في إطار فعاليات مؤتمر «نحو سياسة وطنية لتطوير المسرح المدرسي»، الذي افتُتحت فعالياته صباح اليوم بالمجلس الأعلى للثقافة، وينظمه المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، بالتعاون مع قطاع شؤون الإنتاج التفافي التابع لوزارة الثقافة، عُقدت الجلسة الرابعة تحت عنوان: «قضايا المسرح المدرسي وأهدافه وسبل تطويره»، وأدارتها الدكتورة جيهان السيد عبد الله محمد.
وجاء بحضور الفنان عادل حسان، رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية والفنانة عزة لبيب، والفنان عزت زين، أمين عام المؤتمر، والمخرج أحمد إسماعيل، ونخبة من الأكاديمين والأساتذة والباحثين، والمسرحيين في شأن المسرح المدرسي.
المتحدثون في الجلسة الختامية
وتحدث فيها كل من: الدكتور أحمد سعيد أبو زيد، وتناول: «سياسة الوطنية لتطوير المسرح المدرسي»، والدكتور محمد معروف عبد المحسن الخولي، وتناول«سبل تطوير المسرح المدرسي»، والدكتور محمود مصطفى محمد عزب، وتناول: «معوقات المسرح المدرسي وسبل التغلب عليها»، والدكتورة مروة عماد حامد، وتناولت «قضايا المسرح المدرسي وأهدافه وسبل تطويره»، شهدت جلسات المؤتمر مشاركة متميزة من وزارة التربية والتعليم والأكاديميين، إلى جانب نخبة من المهتمين بالقضايا الثقافية والتعليمية.
السياسة الوطنية لتطوير المسرح المدرسي
وتحدث الدكتور أحمد سعيد أبو زيد، الذي جاءت ورقته البحثية تحت عنوان «السياسة الوطنية لتطوير المسرح المدرسي»، والتي خلص فيها إلى علاقة المسرح المدرسي الوثيقة بالثقافة والتعليم؛ فهو عامل أساسي في تنمية الثقافة وداعم للكثير من الأنشطة الإنسانية والتنموية والثقافية، و يمتاز عن غيره من الفنون بالظاهرة الجمعية والعلاقات السيكولوجية التي يؤسسها مع الدوائر الزمكانية، وأوضح أن اهتمام المجتمعات البشرية بالمسرح المدرسي قديم يعود إلى العديد من الحضارات القديمة؛ فالمسرح في حد ذاته يُمثل جزءًا لا يتجزأ من ثقافة الشعوب التي ارتبطت به، ومما لا شك فيه أن المسرح المدرسي هو ركيزة أساسية لتعلم القيم من خلالها، وهو منبر قوي من خلاله نستطيع الدفاع عن الأخلاقيات والقيم الإنسانية المحمودة، واستخلاص القوانين الضرورية للمجتمع.
المسرح المدرسي والهُوية الثقافية
وتابع «أبو زيد» حديثه حول المسرح المدرسي وعلاقته بالهُوية الثقافية، مشيرًا إلى أن اللغة هي أساس الهُوية، ولا شك أن قضية محو الهُويات المجتمعية قد شهدت عدة إشكاليات على مستوى العالم، وشغلت أذهان الكثير من المفكرين والمؤرخين؛ فاللغة هي الركيزة الأساسية في تحديد الهُوية، وانطلاقًا مما يحظى به المسرح المدرسي من دور كبير في تربية الأطفال على قيمة الوطن ومبادئ المواطنة، ونشر ثقافة المشاركة والحوار والتعاون والتسامح مع الآخر والتعايش معه، وتقدير المصلحة العامة للوطن وتقديمها على المصلحة الخاصة، وتربية الطفل على أسس نشر السلام وممارسة الشورى، مما يرسخ التماسك والترابط الاجتماعي، ويدعم انتماء الفرد وارتباطه بوطنه تاريخًا وأرضًا وبشرًا، مما يغرس في نفوس الطلاب مشاعر الفخر والانتساب للوطن، وتنمية روح التضحية بالنفس والنفيس لوطنهم.
معوقات المسرح المدرسي وسبل التغلب عليها
وتحدث الدكتور محمود مصطفى محمد عزب، موضحًا أن مشاركته البحثية جاءت تحت عنوان «معوقات المسرح المدرسي وسبل التغلب عليها»، وأكد بين سطورها أن النشاط في المجال التربوي هو مجموعة الأنشطة التي يشترك فيها الطلاب، و التي تمدهم بالخبرات والمهارات المطلوبة ضمن أطر المتعة، والتسلية، والاستفادة، وتنمية روح التحدي والحماس.
المسرح المدرسي وسيلة للتثقيف والمعرفة والتعبير عن النفس
وتابع دكتور محمود عزب حديثه مشيرًا إلى أن نشاط المسرح المدرسي يُعد وسيلة مهمة من وسائل التثقيف والمعرفة والتعبير عن النفس وتنمية شخصية الطالب، والتعود على صياغة وجهة نظره وتنمية اتجاهاته الفكرية، ولكنه يواجه بعضًا من القصور في ممارسته؛ حيث أشارت بعض الدراسات إلى نقص الإمكانات والتجهيزات، ومن ثم غياب مقومات العمل اللازمة في بعض المدارس، فضلًا عن قصور الميزانيات المخصصة لنشاط المسرح المدرسي، وتابع مؤكدًا أن ممارسة نشاط المسرح المدرسي ضرورة من ضروريات العملية التعليمية، ولذلك يجب أن نبحث عن سبل تفعيله داخل الحقل المدرسي، من خلال الاهتمام بالأنشطة التربوية المدرسية وإبرازها؛ حيث إنها تساعد في تكوين شخصية التلميذ وإعداده إعدادًا شاملًا.
