خطاب بلغة مرتبكة رصد بعيون لا تفرق بين حق
أو باطل وبتجرؤ لاسند له نشرت المصري اليوم مقالا عنونه كاتبه عز الدين شكري فشير
"خطاب إلى الرئيس" ينصح فيه الدولة بلغة نصح عمياء بألا تعدم الأسرى وتساءلنا من هم
الأسرى في نظر الكاتب الذي حاد قلمه عن لغة الحق هم هؤلاء الصادر ضدهم أحكام
بالإعدام ولأول مرة يعرف التاريخ أن من نال حقه في درجات التقاضي وأخذ الفرصة
كاملة أمام قاضيه الطبيعي لتبييض صفحته وإزاحة التهم عن نفسه بأنه أسير ؟!.. كيف
يرى الكاتب الدولة وكيف يرى مؤسساتها هل هم مجموعة من قطاع الطرق الذين أغاروا على
آمنين وقتلوهم وصلبوهم أم هم مرتكبون لجرائم أسفرت عن ضحايا يريدون القصاص
لذويهم؟!
الرسالة التي لا أعرف كيف سمحت "المصري
اليوم" بنشرها دون تقييم أو مراجعة لمضمون تجاوز كل حدود العقل والمنطق
والقانون وهو ما يثير التساؤل عن موافقة ضمنية لمحتواها ولا أظن ذلك ؟ّ الكاتب وصف
تنفيذ أحكام الصادرة بعد فحص ودفوع واستقصاء بأنها انتقام أي انتقام في
القصاص من قاتل وعقابه من نفس جزاء عمله
ولماذا يتعامي عن ذلك حين قال إن الدولة درأت شرورهم عن المجتمع هل ذاق الكاتب
مرارة فقد عزيز لديه على يد مجرم ؟! هل تعرف على شعور قلب يموت في اليوم ألف مرة
وهو يرى من يطلب الرأفة والعفو وهو بالمناسبة حق أصيل لأولياء الدم دون غيرهم لقاتل
ابنه الذي يفخر بجريمته دون خجل؟!
وتصيبك الدهشة وهو يغمض عينيه عن ترصد
المحكوم عليه بالإعدام لقتل ضحاياه ليصف مطالبة ذويه بالقصاص مجرد رغبة في
الانتقام ..إذن بم يصف الكاتب رغبة القاتل حين قتل هل رغبة في التغيير وكسر
الملل؟! بل يتجاوز الكاتب في حق الدولة حين طالبها بألا تنصاع لشهوة الانتقام.
مصطلحات عمياء وقياس باطل يصدمك من كاتب
يفترض به أن يكون في جانب الحق يحترم القضاء يعلى من الدستور لا أن يطلب إهدار كل
ذلك حماية لعناصر أدينت إدانة كاملة في مراحل تقاضي مختلفة .
وينتقل الكاتب من مرحلة الناشط الحقوقي مرهف
الحس إلى مرحلة ارتداء عباء المفتي حيث يعطي الدولة درسا في الشريعة مؤكدا أن وإن
كان الشرع قد أقر عقوبة الإعدام إلا أنه لم يوجبها ولا أعرف هل يمزح الشرع أو يساوم
أو يهدد إنها أحكام ثابتة تلقتها الأمة بالقبول وإلى اليوم لم تنزل شريعة سماوية
جديدة تنسخ ما هو موجود إلا إن إن كان الكاتب يوحي إليه ونحن لا ندري؟!
وينتقل الكاتب الذي يؤلمه بشدة إعدام قاتل
ولا ينزعج لقتل برئ إلى مساحة اخرى من الجدل العقلي حيث يطالب الرئيس بوقف هذه
الأحكام بدلا من أن يطالبه بسرعة تنفيذها لردع كل من تسول له نفسه ارتكاب مثلها
وهذا تناقض عجيب فحين يتدخل الرئيس يكون توغلا على السلطة القضائية واجتراء على
قدسية القضاء لكن حين يتدخل بالعفو عمن يعتبرهم أسرى لا يكون تدخلا بل يكون من
العقل والحكمة مؤكدا أن الخطأ في عدم تنفيذ الحكم أول من تنفيذ حكم غير صحيح.
ويدغدغ الكاتب مشاعر القارئ كما تستدرج
الساقطة راغبي المتعة فيصف السجين بأنه أعزل لا يجوز قتله وكأنه مطلوب أن نمنحه
سلاحا يواجه به أهل الدم والقصاص أو هيئة المحكمة بل يتجاوز في تلميح صريح في حق
قضاة مصر الذي لم يمنعهم إزهاق أرواح زملائهم من الصدع بكلمة الحق فيصفهم بأنهم
أخطأوا وهؤلاء الذين حكموا بالإعدام ليسوا قتلة وهنا نتساءل لماذا تقاعست عن تقديم
أدلة براءتهم إن كنت تملكها ألا تعرف أن ذلك يضعك في خانة "الشيطان
الأخرس" وكان أولي بك من أن تخاطب رئيس الدولة لإلغاء الأحكام أن ترسل بأدلة
براءة الأسرى كما تزعم للمحكمة لإطلاق سراحهم
إننا لا نلوم كاتب المقال فقد اختار أن يكون
في صف القاتل لا سندا للضحايا وهذا حقه بل نلقي كل اللوم على من سمح بخروج هذه
المغالطات الإنسانية والقانونية والدستورية على المصريين الذين ينتظرون يوما ترد
فيه الحقوق لأصحابها وأن من قتل يقتل ولو بعد حين.
وهنا تدعو "الهلال اليوم" رئيس
الجمهورية أن يمزق تلك الرسالة وهو مرتاح البال فهي لا تساوي ثمن الحبر الذي خطت
به بما تحمله من إهدار فاضح لمعنى الدولة وهيبة القانون وإنفاذ العدل الذي ارتضاه
الله لخلقه كما نقدم اعتذارا لكل أب ولكل أم فقد عزيز لديه على يد مجرمين يراهم
البعض أسرى أو ضحايا لشهوة انتقام كما وصف كاتب المصري اليوم بلا شك وجب على
الجريدة أن تقدم اعتذارا عن نشر هذا المقال المسئ لمصر وأهلها وأن تعيد تقييم ما
تنشره حتى لا تشغلنا بما لا يستحق أو تهدر وقتنا في تفنيد السفاهات بدعوى حرية
الرأي والتعبير التي يرتكب باسمها أفظع الجرائم