الجدير بالذكر أن الهدف الرئيسي للمجالس الحسبية هو حفظ وإدارة أموال القصر ( الأطفال الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد ) لحين بلوغهم السن القانوني الذي يسمح لهم بالتصرف في أموالهم بأنفسهم كما تهدف المجالس الحسبية إلى حماية أموال القصر من الضياع أو سوء الاستخدام من قبل الوصي أو الولي .
فواقعة وفاة الزوج وتركه لأبناء قصر تجد الأم نفسها وحيدة في مواجهة الحياة وتنتظرها رحلة طويلة من المعاناة في تحمل مسئوليتها كأب وأم في آن واحد غير أنها تواجه واقع غير محمود ولم يكن هو الذي أولاه القانون بالحماية لتجد نفسها في أروقة المجلس الحسبي للحصول على أموال اطفالها وتتحول إلى مجرد رقم في طابور القضايا المنظورة وتعانى طويلا كي تتمكن من الانفاق على أولادها وتدخل في سلسلة من المشاكل سواء للحصول على ما يكفيها أو الحصول على حقها في الوصاية على أموال أبنائها، فوفقا للقانون الحالي تكون الوصية للجد أولا وعليها أن تتقدم بطلب لانتزاع الوصاية منه إن لم يكن الأب قد حدد وصياً غيره قبل وفاته وهو ما لا يحدث بالطبع في الكثير من الأحوال .
وقد حدد المشرع كنوع من أنواع الحماية فخول النيابة الحسبية مهام ومسئوليات لتكون خط الدفاع الاول عن أموال القاصر والهدف من التشريع هو حماية أموال القاصر لذلك فرض الرقابة على التصرف في أمواله من جانب الوصي عن طريق المجالس الحسبية وترجع فكرة المجالس الحسبية الى 19 نوفمبر عام 1869 ومنذ ذلك التاريخ وحتى صدور القانون رقم 119 لسنة 1952 تلعب النيابة الحسبية دورا مهما في المحافظة على أموال القاصر من الضياع ولقد حدد القانون صاحب الولاية على القاصر فقد نصت المادة الاولى منه على أن للأب ثم للجد اذا لم يكن الأب قد اختار وصيا للولاية على مال القاصر، وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن المحكمة ويتضح من هذا النص أن المشرع قد استأثر بالأب والجد فقط دون باقي الأقارب في الولاية على أموال القاصر ولذلك يلزم لتولى الأم دور الوصاية على أبنائها القصر بعد وفاة والدهم تنازل الجد عنها ويتقدم الولي أو الوصي بطلب إلى النيابة الحسبية لتعيينه ويشترط في الوصي أن يكون عدلا كفؤ ذا أهلية كاملة وعلى الولي أو الوصي أن يحرر قائمة بما يكون للقاصر من مال أو ما يؤول إليه وأن تودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة التي يقع في دائرتها موطنه في مدى شهرين من بدء الولاية أو الوصاية أو من أيلولة هذا المال إلى الصغير حتى يتسنى للمجالس الحسبية مراقبة مال القاصر ودور المجالس الحسبية مهم جدا في شأن مراقبة تصرفات الولي أو الوصي على أموال القاصر إلا أن هناك بعض المعوقات التي تصطدم بها الأم دون غيرها بعد موت زوجها وترك أولاد قصر وتعيينها وصيه عليهم بلا أجر وتتمثل هذه المعوقات في قلة اعداد المختصين والخبراء وكثرة اعداد القضايا الولاية المالية على القصر ومن هنا تصبح الأم في مواجهة الطامة الكبرى بعد فقد شريك حياتها ومواجهة المشاكل الكبرى في بطء الاجراءات وتعقيدها لمواجهة النفقات الاساسية للقاصر فمثلا إذا ارادت الأم الحصول على أموال من أجل علاج صغيرها، فعليها أولاً أن تقدم اوراقاً رسمية بالنفقات لاعتمادها والتصديق عليها من جانب المجلس الحسبى وبعد ذلك صرفها من أموال القاصر الأمر الذى يستغرق وقتا ليس بالقليل مما يضطرها الى الاستدانة لعلاج صغيرها، واما الاجراءات الاكثر تعقيدا هو حال رغبة الام في بيع عقار مملوك للقاصر في حال وجود فرصة كبيرة لمصلحة القاصر فيستغرق هذا سنوات لأخذ موافقة المجلس الحسبى على البيع وهو ما يجعل الأموال في صورة المحجوز عليه، وهو ما يضطر البعض للتحايل والتلاعب واللجوء لحيل عدة مما يعرض الصغير والمال كله للضرر فمنذ تقديم الطلب الى النيابة الحسبية منذ قد يستغرق الأمر سنوات حتى يتم الموافقة عليه ناهيك عن الممتلكات التي تتعلق بالشركات أو الأنشطة التجارية التي قد يجهلها الولي أو الوصي على الأبناء ولكنه مضطر للانتظار حتى يتم الموافقة على التصفية أو البيع أو التنازل والذي قد يصدر القرار فيها بعد تكبدها خسائر قد تصل لفقدان المال نفسه نظرا لوقف النشاط والاستدانة بمصاريف التشغيل حتى نكون أمام واقع أن اصبحت الشركة أو الحصة أو النشاط التجاري الذي هو جزء من تركة المتوفي هي والعدم سواء بلا قيمة، لذا فإننا أمام واقع يستلزم التطوير من القانون ليكون وفق ما قصده المشرع المصري منه وتطوير المنظومة بشكل يتناسب مع أهمية وحجم هذه القضايا بالإضافة الى زيادة وتأهيل الخبراء لإنجاز عملية التقييم حتى تتماشى مع متطلبات القُصر وحتى لا يضطرا الوصي الى اخفاء بعض من أموال القاصر وعدم وضعها في قائمة الجرد مما يعرض الوصي الى العقوبات المنصوص عليها في القانون وهى عقوبة الامتناع عن تسليم أموال القُصر وتنص المادة 88 من القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل وصي انتهت نيابته إذا كان بقصد الاساءة قد امتنع عن تسليم أموال القاصر أو أوراقه لمن حل محله في الوصية وذلك إذا لم ينص القانون على عقوبة اشد.
فالتعديل التشريعي هو حاجه ملحة وضرورة لتصبح الإجراءات أكثر مرونة وتراعي التغيرات الاجتماعية وتطور وسائلها بما يحفظ حقوق القاصر ويسهل الإجراءات على الأمهات ففي النهاية لا أحد يتحمل مسئولية الأبناء أكثر من والدتهم ولن يكون هناك من هو اكثر منها حرصا على مصلحتهم ولابد من اصلاح منظومة الخلل وبطء الاجراءات وتعقيدها فالقوانين الحالية مر عليها اكثر من نصف قرن وهو ما تنتهجه الدولة المصرية من ثورة تشريعية لمواكبة التطور وما يتوافق مع الواقع .