الإثنين 28 يوليو 2025

مقالات

المجالس الحسبية بين بعد حماية مرجوة لأموال القصر وبين واقع مرير

  • 28-7-2025 | 15:16
طباعة

الجدير بالذكر أن الهدف الرئيسي للمجالس الحسبية هو حفظ وإدارة أموال القصر ( الأطفال الذين لم ‏يبلغوا سن الرشد بعد ) لحين بلوغهم السن القانوني الذي يسمح لهم بالتصرف في أموالهم بأنفسهم‎ كما تهدف المجالس الحسبية إلى حماية أموال القصر من الضياع أو سوء الاستخدام من قبل ‏الوصي أو الولي .‏

فواقعة وفاة الزوج وتركه لأبناء قصر تجد الأم نفسها وحيدة في مواجهة الحياة وتنتظرها رحلة طويلة ‏من المعاناة في تحمل مسئوليتها كأب وأم في آن واحد غير أنها تواجه واقع غير محمود ولم يكن هو ‏الذي أولاه القانون بالحماية لتجد نفسها في أروقة المجلس الحسبي للحصول على أموال اطفالها ‏وتتحول إلى مجرد رقم في طابور القضايا المنظورة وتعانى طويلا كي تتمكن من الانفاق على أولادها ‏وتدخل في سلسلة من المشاكل سواء للحصول على ما يكفيها أو الحصول على حقها في الوصاية ‏على أموال أبنائها، فوفقا للقانون الحالي تكون الوصية للجد أولا وعليها أن تتقدم بطلب لانتزاع ‏الوصاية منه إن لم يكن الأب قد حدد وصياً غيره قبل وفاته وهو ما لا يحدث بالطبع في الكثير من ‏الأحوال .‏

