مزاعم جديدة وأوهام إسرائيلية رددها رئيس الوزراء الإسرائيلي بشأن ما وصفه بـ"إسرائيل الكبرى" وهي أكاذيب أكدت مصر رفضها، فيما قال سياسيون إنها أوهام إسرائيلية لا تجوز وتتطلب تحركاً وموقفًا موحدًا من الدول العربية لمواجهة هذا التهديد، في ظل محاولات الاحتلال تغيير المنطقة والعدوان على العديد من الدول العربية.
وأكدت جمهورية مصر العربية حرصها على إرساء السلام فى الشرق الأوسط، وتدين ما أثير ببعض وسائل الإعلام الإسرائيلية حول ما يسمى بإسرائيل الكبري، وطالبت بإيضاحات لذلك فى ظل ما يعكسه هذا الامر من إثارة لعدم الاستقرار وتوجه رافض لتبنى خيار السلام بالمنطقة والإصرار على التصعيد، ويتعارض مع تطلعات الأطراف الإقليمية والدولية المحبة للسلام والراغبة فى تحقيق الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.
كما أكدت مصر بأنه لا سبيل لتحقيق السلام الا من خلال العودة إلى المفاوضات وانهاء الحرب على غزة وصولا لإقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية على أساس حل الدولتين والقرارات الدولية ذات الصلة.
أوهام إسرائيلية
قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بما وصفه بـ"إسرائيل الكبرى"، تعبر عن أوهام إسرائيلية ولا يجوز على المستوى السياسي أو الدبلوماسي أو القانوني مثل هذه التصريحات والدعوات للاستيلاء على أراض من دول أخرى، فهذا مخالف لكافة قواعد القانون الدولي ويخالف مبدأ سيادة الدول على أراضيها وإقليمها.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذا يخالف أيضا مبدأ عدم الاعتداء على الغير، لكن الهدف من هذه التصريحات ربما يكون هو إرضاء الداخل الإسرائيلي، مشيرا إلى أن هذا الخطاب ربما يكن موجها للداخل الإسرائيلي في ظل حالة المعارضة والتظاهرات ضد الحكومة الإسرائيلية ورئيس الوزراء في الاحتلال.
وشدد على أنه في جميع الأحوال يجب أن تؤخذ هذه التصريحات على درجة كبيرة من الجدية بألا يتم التهاون أو التهويل من هذه التصريحات، مضيفا أنه يجب على أن يكن هناك استعدادًا دائمًا لكافة الاحتمالات ولأسوأ الاحتمالات.
وأكد "بدر الدين" أن الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية ثابت وراسخ، حيث أن القضية الفلسطينية تعد أحد المحاور المهمة لمصر في سياستها الخارجية، فمصر من أكبر الداعمين للحقوق الفلسطينية المشروعة منذ عام 1948 وحتى الآن وهذا الدعم المصري للفلسطينيين ظهر وتأكد في المأساة المستمرة بحق الشعب الفلسطيني في غزة في ظل العدوان على القطاع المستمر منذ ما يقرب من عامين.
ولفت إلى أن مصر تحركت على عدة مستويات، الإنساني، والسياسي، والدبلوماسي، والقانوني، والوساطة من خلال المفاوضات لإيجاد حل لهذه الأزمة، إلا أن هذا الجهد يقابل بشائعات ومحاولات تشكيك، موضحا أنه خلال المؤتمر الصحفي اليوم لوزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، أشاد الأخير بالدور المصري في هذا الملف، والوقوف حائطًا منيعًا في وجه مخططات تهجير الشعب الفلسطيني.
وأكد أن التواجد أمام معبر رفح يؤكد الجهد المصري في تقديم المساعدات وفتح المعبر باستمرار من الجانب المصري، في ظل التعنت والعرقلة الإسرائيلية لفتح الجانب الفلسطيني من المعبر لإدخال المساعدات.
مخطط إسرائيلي لإعادة هيكلة المنطقة
ومن جانبه، الدكتور محمد عبد العظيم الشيمي، خبير العلاقات الدولية، إن الأحداث الجارية تُؤكد فكرة وجود مخطط إسرائيلي لإعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط، موضحا أن هذا المخطط، الذي تم رسمه على مدار السنوات العشر الأخيرة، يهدف إلى إضعاف دول المنطقة عبر إدخالها في صراعات داخلية وخارجية متعددة، مع محاولات إسرائيلية لفرض مؤشراتها الخاصة على الأرض، وذلك عبر تنفيذ ما تم التخطيط له منذ عقد من الزمن.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن تُنفّذ إسرائيل هذا المخطط من خلال الدخول في حروب على عدة محاور، فبالإضافة إلى الأهداف الرئيسية في قطا غزة والضفة الغربية في فلسطين، تشمل هذه الحروب جبهات أخرى كجنوب البحر الأحمر، والساحة السورية، وجنوب لبنان، فضلاً عن الحرب على إيران.
وأكد أن هذا المخطط أصبح الآن واضحًا، بعد أن أعلن عنه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنفسه في سبتمبر الماضي، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تحدث عن "شرق أوسط جديد"، مؤكدا أن هذا المفهوم الجديد يُمثل محاولة إسرائيل لفرض رؤيتها عن طريق تحقيق وهم "إسرائيل الكبرى" على حساب دول المنطقة بعد إضعافها.
وشدد الشيمي على الرد المصري على هذه الأوهام كان واضحًا وصريحًا، وقد أكدته وزارة الخارجية، ووزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي برفض هذه الأوهام والأكاذيب اليوم، مؤكدا أن التعامل مع هذا التهديد الإسرائيلي، الذي يهدد كيان المنطقة بأكملها، لا يمكن أن يقتصر على الشجب والإدانة فقط، لأن ذلك يمنح إسرائيل مساحة أكبر للتمادي في استخدام القوة، لذلك، يجب أن يكون الرد الأمثل من خلال مواقف رادعة مماثلة، واستخدام أدوات ضغط أخرى.
وأكد أن دبلوماسية الردع تتضمن عدة أبداع منها السياسي، والإعلامي، والدبلوماسي، واستخدام كافة الأدوات المتاحة، هو السبيل لمواجهة فكرة "إسرائيل الكبرى" التي تمثل تهديدًا لدول كثيرة في المنطقة، مشيرًا إلى أن هذا التعامل لا يقتصر على مصر وحدها، بل هو تحرك إقليمي يتطلب تعاونًا مع دول أخرى على رأسها الأردن، فمصر والأردن في مقدمة الدول المهددة، بالإضافة إلى دول أخرى كالمملكة العربية السعودية، وسوريا، ولبنان، فمصير هذه الدول جميعها مشترك، ولا يقتصر على مصر أو الأردن فقط.