيد أو غموض، أما أسلوبه الأدبي يتميز بالوضوح وعدم المبالغة في الإغلاق أو الإغراق في الغموض.
ترك توفيق الحكيم العديد من مؤلفاته المسرحية ومنها: أهل الكهف، وشهرزاد، وعهد الشيطان، وسليمان الحكيم، والملك أوديب، وبجماليون، ورحلة إلى الغد، وإيزيس، ولعبة الموت، وشمس النهار، وغيرهم.

مؤلفات وأعمال توفيق الحكيم
أما قصصه ورواياته منها: القصر المسحور، وعودة الروح، وعصفور من الشرق، وليلة الزفاف، ويوميات نائب في الأرياف، والرباط المقدس، وعصا الحكيم.
وتحولت معظم أعمال الحكيم إلى سينمائية ومنها: رصاصة في القلب، الرباط المقدس، الأيدي الناعمة، ليلة زفاف، يوميات نائب في الأرياف، عصفور الشرق.
