يمثل الانتقال من المدرسة إلى الجامعة محطة فاصلة في حياة كل طالب، حيث يواجه مجتمعًا أوسع مليئًا بالوجوه الجديدة والثقافات المتنوعة، الأمر الذي يتطلب ضرورة الإعداد المسبق للأبناء، لأجل بناء صداقات إيجابية والتعامل مع التنوع بثقة ووعي، حتى تكون الجامعة فرصة للنضج وليس مجرد مرحلة دراسية، ولذلك نستعرض في السطور التالية كيفية تهيئة الأهل لأولادهم خلال تلك المرحلة.
ومن جهته يقول الدكتور أيمن عيسى، استشاري التنمية البشرية، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، تعد لحظة دخول الجامعة واحده من اللحظات الفارقة في حياة الأبناء، لأنهم ينتقلون فجأة من عالم المدرسة المحدود إلى مجتمع أوسع مليء بالثقافات المختلفة والفرص المتنوعة، ولكن هناك العديد من النصائح التي تعين الطلاب علي الاندماج الفعال والتعامل بثقه وايجابية داخل الحرم الجامعي، ومنها ما يلي:

-قبل أن نطالب أبناءنا بالانفتاح على الآخرين، يجب أن نمنحهم الثقة في أنفسهم، لأن الطالب الواثق من ذاته لا يبحث عن القبول بأي ثمن بل يختار أصدقاءه بعناية ويقدر الاختلاف دون أن يفقد هويته، وهذه الثقة يتم بنائها بالتدريج عبر كلمات الدعم وتشجيعهم على تحمل المسؤولية ومنحهم مساحة للتجربة والخطأ، دون لوم أو توبيخ.
- من أجمل ما يمكن أن نقدمه لأبنائنا قبل دخول الجامعة، هو جلسة صريحة حول معنى الصداقة، لنحدثهم عن تجاربنا مع الأصدقاء الذين ألهمونا وعن العلاقات السطحية التي لم تستمر، هذا الحوار يجعلهم أكثر وعياً بأن الصديق الحقيقي هو شريك رحلة وليس مجرد زميل وقت فراغ.
-قد يكون ابنك متفوقا أكاديمياً، لكنه إذا لم يعرف كيف يبدأ محادثة أو يستمع بإنصات سيجد صعوبة في تكوين روابط إنسانية، وهنا يأتي دورنا في تدريبهم على فنون التواصل، مثل إلقاء التحية، وطرح الأسئلة بلباقة، واحترام الرأي الآخر، والتعبير عن النفس دون خوف أو تردد، وهذه المهارات الصغيرة تصنع فارقا كبيراً في عالم العلاقات.
-الجامعة أشبه بوطن سكانه من خلفيات مختلفة وعادات متنوعة ولهجات وأساليب تفكير متباينة، ولذلك بدلاً من أن نخشى هذا التنوع علينا أن نعلم أبناءنا كيف يرونه كفرصة، فكل صديق جديد يعني تجربة جديدة وكل اختلاف ثقافي هو نافذة على عالم جديد، وعندما يتعلم الطالب احترام الاختلاف فإنه لا يكتسب أصدقاء فقط بل ينضج فكريا وروحيا وثقافياً.
-الحرية الجامعية قد تغري البعض بالانجراف في صداقات غير آمنة، وهنا تظهر أهمية وضع الحدود، فمن حق الأبناء أن يختاروا أصدقاءهم لكن من واجبنا أن نزرع فيهم الوعي، بأن العلاقة الصحية تبنى على الاحترام المتبادل ورصيد الثقة لا على التبعية أو الاستغلال، فالصديق الذي يدفعك لتطوير نفسك هو كنز حقيقي، أما من يسحبك للخلف فليس سوى عبء يجب التحرر منه.
-غالباً ما تكون الأنشطة الطلابية المدخل الأسهل لبناء صداقات طبيعية وآمنة، فالانضمام إلى أسره ثقافية أو فريق رياضي أو جماعة تطوعية يتيح للأبناء لقاء أشخاص يشتركون معهم في نفس الاهتمامات، هذه البيئة المنظمة تجعل العلاقات أكثر عمقاً وأكثر استمرارية من الصداقات العابرة.
-الأبناء قد لا يستمعون دائمًا لنصائح مباشرة، لكنهم يلتقطون سلوكنا دون أن نشعر حين يروننا نحافظ على صداقاتنا، ونحترم الآخر مهما اختلف ونتعامل مع الجميع بلباقة، فإنهم يتعلمون بالقدوة أكثر مما يتعلمون بالكلمات.