ما يقرب من 23 شهرًا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، بذلت مصر فيها كل الجهود لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع، في ظل ما يعانيه من استمرار الحصار والتجويع ضد الشعب الفلسطيني، بخلاف الجهد الدبلوماسي والسياسي من أجل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، في ظل الدور التاريخي المتواصل عبر العقود من مصر فيما يخص القضية الفلسطينية وحماية حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته.
وعلى مدار الأشهر منذ وقوع العدوان، بلغت المساعدات المصرية لغزة نحو 70% من إجمالي المساعدات المقدمة للقطاع من كل الدول، مع جهود مستمرة برغم العرقلة الإسرائيلية، وفي نهاية يوليو الماضي أطلقت مصر قوافل زاد العزة من مصر إلى غزة، حاملة آلاف الأطنان من المساعدات التي تنوعت بين: سلاسل الإمداد الغذائية، دقيق، ألبان أطفال، مستلزمات طبية، أدوية علاجية، مستلزمات عناية شخصية، وأطنان من الوقود.
وأعلن الهلال الأحمر المصري اليوم الأربعاء، عن انطلاق القافلة الـ24 من قوافل «زاد العزة» والتي تحمل أكثر من 1500 طن من المساعدات اللازمة والتي تضمنت ما يزيد على 1300 طن سلال غذائية ودقيق، وأطنان من المستلزمات الطبية والإغاثية الضرورية التي يحتاجها القطاع.
المساعدات المصرية لغزة
ونجحت مصر في إيصال 70% من إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية التي وصلت إلى غزة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي، بإجمالي 550 ألف طن من المساعدات الطبية والغذائية، وذلك من خلال عمليات إنزال جوي وإدخال الشاحنات.
وفي 2 مارس الماضي، أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنافذ التي تربط قطاع غزة ومنعت دخول شاحنات المساعدات الإنسانية والوقود ومستلزمات إيواء النازحين، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وعدم التوصل لاتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار، واخترق الاحتلال الهدنة بقصف جوي عنيف يوم 18 مارس الماضي وأعادت التوغل بريا بمناطق متفرقة بقطاع غزة كانت قد انسحبت منها.
وأعلن جيش الاحتلال "هدنة مؤقتة" لمدة 10 ساعات (الأحد 27 يوليو 2025) وعلق العمليات العسكرية بمناطق في قطاع غزة للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية؛ فيما يبذل الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة جهودا للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل إطلاق الأسرى والمحتجزين.
وبشأن تقديم المساعدات لغزة، فمن خلال عمليات الإنزال الجوي، تم تنفيذ 168 عملية إنزال جوي من مصر قدمت3,730 طنًا من المساعدات، كذلك استقبل مطار العريش 1,022 طائرة حملت 27,347 طنًا من المساعدات، فيما استقبلت الموانئ المصرية 591 سفينة.
أما إجمالي الشاحنات، فمنذ 21 أكتوبر 2023 حتى 1 أغسطس 2025، تم إدخال 1288 شاحنة دخلت من مصر عبر رفح وكرم أبو سالم، وهناك 5 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية على الجانب المصري تنتظر دخول غزة، وهناك أيضا 35 ألف متطوع مصري من المنظمات غير الحكومية لإيصال المساعدات.
كذلك قدمت مصر كافة أوجه الدعم لعلاج الجرحى والمصابين، فمنذ نوفمبر 2023 وحتى يوليو 2025، تم إجراء 90,850 فحص طبي وإجراء جراحي منذ بداية الحرب للمواطنين الفلسطينيين الذين انتقلوا للعلاج في مصر، وذلك في 172 مستشفى مصري، استقبلت نحو 31,560 مصابًا ومرافق تم استقبالهم في المستشفيات المصرية، باستخدام 209 سيارات إسعاف.
التزام الدولة المصرية التاريخي
أكد الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، أن مصر تواصل بذل جهودها المتواصلة لدعم قطاع غزة، عبر إرسال القوافل الإنسانية والإغاثية التي تحمل الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية، في محاولة للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، موضحا أن هذه الجهود الوطنية تأتي رغم العراقيل المتعمدة التي تضعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لعرقلة دخول المساعدات.
