الأربعاء 20 اغسطس 2025

ثقافة

فرج فودة.. شهيد التنوير في وجه التكفير

  • 20-8-2025 | 12:04

المفكر فرج فودة

طباعة
  • دعاء برعي

يظل اسم فرج فودة -الذي يحل اليوم 20 أغسطس ذكرى ميلاده- محفورًا في الذاكرة، كونه أحد أبرز المفكرين المصريين الذين تصدوا بجرأة نادرة لتيارات الظلام والتطرف، ودفع حياته ثمنًا لموقفه الفكري ومبادئه. وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على اغتياله، لا يزال فرج فودة حاضرًا بقوة في المشهد الثقافي والسياسي  الفكري المصري والعربي.

يشار له بالبنان كلما طُرحت قضية لها علاقة للدين بالدولة، أو حرية التعبير، أو مواجهة التطرف. ولعل ما يزيد من أهمية إرثه الفكري هو أن كثيرًا مما حذّر منه تحقق بالفعل، وكأن كلماته كانت نبوءة مبنية على بصيرة نافذة وفهم عميق للتحولات الاجتماعية والسياسية.

امتلك فرج فودة أدوات النقد والتحليل، وسخّر قلمه للدفاع عن مدنيّة الدولة، والعقلانية، وحرية الرأي، في وجه موجات التكفير التي تصاعدت وتيرتها في التسعينيات.

ميلاده وحياته

وُلد فرج فودة في 20 أغسطس 1945 بمحافظة دمياط، ودرس الزراعة في جامعة عين شمس، إلى أن حصل على الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي في يونيو 1967.

وشارك في تأسيس حزب الوفد الجديد، ثم استقال منه لرفضه تحالف الحزب مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض انتخابات مجلس الشعب المصري العام 1984، وأسس الجمعية المصرية للتنوير في شارع أسماء فهمي بمدينة نصر، والتي اغتيل أمامها فيما بعد.

انخرط فودة مبكرًا في الحياة العامة، واتخذ من الكتابة وسيلة لطرح أفكاره الإصلاحية، فكتب مقالاته في عدد من الصحف المصرية والعربية، وتميز بأسلوبه الواضح الجريء وتحليله العميق للأحداث.

معارك فكرية خاضها "فودة"

برز فودة في فترة كانت تشهد صعودًا لتيارات الإسلام السياسي، فأطلق صوته ناقدًا لها، وكشف التناقض بين شعاراتها وممارساتها، محذرًا من خطورتها على مستقبل الدولة والمجتمع.

وكان لفرج فودة مناظرتان شهيرتان أولها كانت مناظرة معرض القاهرة الدولي للكتاب في 7 يناير 1992 تحت عنوان: مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية، وكان فرج فودة ضمن جانب أنصار الدولة المدنية مع الدكتور محمد أحمد خلف الله، بينما على الجانب المقابل كان شارك فيها الشيخ محمد الغزالي، والمستشار مأمون الهضيبي مرشد جماعة الإخوان المسلمين، والدكتور محمد عمارة الكاتب الإسلامي، وحضر المناظرة نحو 20 ألف شخص.

المناظرة الثانية كانت في نادي نقابة المهندسين بالإسكندرية، 27 يناير 1992 تحت عنوان: مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية، وشارك فرج فودة ضمن أنصار الدولة المدنية مع الدكتور فؤاد زكريا، بينما كانت جانب انصار الدولة الدينية: الدكتور محمد عمارة، ومحمد سليم العوا، وشارك فيها نحو 4000 شخص.

مؤلفاته

أصدر فودة عددًا من الكتب التي أثارت جدلًا واسعًا، منها الحقيقة الغائبة، وزواج المتعة، والنذير، وقبل السقوط، وحوارات حول الشريعة، والملعوب.

وفي هذه الأعمال، فتح فودة ملفات شائكة تتعلق بتاريخ الإسلام السياسي، واستخدم الوثائق والتحليل المنطقي لمواجهة الروايات التي سعت تلك التيارات إلى ترسيخها في الوعي العام.

اغتياله

في 8 يونيو 1992، اغتيل فرج فودة أمام مقر مكتبه في حي مصر الجديدة بالقاهرة على يد شاب ينتمي إلى الجماعة الإسلامية، ولم يكن القاتل قد قرأ له كتابًا واحدًا، بل اعترف بأنه نفذ الفتوى التي أصدرها بعض الشيوخ الذين كفّروه علنًا.

وشكّل اغتيال فودة صدمة للرأي العام، وأعاد طرح تساؤلات حول حرية التعبير، ومسؤولية الخطاب الديني، ودور الدولة في حماية المفكرين.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة