في أجواء سادها التقدير والحفاوة، شهدت فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري تكريم الفنانة الكبيرة سميرة عبد العزيز، ضمن برنامج الندوات التي تحتفي برواد المسرح والفن. جاء هذا التكريم بحضور كوكبة من المسرحيين والنقاد والفنانين، الذين قدّموا شهادات مؤثرة عن مسيرتها الاستثنائية وإسهاماتها المتفردة.
أدار الندوة الكاتب والناقد باسم صادق، الذي استهلها بكلمة مؤثرة للكاتب والشاعر محمد بهجت، صاحب كتاب سميرة عبد العزيز.. ضمير المسرح المصري.
واستعرض بهجت كواليس تأليف الكتاب، مسترجعًا أول لقاء جمعه بالفنانة القديرة عندما شاركت بإلقاء قصيدة للأبنودي في أمسية شعرية بالمسرح القومي، لتكشف له حينها عن عمقها الإنساني والثقافي إلى جانب موهبتها التمثيلية الرفيعة.
وأشار «بهجت» إلى أن تعاونه مع سميرة عبد العزيز امتد لسنوات، من خلال أمسيات ثقافية متنوعة في البيوت الأثرية وقصور الثقافة، وصولًا إلى مشاركاتها المتميزة بدار الأوبرا، مؤكدًا أنها تجسّد مثالًا نادرًا للالتزام والجدية، تتعامل مع الفن كرسالة مقدسة لا تقل أهمية عن العلم والتربية. وفي ختام كلمته، قدّم بهجت قصيدة خصّ بها الفنانة القديرة، حظيت بتصفيق وإعجاب الحضور.
بدورها، أعربت الفنانة سميرة عبد العزيز عن بالغ سعادتها بهذا التكريم، مؤكدة أن الفن يشكل جوهر حياتها، وأنها مدينة لكل مخرج عملت معه بما أضافه إلى أدواتها وخبرتها الفنية.
وأكدت أنها كانت ولا تزال تعتبر العمل الفني عملًا جماعيًا يتطلب التزامًا كاملًا برؤية المخرج، إيمانًا منها بأن البصمة الإبداعية لكل مخرج تسهم في صقل أداء الممثل.
وتطرّقت سميرة عبد العزيز إلى أبرز محطات مشوارها، مبدية اعتزازها بتجربتها الإذاعية التي تَمثّلت في برنامج قال الفيلسوف، واصفة إياه بأنه «برنامج عمرها» الذي ظل علامة بارزة في الإذاعة المصرية لعقود.
وتحدّثت عن تجربتها الغنية في تجسيد أدوار الأم، موضحة أن دور الأم كان حاضرًا بقوة في مسيرتها، بدءًا من أدائها لشخصية أم الإمام الشعراوي وأم كلثوم، حيث كانت حريصة على كسر نمط التكرار من خلال البحث والتعمق في التفاصيل.
ولم تغفل سميرة عبد العزيز الحديث عن جذورها، مستذكرة دور والدها الذي كان معلّمًا للرياضيات ومحبًا للقراءة، وقد شجّعها على الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية بعد تخرجها الجامعي، إيمانًا بموهبتها.
وأشادت بتجربتها في عرض مخدة الكحل مع المخرج انتصار عبد الفتاح، الذي حصد جائزة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، مشيرة إلى أن العرض مثّل تجربة جماعية حقيقية مع جيل الشباب وشكّل لها محطة استثنائية.
وشهدت الندوة كلمات من عدد من الفنانين والمبدعين، بينهم وفاء الحكيم، وهاني كمال، وعزة لبيب، والصحفية أنس الوجود رضوان، الذين أجمعوا على أن سميرة عبد العزيز ستظل رمزًا للصدق الفني والالتزام الجمالي والإنساني. من جانبه، أكّد مدير المهرجان الفنان عادل عبده أن الفنانة الكبيرة حازت على أعلى نسبة أصوات من لجنة المكرمين، تقديرًا لإسهاماتها الثرية وتاريخها الحافل بالعطاء للمسرح المصري والعربي.