أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش، المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، أن الحكومة لا تزالان ملتزمتين بالحوار رغم رفض المتظاهرين قبول عروضه بإجراء نقاش عام أو إجراء انتخابات مبكرة، وذلك بعد مرور تسعة أشهر من بدء المظاهرات الوطنية المستمرة في البلاد.
وقال فوسيتش- في حوار خاص لشبكة "يورونيوز" الإخبارية، في نشرتها الفرنسية، اليوم /الثلاثاء/ في العاصمة الصربية "بلجراد"- إنه لهذا الغرض، يجدد عرضه على المتظاهرين بالجلوس في نقاش عام كجزء من حوار مفتوح.
وأكد الرئيس الصربي أنها "لم تكن هذه دعوتي الأولى. بل كانت في الواقع دعوتي الخامسة أو السادسة للحوار، من أجل حوار مفتوح حتى أنني عرضت عليهم مناظرة تلفزيونية مفتوحة بإمكانهم اختيار الفكرة، وبإمكانهم اختيار الاستوديو".. موضحا أنه كان "مستعدا لمناقشتها علنا، لإيمانه بأن الحوار والنقاش والمحادثات ليس بديلا على الإطلاق".
ورغم رفض عرضه الأخير لإجراء مناقشة عامة، قال الرئيس الصربي إن "غصن الزيتون الذي مد به لا يزال قائما وسيبقى عرضي ساريا حتى يقبلوه، لأنهم سيضطرون يوما ما إلى التحدث مع شخص ما".
وتابع: إن "أي نوع من العنف الذي شهدناه في الشوارع ليس جيدا لهذا البلد. إذا رأيت شخصا يشعل النار أو يرمي الحجارة على مكاتب الحزب الحاكم، أو يهاجم أشخاصا كانوا يجلسون في الداخل ويناقشون مشاكلهم الخاصة، فهذه ليست صورة جيدة".. مشيرا إلى أن "هذا ليس وضعا جيدا لصربيا، لا لجذب استثمارات جديدة، ولا لجذب سياح جدد، ولا لقول: تعالوا، نحن من أكثر دول أوروبا أمانا، تعالوا إلينا".
ورغم اتهامات قوات إنفاذ القانون بالاستخدام المفرط للقوة لقمع الاضطرابات وتدمير الممتلكات، أيد الرئيس فوسيتش الشرطة، قائلا "إنها حافظت على هدوئها رغم التهديدات المباشرة بالعنف من المتظاهرين".. موضحا أن "رد فعل الشرطة الصربية على رد فعل قوات الشرطة الرئيسية الأخرى في الاتحاد الأوروبي لا يضاهى".
وأكد "أنا فخور جدا بسلوك وموقف شرطتنا وصبرها، وأعتقد أنه من المعجزة، بالنظر إلى مستوى عدوانية المتظاهرين، أن نحافظ على الوضع دون وقوع إصابات أو وفيات خلال تسعة أشهر".
وأعرب عن أمله "في أن نكون مثالا للحل الديمقراطي والسلمي لجميع هذه القضايا".
وأثار حادث محطة قطار "نوفي ساد" تساؤلات حول الفساد الممنهج، حيث ادعى المتظاهرون أن انهيار سقف المحطة كان نتيجة مباشرة لإعادة إعمار رديئة.
وصرح الرئيس فوسيتش بأن "الفساد أصبح حجة شائعة ووسيلة سهلة للتعبير عن المظالم، حتى لو لم يكن لهم أي علاقة بها. ولا شك أن الفساد منتشر في كل مكان، في جميع أنحاء العالم، وفي كل دولة. وهو أسهل موضوع يمكن أن يتناوله المرء ويقول: حسنا، هناك فساد".
وتابع أنه "بغض النظر عن ذلك، بالطبع، هناك الكثير من الفساد، وعلينا مكافحته بحزم أكبر وأنا ملتزم تماما بقيادة هذه المعركة، قيادة النضال".
ومن بين مطالب المتظاهرين إجراء انتخابات مبكرة- والتي قال الرئيس فوسيتش إنه اقترحها ثلاث مرات على الأقل خلال الأشهر الستة الماضية- بالإضافة إلى استفتاء على رئاسته في يناير، حيث أعلن حينها أنه سيستقيل إذا لم يحظ بدعم الشعب. ومع ذلك، وحسب قوله، رفضت جميع عروضه في النهاية.
وأكد الرئيس الصربي، أن سعي بلاده نحو العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي يظل على رأس أولوياته، لأن هذا هو المكان الذي تنتمي إليه بلاده.. مشيرا إلى أنه "حتى أترك منصبي، ستبقى صربيا ثابتة على طريق الاتحاد الأوروبي، ملتزمة به ومتفانية تجاهه، وستقود الإصلاحات اللازمة وتنفذها".
وردا على سؤال حول علاقته بالرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، أجاب الرئيس فوسيتش بأن "علاقتهما لا تزال ودية، وإن الزعيم الروسي، في رأيه، منفتح على إنهاء حربه الشاملة المستمرة في أوكرانيا كجزء من اتفاق سلام".
وعلاوة على ذلك، أعلن الرئيس فوسيتش أنه سيستضيف كلا من بوتين ونظيره الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" لإجراء محادثات سلام في العاصمة الصربية، إذا رغبا في ذلك.. موضحا "أني أعلم أن هناك آلاف الأشخاص وعشرات الدول على الأقل تعرض استضافتها لهذا الاجتماع".
واختتم قائلا إنه "يمكن لصربيا أن تقدم ضيافة جيدة ومكانًا آمنًا للغاية لكليهما".
ونظمت سلسلة الاحتجاجات في جميع أنحاء صربيا في البداية ردا على الحادث الذي وقع في "نوفي ساد"، عاصمة الإقليم الشمالي، حيث انهار سقف محطة قطار في نوفمبر 2024، مما أسفر عن مصرع 16 شخصا.
وكانت الاحتجاجات، التي قادها طلاب جامعيون بشكل رئيسي، سلمية إلى حد كبير، لكنها تحولت إلى أعمال عنف في الأسابيع الأخيرة.