وقد حدد المشرع كنوع من أنواع الحماية فخول النيابة الحسبية مهام ومسئوليات لتكون خط الدفاع ‏الاول عن أموال القاصر والهدف من التشريع هو حماية أموال القاصر لذلك فرض الرقابة على ‏التصرف في أمواله من جانب الوصي عن طريق المجالس الحسبية وترجع فكرة المجالس الحسبية ‏الى 19 نوفمبر عام 1869 ومنذ ذلك التاريخ وحتى صدور القانون رقم 119 لسنة 1952 تلعب ‏النيابة الحسبية دورا مهما في المحافظة على أموال القاصر من الضياع ولقد حدد القانون صاحب ‏الولاية على القاصر فقد نصت المادة الاولى منه على أن للأب ثم للجد اذا لم يكن الأب قد اختار ‏وصيا للولاية على مال القاصر، وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بإذن المحكمة ‏ويتضح من هذا النص أن المشرع قد استأثر بالأب والجد فقط دون باقي الأقارب في الولاية على ‏أموال القاصر ولذلك يلزم لتولى الأم دور الوصاية على أبنائها القصر بعد وفاة والدهم تنازل الجد ‏عنها ويتقدم الولي أو الوصي بطلب إلى النيابة الحسبية لتعيينه ويشترط في الوصي أن يكون عدلا ‏كفؤ ذا أهلية كاملة وعلى الولي أو الوصي أن يحرر قائمة بما يكون للقاصر من مال أو ما يؤول ‏إليه وأن تودع هذه القائمة قلم كتاب المحكمة التي يقع في دائرتها موطنه في مدى شهرين من بدء ‏الولاية أو الوصاية أو من أيلولة هذا المال إلى الصغير حتى يتسنى للمجالس الحسبية مراقبة مال ‏القاصر ودور المجالس الحسبية مهم جدا في شأن مراقبة تصرفات الولي أو الوصي على أموال ‏القاصر إلا أن هناك بعض المعوقات التي تصطدم بها الأم دون غيرها بعد موت زوجها وترك أولاد ‏قصر وتعيينها وصيه عليهم بلا أجر وتتمثل هذه المعوقات في قلة اعداد المختصين والخبراء وكثرة ‏اعداد القضايا الولاية المالية على القصر ومن هنا تصبح الأم في مواجهة الطامة الكبرى بعد فقد ‏شريك حياتها ومواجهة المشاكل الكبرى في بطء الاجراءات وتعقيدها لمواجهة النفقات الاساسية ‏للقاصر فمثلا إذا ارادت الأم الحصول على أموال من أجل علاج صغيرها، فعليها أولاً أن تقدم اوراقاً ‏رسمية بالنفقات لاعتمادها والتصديق عليها من جانب المجلس الحسبى وبعد ذلك صرفها من أموال ‏القاصر الأمر الذى يستغرق وقتا ليس بالقليل مما يضطرها الى الاستدانة لعلاج صغيرها، واما ‏الاجراءات الاكثر تعقيدا هو حال رغبة الام في بيع عقار مملوك للقاصر في حال وجود فرصة كبيرة ‏لمصلحة القاصر فيستغرق هذا سنوات لأخذ موافقة المجلس الحسبى على البيع وهو ما يجعل ‏الأموال في صورة المحجوز عليه، وهو ما يضطر البعض للتحايل والتلاعب واللجوء لحيل عدة مما ‏يعرض الصغير والمال كله للضرر فمنذ تقديم الطلب الى النيابة الحسبية منذ قد يستغرق الأمر ‏سنوات حتى يتم الموافقة عليه ناهيك عن الممتلكات التي تتعلق بالشركات أو الأنشطة التجارية التي ‏قد يجهلها الولي أو الوصي على الأبناء ولكنه مضطر للانتظار حتى يتم الموافقة على التصفية أو ‏البيع أو التنازل والذي قد يصدر القرار فيها بعد تكبدها خسائر قد تصل لفقدان المال نفسه نظرا لوقف ‏النشاط والاستدانة بمصاريف التشغيل حتى نكون أمام واقع أن اصبحت الشركة أو الحصة أو النشاط ‏التجاري الذي هو جزء من تركة المتوفي هي والعدم سواء بلا قيمة، لذا فإننا أمام واقع يستلزم التطوير ‏من القانون ليكون وفق ما قصده المشرع المصري منه وتطوير المنظومة بشكل يتناسب مع أهمية ‏وحجم هذه القضايا بالإضافة الى زيادة وتأهيل الخبراء لإنجاز عملية التقييم حتى تتماشى مع متطلبات ‏القُصر وحتى لا يضطرا الوصي الى اخفاء بعض من أموال القاصر وعدم وضعها في قائمة الجرد ‏مما يعرض الوصي الى العقوبات المنصوص عليها في القانون وهى عقوبة الامتناع عن تسليم أموال ‏القُصر وتنص المادة 88 من القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد ‏على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل وصي انتهت نيابته إذا كان بقصد الاساءة قد امتنع ‏عن تسليم أموال القاصر أو أوراقه لمن حل محله في الوصية وذلك إذا لم ينص القانون على عقوبة ‏اشد‎.‎

فالتعديل التشريعي هو حاجه ملحة وضرورة لتصبح الإجراءات أكثر مرونة وتراعي التغيرات ‏الاجتماعية وتطور وسائلها بما يحفظ حقوق القاصر ويسهل الإجراءات على الأمهات ففي النهاية لا ‏أحد يتحمل مسئولية الأبناء أكثر من والدتهم ولن يكون هناك من هو اكثر منها حرصا على ‏مصلحتهم ولابد من اصلاح منظومة الخلل وبطء الاجراءات وتعقيدها فالقوانين الحالية مر عليها اكثر ‏من نصف قرن وهو ما تنتهجه الدولة المصرية من ثورة تشريعية لمواكبة التطور وما يتوافق مع الواقع ‏‎ .‎

أخبار الساعة

الاكثر قراءة