حدد الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش"، أربع أولويات رئيسية لخطة تنموية عادلة للدول النامية غير الساحلية، تتمثل في تسريع التنويع الاقتصادي والتحول الرقمي، وتعزيز التجارة والعبور والربط الإقليمي، وتعزيز العمل المناخي والقدرة على الصمود، وحشد التمويل والشراكات .
جاء ذلك في كلمته أمام أعمال المؤتمر الثالث للأمم المتحدة للدول النامية غير الساحلية المنعقد في مدينة أوازا بتركمانستان.
وشدد جوتيريش، حسبما ذكر مركز إعلام الأمم المتحدة، على أن نجاح الدول النامية غير الساحلية ضروري لنجاح خطة عام 2030 للتنمية المستدامة، مؤكدا على ضرورة تحويل الجغرافيا من حاجز إلى جسر يربط ليس فقط الأسواق، بل الشعوب والثقافات التي تمنح التنمية معناها.
وقال الأمين العام في افتتاح المؤتمر، إن الهدف هو تحديد الحلول التي يمكن أن تزيل الحواجز التي تواجهها هذه الدول وتُعيد الإنصاف إلى التنمية العالمية. وحث قادة العالم على إعادة التفكير في التنمية للدول غير الساحلية، حيث قال: "نجتمع اليوم لنؤكد حقيقة أساسية: المصير لا ينبغي أبدا أن تحدده الجغرافيا".
ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من بين 32 دولة نامية غير ساحلية، في جميع أنحاء العالم، تقع 16 منها في أفريقيا، و10 في آسيا، وأربع في أوروبا، واثنتان في أمريكا اللاتينية. وهي تشكل مجتمعةً موطنا لأكثر من 500 مليون شخص.
وحدد "جوتيريش"، "التحديات الهائلة" التي لا تزال الدول النامية غير الساحلية تواجهها – حواجز تجارية شديدة، وتكاليف نقل مرتفعة، ومحدودية الوصول إلى الأسواق العالمية. وحذر من أن عبء الديون على هذه الدول قد وصل إلى "مستويات خطيرة وغير مستدامة".
وأشار إلى أنه على الرغم من أن الدول النامية غير الساحلية تمثل سبعة في المائة من سكان العالم، إلا أنها لا تمثل سوى ما يزيد قليلا عن واحد في المائة من الناتج الاقتصادي والتجارة العالميين.
وقال الأمين العام: "هذا مثال صارخ على التفاوتات العميقة التي تُديم التهميش". وعزا ذلك إلى "هيكل اقتصادي ومالي عالمي غير عادل لا يعكس حقائق عالم اليوم المترابط"، بالإضافة إلى إرث الاستعمار.
وأوضح أن المؤتمر يهدف إلى إطلاق عقد جديد من الطموح – من خلال خطة عمل أوازا ونتائجها – وإطلاق العنان لإمكانات التنمية الكاملة للدول النامية غير الساحلية.
وتمثل خطة عمل أوازا - التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2024 التزاما عالميا متجددا ومعززا لدعم تطلعات التنمية للدول النامية غير الساحلية.
وكان رئيس تركمانستان، "سردار بيردي محمدوف"، سلط الضوء في كلمته، على المبادرات الوطنية لتعزيز التعاون الدولي في مجال الرعاية الصحية، والعمل المناخي، وحماية البيئة. ولفت الانتباه أيضا إلى التحديات الإقليمية مثل جفاف بحر آرال وانخفاض مستويات المياه في بحر قزوين، وهو أكبر مسطح مائي مغلق في العالم.
وفي كلمته، أشار رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة "فيليمون يانج" إلى "الموعد النهائي لخطة عام 2030 والذي يقترب بسرعة" ودعا إلى اتخاذ إجراءات حاسمة والتزام متجدد بالتعددية والقيم الأساسية.
وشدد على أن الركائز الثلاث لميثاق الأمم المتحدة – السلام والتنمية والكرامة الإنسانية – يجب أن تظل في صميم كافة الجهود، وأن الإجراءات يجب أن تعكس الوعد بعدم ترك أحد خلف الركب.
وفي إشارته إلى هشاشة الدول النامية غير الساحلية أمام تغير المناخ والتحديات الهيكلية، قال "يانج" إن هذه الدول "يجب ألا تفتقر أبدا إلى إمكانية الوصول إلى الفرص والازدهار والأمل".
ودعا إلى التضامن الدولي، والاستثمار في البنية التحتية، والتحقيق العملي لحرية العبور، كما أعلن أن الجمعية العامة قد أعلنت 6 أغسطس يوما دوليا سنويا للتوعية بالدول النامية غير الساحلية.
وأضاف "ستواصل الجمعية العامة العمل كمنصة عالمية لدعم هذه الدول"، مؤكدا أهمية رصد خطة عمل أوازا والتحضير لمراجعة رفيعة المستوى عام 2029.
ومن جهته، قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة "لوك بهادور ثابا"، أن المؤتمر يشكل "لحظة محورية" للدول الـ 32 غير الساحلية التي تسعى للتغلب على الحواجز الهيكلية أمام التنمية.
وأشار "ثابا" - وهو من نيبال الدولة غير الساحلية ومن بين أقل الدول نموا - إلى أن خطة عمل أوازا يجب أن تكون بمثابة "مخطط جريء وطموح وقابل للتنفيذ وموجه نحو المستقبل" لتحويل الضعف إلى فرصة لأكثر من 570 مليون شخص.
وشدد "ثابا" على ضرورة معالجة "التعقيد المتزايد وحجم وإلحاح" التحديات التي تواجه الدول النامية غير الساحلية، بما في ذلك ضائقة الديون، وتأثيرات تغير المناخ، وفجوات البنية التحتية.
كما أكد من جديد التزام المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتعزيز خطة عمل أوازا، متعهدا بدمج أولويات الدول النامية غير الساحلية مثل الأمن الغذائي، وتمكين الشباب، والقدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ عبر جميع مناقشات وعمليات المجلس الاقتصادي والاجتماعي.