وأشار عبد العزيز، في تصريح لبوابة "دار الهلال" إلى أن استمرار تدفق القوافل المصرية يعكس التزام الدولة المصرية التاريخي والأصيل تجاه القضية الفلسطينية، وحرصها الدائم على الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في أصعب الظروف، بما يعزز من صموده في مواجهة الحصار والعدوان، مؤكدا أن هذه الجهود لا تقتصر على الدعم الميداني، بل تشمل كذلك دورًا سياسيًا ودبلوماسيًا تقوده مصر من أجل وقف العدوان وتحقيق التهدئة.
وأضاف أن العراقيل الإسرائيلية أمام إدخال المساعدات الإنسانية تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يجرم منع وصول الغذاء والدواء إلى المدنيين وقت النزاعات المسلحة، موضحا أن مثل هذه الممارسات تضيف عبئًا إضافيًا على الأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة، وتستوجب تدخلًا دوليًا عاجلًا.
وشدد على أن حزب الإصلاح والنهضة يدعم بكل قوة الموقف المصري الثابت في نصرة الشعب الفلسطيني، ويدعو المجتمع الدولي إلى الضغط الجاد من أجل ضمان دخول المساعدات بشكل دائم ومنتظم، ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة، تمهيدًا لإعادة الإعمار وتحقيق سلام عادل وشامل يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
مصر صاحبة الدور الأكبر
وقال المستشار جمال التهامي، رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة، إن الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية ليس دورًا طارئًا أو مؤقتًا، بل هو دور تاريخي ممتد منذ بدايات القضية وحتى يومنا هذا، مؤكدا أن مصر قدّمت عبر تاريخها تضحيات كبيرة من الشهداء، وكانت حاضرة بقوة في جميع المحطات الكبرى للقضية الفلسطينية ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي، بدءًا من حرب 1948، مرورًا بعدوان 1956، ثم نكسة 1967، وصولًا إلى نصر أكتوبر 1973، والآن في مواجهة الأزمة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة.
وشدد "التهامي"، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، على أن مصر لم تتخلَ يومًا عن دعم الشعب الفلسطيني، رغم محاولات البعض التشكيك أو المزايدة على مواقفها، مؤكدا أن القضية الفلسطينية تهم الدولة المصرية بالدرجة الأولى، ومصر هي الطرف الوحيد الذي يمارس الدور الأكبر في مواجهة محاولات تصفية القضية، خاصة في ظل الضغوط الرامية إلى تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول أخرى، وهو أمر رفضه مصر بشكل قاطع، لأنه يهدف إلى القضاء على الهوية الفلسطينية وإنهاء قضيتهم العادلة.
وأكد أن المعابر المصرية مفتوحة بشكل دائم لإدخال المساعدات الإنسانية، ومصر لا تغلق أبوابها أمام أهل غزة، رغم كل التحديات، مضيفا أنه على الصعيد السياسي والدبلوماسي، تقوم مصر بجهود متواصلة عبر تحركات الرئيس عبد الفتاح السيسي واتصالاته مع الدول العربية والدولية، وكذلك من خلال مشاركتها الفاعلة في المؤتمرات الدولية لمناصرة حقوق الشعب الفلسطيني.
وأضاف أنه رغم أن إسرائيل تواصل عدوانها على القطاع، وقد وصل عدد الشهداء إلى نحو 65,000 شهيد ألف، والمصابين إلى أكثر من 150,000، فإن المجتمع الدولي ما زال في غيبوبة، ويكيل بمكيالين، ورغم صدور قرارات أممية تُدين الاحتلال، إلا أنه لا يتم تنفيذ شيء على أرض الواقع.
ولفت إلى أنه لولا الموقف المصري الثابت، لما بقيت غزة ولا استمرت فلسطين حتى الآن، وما زالت مصر تُكمل دورها في ملف المفاوضات ومحاولات الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل تتجاهل كافة المقترحات، وترفض الانصياع لأي قرارات دولية، فهي عدو لا يعترف بسقف قانوني أو أخلاقي، ويواصل انتهاكاته بلا رادع.
وأكد أنه رغم ذلك، فإن هناك وعيًا عالميًا يتزايد، حيث شهدنا تحركات ومظاهرات في أكثر من 23 دولة أجنبية تضامنًا مع غزة، إضافة إلى احتجاجات في العديد من الدول الأوروبية ضد العدوان الإسرائيلي، مشددا على أن مصر مستمرة في أداء دورها التاريخي والريادي حتى تنال فلسطين حقوقها المشروعة.