برامج تدريبية متخصصة لللمشرفين على النشاط المسرحي
وأكد أن سبل التطوير التي حرص على اقتراحها فا ورقته البحثية تتمثل في إعداد برامج تدريبية متخصصة للمعلمين المشرفين على النشاط المسرحي تشمل الإخراج وكتابة النصوص وإدارة الفرق المدرسية، وتطوير البنية التحتية في المدارس، وإنشاء مسارح مجهزة أو قاعات متعددة الاستخدامات، وتخصيص ميزانيات ثابتة لدعم الأنشطة المسرحية، وتشجيع عقد الشراكات مع المؤسسات الثقافية، وإدماج المسرح في الخُطَّة الدراسية وربطه بالمناهج الدراسية، وتشجيع المشاركة المجتمعية ودعوة أولياء الأمور لحضور العروض ودعم المبادرات، وتنظيم مسابقات ومهرجانات مدرسية لاكتشاف المواهب وتشجيع الابتكار.
سياسة وطنية شاملة تقوم على التخطيط الاستراتيجي
وفى مختتم حديثه أشار إلى أن النهوض بالمسرح المدرسي يتطلب تبنى سياسة وطنية شاملة، تقوم على التخطيط الاستراتيجي، وتوفير الموارد»، وبناء قدرات الكوادر مع إشراك المجتمع في دعمه؛ فمن خلال هذه الرؤية المتكاملة، يمكن للمسرح المدرسي أن يصبح أداة فعالة لتحقيق الأهداف التربوية والثقافية، والمساهمة فا إعداد جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل بروحٍ مبدعة.
قضايا المسرح المدرسي وأهدافه
و تحدثت الدكتورة مروة عماد حامد، متناولة ما طرحته ورقتها البحثية التي حملت عنوان «قضايا المسرح المدرسي وأهدافه وسبل تطويره، التي أكدت بين طياتها أن المسرح المدرسي يُعد مكونًا أساسيًا في العملية التعليمية الحديثة، وذلك لما يحظى به من دور محوري في تنمية الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية لدى الطلاب؛ فهو وسيلة تربوية تجمع بين الإبداع الفني والتدريب العملي، وتعمل على صقل شخصية المتعلم، وتنمية قدراته على التفكير النقدي، والتواصل الفعال، والعمل ضمن فريق.
وتابعت: يسهم المسرح المدرسي في تعزيز الانتماء الوطني والوعى الثقافي، عبر تقديم أعمال تعكس القيم الأصيلة للمجتمع وتواكب في الوقت ذاته متغيرات العصر، وفى ظل التحديات الراهنة التي تواجه المؤسسات التعليمية، تبرز الحاجة الماسة إلى دراسة قضايا المسرح المدرسي وأهدافه وسبل تطويره، بما يضمن استمراريته وفاعليته كأداة تعليمية تثقيفية مؤثرة.
المسرح المدرسي ركيزة الأساسية في الأنشطة التربوية
وأكدت مروة حامد عماد: يمثل المسرح المدرسي إحدى الركائز الأساسية في الأنشطة التربوية التي تهدف إلى بناء شخصية الطالب، وصقل مواهبه ومهاراته وتنمية وعيه الثقافي والقيمي؛ فهو ليس مجرد نشاط فني ترفيهي فحسب، بل إنه يُعد أداة تعليمية متكاملة تجمع بين الإبداع الفني، والتربية السلوكية، وتنمية القدرات الذهنية والاجتماعية، بما يسهم في إعداد جيل قادر على التفكير النقدي والتواصل الفعال، ورغم هذه الأهمية الكبيرة، فإن المسرح المدرسي يجابه في الوقت الراهن مجموعة من التحديات التي تحد من فاعليته، وتؤثر على دوره في العملية التعليمية، وأبرزها ضعف البنية التحتية في المدارس من حيث المسارح المجهزة وأدوات الإضاءة والصوت، بجانب نقص الكوادر المؤهلة من المعلمين المتخصصين في مجال المسرح المدرسي وأساليب التعليم النشط، علاوة على غياب التخطيط المنهجي لإدماج المسرح ضمن الأنشطة التربوية؛ ما يجعله نشاطًا موسميًا أو غير منتظم، كما تتكشف لنا عدة معوقات أخرى تؤثر على جودة الإنتاج المسرحي، مثل محدودية الميزانيات المخصصة للأنشطة الفنية، وضغط المناهج الدراسية مما يصعب من توفير وقت كاف للتدريب والعروض، فضلًا عن ضعف الوعى المجتمعي بأهمية المسرح المدرسي، واقتصار النظر إليه كنشاط ترفيهي.
وفى مختتم حديثها أكدت أن أهم لأهداف التربوية والثقافية للمسرح المدرسي، تتمثل في تنمية مهارات التواصل والعمل الجماعي وتحمل المسئولية لدى الطلاب، ويضاف إلى ذلك تعزيز الانتماء الوطنى والحفاظ على الهُوية الثقافية من خلال الأعمال المستوحاة من التراث والقيم المجتمعية.