ذكرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، أنه في خضم الحرب التجارية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على العالم بأسره، ظهرت الصين كند للرئيس ترامب، حيث قررت قبول التحدي. ومنذ انطلاق ما تصفه بـ"يوم التحرير" في الثاني من أبريل الماضي، دأبت بكين على الرد على كل هجوم أمريكي بشكل مدروس بعناية. وحتى الآن، نجحت في ذلك، إذ ما تزال المواقف مجمدة في انتظار اتفاق ينتظر ترامب إبرامه بفارغ الصبر. ويبدو التباين واضحا مع أوروبا التي قبلت، بعد تصرفها بشكل استعراضي، فرض الرسوم الجمركية على منتجاتها بلا شروط.
وأضافت الصحفية- في افتتاحيتها- أن بروكسل لا تملك الأدوات نفسها التي تملكها بكين، وهذا صحيح. فعلى عكس رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، المضطرة لمراعاة مصالح سبعة وعشرين بلدا، يتخذ الرئيس الصيني شي جين بينج قراراته منفردا، واضعا في الاعتبار مصلحة بلاده فقط. كما يمتلك الرئيس الصيني ورقة قوية تتمثل في "المعادن النادرة"، وهي عناصر أساسية في صناعة مكونات التكنولوجيا والصناعة، والتي تحتكر الصين تقريبا إنتاجها عالميا، وبدونها يتعطل الاقتصاد الأمريكي.
وأِشارت إلى أن الأهم من ذلك أن الصين تتبنى استراتيجية بعيدة المدى. ففي الوقت الذي تضعف فيه أوروبا نفسها تحت إملاءات المنافسة الحرة والكاملة وتحت وطأة قوانينها الداخلية، يشكل العملاق الآسيوي نظامه العالمي الجديد من خلال توسع لا حدود له. ومن المفارقات أن ترامب، بدلا من إضعاف الصين بحربه التجارية، يفتح لها آفاقا جديدة.
وبينما يواصل ترامب معاقبة ثلاثة أرباع العالم بالرسوم الجمركية، توسع بكين شبكة شركائها في آسيا، وإفريقيا، وأمريكا الجنوبية، التي تغرقها بالمنتجات الصينية، بدءا بالسيارات، التي تتدفق أيضا إلى أوروبا. والنتيجة أن الصادرات الصينية خارج الولايات المتحدة لم تكن يوما بهذا الرخاء.
وخلصت الصحيفة الفرنسية، إلى أن السحر قد انقلب على الساحر فبينما كان ترامب يسعى من خلال حربه التجارية إلى إخضاع الصين، حققت بكين حتى الآن مكاسب غير مسبوقة تستحق أن تشكر ترامب عليها.