التنوع الموسيقي في مهرجان القلعة يقدم العالم في تذكرة واحدة

في ظلال قلعة صلاح الدين الأيوبي الشامخة، تتردد أصداء الموسيقى مرة أخرى، لينطلق مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء في دورته الثالثة والثلاثين، ليقدم للجمهور المصري والعربي تحفة فنية استثنائية تمتد عبر تسع ليالٍ من الإبداع المتنوع، تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، وبتنظيم من دار الأوبرا المصرية، يبدأ المهرجان رحلته الفنية يوم الجمعة 15 أغسطس ويستمر حتى السبت 23 أغسطس 2025، في تجربة مكثفة تضم قرابة 18 حفلاً متنوعاً يشارك فيها فنانون من قارات مختلفة.

فرق موسيقية من العالم

يتميز مهرجان القلعة 2025 بتنوع موسيقي مذهل يجسد روح الانفتاح الثقافي، حيث يشهد المهرجان مشاركة فرق عالمية من بلدان بعيدة تحمل ألوان ثقافاتها الموسيقية، من كازاخستان، تقدم فرقة موسيقية تراثية تعكس عراقة آسيا الوسطى بألحانها الأصيلة، بينما تطل فرقة "لا أوزونا جيتيرا" من كولومبيا لتعطي أجواء القلعة نكهة أمريكا اللاتينية الحماسية بإيقاعاتها النابضة بالحياة.

هذا التنوع الجغرافي والثقافي يمنح المهرجان هويته الدولية المميزة، حيث تلتقي الحضارات في فضاء واحد، وتتحاور الثقافات بلغة الموسيقى العالمية التي لا تعرف حدوداً أو حواجز.

الجيل الجديد يقود المشهد

لا يكتفي مهرجان القلعة 2025 بالأسماء الراسخة في الساحة الفنية، بل يفتح أبوابه أمام المواهب الشابة التي تمثل مستقبل الموسيقى العربية، فريق "وسط البلد" يشارك بحضور لافت في الليلة الافتتاحية، حاملاً معه روح الشباب وطاقاته الإبداعية المتجددة.

كما يقدم المهرجان "فصل الإيقاع الشرقي" بمركز تنمية المواهب مع الفنان سعيد الأرتيست، في إشارة واضحة إلى التزام المهرجان بدعم وتنمية المواهب الناشئة وإتاحة المنصة لها للتألق أمام الجمهور العريض.

فرقة "كايرو كافيه" بقيادة الموسيقار علي شرف تمثل نموذجا آخر للفرق الشابة التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث تقدم ليلتين مختلفتين خلال المهرجان، مما يعكس الثقة في قدراتها الفنية وتنوع مخزونها الموسيقي.

كوكبة من النجوم المصريين

يضم مهرجان القلعة 2025 نخبة متميزة من نجوم الغناء المصري، حيث يطل علي الحجار بصوته الدافئ المميز مصحوبا بأوركسترا القاهرة السيمفوني تحت قيادة أحمد عاطف، في أمسية تجمع بين قوة الأداء وثراء التوزيع الموسيقي.

المطرب هشام عباس يحل ضيفا على المهرجان بحضوره المسرحي المتميز وأغانيه الشعبية التي تلامس وجدان الجمهور، بينما يقدم إيهاب توفيق باقة من أعماله المحبوبة التي ترسخت في ذاكرة عشاق الطرب المصري.

مصطفى حجاج، صاحب الصوت الرائع والحضور الآسر، يشارك في المهرجان حاملاً معه أحدث إنتاجه الفني، بينما تطل النجمة نسمة عبد العزيز لتضفي إبداعاتها الموسيقية على آلة الماريمبا الرقيقة في لمسة أنثوية راقية على أجواء المهرجان.

مدحت صالح، أحد رموز الطرب المعاصر، يقدم أمسية استثنائية بمصاحبة الفنان عمرو سليم وفرقته الموسيقية، في تعاون فني يعد الجمهور بليلة لا تُنسى من الطرب الأصيل.

الروحانيات والتراث الصوفي

يحتفظ مهرجان القلعة بطابعه الروحاني المميز من خلال استضافة أعلام الإنشاد الديني والتراث الصوفي، الشيخ ياسين التهامي، أحد أبرز أصوات الإنشاد المعاصر، يقدم أمسية روحانية تأخذ المستمعين في رحلة عبر التراث الصوفي العريق.

كما يقدم المهرجان ليلة استثنائية تحت عنوان "الصوفية والحداثة" يشارك فيها الموسيقار فتحي سلامة مع الشيخ محمود التهامي، في تجربة فنية تمزج بين عراقة التراث الصوفي وحداثة التوزيع الموسيقي، مقدمة نموذجا فريدا لكيفية إحياء التراث بروح عصرية.

فرقة كنعان: صوت فلسطين

في لفتة تضامنية وثقافية مهمة، يستضيف المهرجان فرقة كنعان للثقافة والفنون الفلسطينية، التي تقدم الفولكلور الفلسطيني الأصيل والتراث الشعبي الفلسطيني بكل ما يحمله من دلالات تاريخية وثقافية عميقة.

هذه المشاركة تعكس التزام المهرجان بالقضايا العربية وحرصه على إبراز الهوية الثقافية العربية في تنوعها وثرائها، كما تمنح الجمهور المصري فرصة للتعرف على جماليات الفن الفلسطيني الأصيل.

سمات الدورة الجديدة

تتميز الدورة الثالثة والثلاثون من مهرجان القلعة بعدة سمات استثنائية، فللمرة الأولى في تاريخ المهرجان، تقتصر فعالياته على تسع ليالٍ فقط بدلاً من الأسابيع المتعددة في الدورات السابقة، مما يجعل كل ليلة أكثر كثافة وتنوعاً.

يتضمن كل يوم من أيام المهرجان فاصلين موسيقيين: الأول من الساعة الثامنة حتى العاشرة مساءً، والثاني من العاشرة وحتى منتصف الليل، مما يضمن للجمهور أربع ساعات متواصلة من المتعة الفنية والتنوع الموسيقي.

يضم المهرجان قرابة 18 حفلاً متنوعاً عبر تسع ليالٍ، بمتوسط حفلين في الليلة الواحدة، يشارك فيه فنانون من خمس قارات مختلفة، ويتسع مسرح القلعة لأكثر من أربعة آلاف متفرج، سعر التذكرة محدد بمائة جنيه لليوم الواحد، مما يجعله في متناول شرائح واسعة من الجمهور، ولذلك يُطلق عليه "مهرجان الغلابة".