صدرت الترجمة الفرنسية لرواية "البحث عن خنوم" لمدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية الروائي وعالم الآثار الدكتور حسين عبد البصير، عن دار القاهرة الجديدة للنشر والتوزيع ، في خطوة تعزز حضور الأدب المصري المعاصر المستلهم من الحضارة الفرعونية في الساحة الثقافية العالمية ولدى القراء الفرنكوفونيين.
وتعد "البحث عن خنوم" واحدة من أبرز التجارب الروائية التي تعيد إحياء روح الأدب المصري القديم في سياق معاصر، وهي تنقل القارئ في رحلة أسطورية وفلسفية إلى عمق الحضارة المصرية، ويتداخل الخيال الأسطوري مع الحقائق التاريخية، وتتمازج الأسئلة الوجودية الكبرى مع تفاصيل الحياة اليومية في مصر القديمة.
وتدور أحداث الرواية في مصر القديمة خلال عصر الانتقال الثالث (1070-715 قبل الميلاد)، وتحديدًا في أوائل حكم الأسرة الحادية والعشرين، وهو عصر الثيوقراطية أو حكم الكهنة، حيث كان كهنة آمون رع يسيطرون على مقاليد الحكم ، في هذا الإطار الزمني المضطرب سياسيًا ودينيًا، تنطلق مجموعة من الشخصيات في رحلة محفوفة بالمخاطر من دلتا النيل شمالًا إلى أسوان جنوبًا، بحثًا عن الإله خنوم، سيد الشلالات الباردة ورب الخلق في الميثولوجيا المصرية القديمة.
وتبدأ الرحلة من مدينة أتريب، وتمر بمحطات تاريخية ومعابد شهيرة في أخميم ودندرة وطيبة وإسنا وجزيرة إلفنتين، قبل أن تعود مجددًا إلى العاصمة القديمة منف، في حركة دائرية رمزية تعكس بحثًا لا ينتهي عن الحقيقة والإله الواحد.
وتتميز الرواية بأسلوب الأصوات المتعددة، حيث تتناوب خمسة أصوات روائية على السرد، ما يمنح القارئ فرصة لرؤية الأحداث من زوايا مختلفة، ويجعله شريكًا فاعلًا في اكتشاف المعنى. وتأتي اللغة السردية ذات طابع شعري مكثف، مستلهمة روح أدب الحكمة والأناشيد الدينية وأساطير الخلق المصرية القديمة.
ويدمج المؤلف في النص هوامش بحثية تشرح المصطلحات والأماكن والشخصيات التاريخية، ما يمنح العمل عمقًا توثيقيًا يجمع بين الإبداع الروائي والدراسة الأكاديمية، في انعكاس مباشر لخبرة الكاتب كعالم آثار ومدير لمتحف الآثار في مكتبة الإسكندرية.
وتمثل هذه الترجمة نافذة جديدة لتعريف القارئ الفرنسي والأوروبي بوجه آخر من وجوه الأدب المصري، بعيدًا عن القوالب النمطية، حيث تقدم رواية تمزج بين السرد الفني المبتكر والمعرفة العميقة بالحضارة المصرية القديمة، وتفتح هذه الخطوة الباب أمام توسيع دائرة القراء والتفاعل النقدي مع عمل أدبي يعيد ربط الماضي السحيق بالحاضر، ويطرح أسئلة الخلق والوجود في سياق إنساني عالمي.