الإثنين 25 اغسطس 2025

ثقافة

محمود تيمور.. رائد القصة العربية الذي كتب بلغة الناس ووجدانهم

  • 25-8-2025 | 04:04

محمود تيمور

طباعة
  • بيمن خليل

تحل اليوم ذكرى وفاة رائد القصة القصيرة محمود تيمور، الذي وهب عمره لهذا الفن، فكتبها للقراءة والمسرح، قصيرة ومطولة، استلهم في أعماله روح العصر وأسرار النفس، وعالج قضايا الإنسان والمجتمع بعمق وصدق، بقيت القصة معشوقته الأولى والأخيرة، وقلمه لم يتوقف عن الغزل بها حتى آخر لحظة.

وُلد الأديب محمود تيمور في 16 يونيو 1894 بحي درب سعادة الشعبي الواقع بين الموسكي وباب الخلق في القاهرة، ومن هذا الحي الذي يجمع بين طوائف وفئات متعددة، استلهم تيمور مادته القصصية في العديد من مجموعاته الأدبية.

ينتمي تيمور إلى أسرة عُرفت بالاهتمام بالأدب والتراث؛ فوالده أحمد تيمور باشا كان باحثًا بارزًا في اللغة والتاريخ، وترك مكتبة ضخمة تُعرف بـ"التيمورية"، لا تزال مصدرًا ثمينًا للباحثين في دار الكتب المصرية. أما عمته عائشة التيمورية، فكانت من رائدات الشعر العربي، وصاحبة ديوان "حلية الطراز"، وشقيقه محمد تيمور يُعد أول من كتب القصة القصيرة في الأدب العربي.

تلقى محمود تيمور تعليمه في المدارس المصرية، ثم التحق بـ مدرسة الزراعة العليا، لكنه اضطر إلى تركها بعد إصابته بمرض التيفود، حيث قضى ثلاثة أشهر في الفراش، استغلها في القراءة والتأمل. سافر بعدها إلى سويسرا للعلاج، وهناك وجد نفسه مشدودًا إلى الأدب، فانكب على دراسة الأدب الفرنسي والروسي، إلى جانب اطلاعه الواسع على الأدب العربي.

كانت دار والده في درب سعادة وعين شمس ملتقى لكبار العلماء والمفكرين، أمثال محمد عبده، محمود سامي البارودي، و رشيد رضا، وقد حضر تيمور مجالسهم وتأثر بهم، كما أثرت فيه قراءاته المبكرة، خاصة كتاب "ألف ليلة وليلة"، الذي ساهم في تنمية موهبته القصصية.

امتدت قراءاته لتشمل روائع الأدب العالمي، وتأثر بكتّاب كبار مثل أنطون تشيخوف، إيفان تورجنيف، ودي موباسان، كما كان شغوفًا بأدب المنفلوطي، الذي زرع فيه النزعة الرومانسية، وتأثر أيضًا بشعراء المهجر، وعلى رأسهم جبران خليل جبران، الذي تركت روايته "الأجنحة المتكسرة" أثرًا عميقًا في وجدانه.

نال محمود تيمور تقديرًا واسعًا من الأدباء والنقاد، واهتمت بأدبه الجامعات والمحافل الأدبية في مصر والعالم العربي، كما لقي اهتمامًا من جامعات أوروبا وأمريكا. مثّل مصر في مؤتمرات أدبية عديدة، منها مؤتمر الأدباء في بيروت عام 1954، ومؤتمر القلم في نفس العام، ومؤتمر الدراسات الإسلامية في جامعة بشاور بباكستان، ومؤتمر الأدباء في دمشق.

حصل على جائزة مجمع اللغة العربية عام 1947، وعُيّن عضوًا فيه عام 1949، كما نال جائزة واصف غالي في باريس عام 1951، وجائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1962، ووسام الاستحقاق من نفس العام، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1963. احتفلت به جامعات روسيا، المجر، وأمريكا، وكرّمته في مناسبات متعددة.

أثرى محمود تيمور المكتبة العربية بما يقرب من ثمانين مؤلفًا، تنوعت بين القصص القصيرة، الروايات، المسرحيات، كتب الرحلات، الخواطر، والدراسات الأدبية واللغوية، وقد تُرجمت أعماله إلى إحدى عشرة لغة، منها الإسبانية، الصينية، القوقازية، العبرية، والمجرية، كما صدرت عنه دراسات نقدية ورسائل دكتوراه وماجستير في عدد من الجامعات.

كان يرى أن القصة القصيرة أكثر صعوبة من الرواية أو المسرحية، إذ تتطلب تأثيرًا قويًا في وقت محدود، بينما تمنح الرواية مساحة أكبر لرسم الشخصيات وتفصيل الأحداث. واعتبر أن الهدف الأصيل للأديب هو الكشف عن الإنسان في كل حالاته، في قوته وضعفه، في خيره وشره، باعتباره حاملًا لأمانة الحياة.

توفي محمود تيمور في 25 أغسطس 1973 عن عمر ناهز 79 عامًا، بعد رحلة أدبية طويلة، ترك خلالها إرثًا خالدًا جعله بحق رائد فن الأقصوصة العربية.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة