نحتفل اليوم بمرور 133 عامًا على صدور العدد الأول من مجلة الهلال الثقافية، هذه المجلة التي لا تمثل حجر الزاوية في تاريخ الصحافة الأدبية العربية فحسب، لكنها تجسد أيضاً رحلة استثنائية من الريادة الثقافية والفكرية منذ تأسيسها على يد المبدع والكات والأديب جوجي زيدان في الأول من سبتمبر عام 1892م.
شكلت الهلال منارة مضيئة في عالم الثقافة العربية، حيث عملت بجرأة وتفانٍ على تقديم الأفكار الجديدة واحتضان الأصوات المبدعة عبر عقود متتالية، وتُعتبر «مجلة الهلال»، التي تصدر شهريًا عن دار الهلال، أول مجلة ثقافية شهرية عربية، وقد أدت دورًا محورياً في تطوير المشهد الأدبي والفكري في العالم العربي وإثراء الحياة الثقافية العربية.
تولى جرجي زيدان بنفسه تحرير المجلة في بداياتها، ثم انضم إليه ابنه إميل في هذه المهمة، وخلال خمس سنوات فقط من إطلاقها، اتسع صداها وازدادت شهرتها وانتشارها بشكل ملحوظ، ونشر «زيدان »عبر صفحاتها أبرز مؤلفاته على شكل فصول متسلسلة، مثل كتاب «تاريخ التمدن الإسلامي» و«تاريخ آداب اللغة العربية» و«تراجم مشاهير الشرق» ومؤلفات أخرى عديدة.
على مدى أكثر من قرن كامل، حافظت المجلة على مكانتها المرموقة كمصدر رئيسي للمقالات الأدبية والتحليلات الثقافية والابتكارات الفكرية والحوارات الثرية. ومن خلال صفحاتها، شهد القراء تجسيدًا حقيقيا لأحلام وطموحات الأدباء والمفكرين، واحتضاناً متواصلاً لأجيال متعاقبة من المبدعين الذين ساهموا في تشكيل ملامح الثقافة العربية الحديثة.
كتب في مجلة «الهلال» كوكبة ونخبة من كبار المفكرين والأدباء ورواد الثقافة في مصر والعالم العربي، كما ترأس تحريرها نخبة من الأدباء المرموقين أمثال: إميل زيدان، وشكري زيدان، وعلي أمين، وفكري أباظة، وحسين مؤنس، وأحمد زكي، وعلي الراعي، وصالح جودت، وأحمد بهاء الدين، ومكرم محمد أحمد، وأمينة السعيد، وآخرين كثيرين.
بالهلال.. لماذا هذا الاسم؟
وعن سبب تسمية المجلة باسم «الهلال»، قدم جورجي زيدان ثلاثة أسباب رئيسية:
أولها: تبركًا بالهلال العثماني رفيع الشأن شعار الدولة، وثانيها: إشارة إلى ظهور هذه المجلة مرة في كل شهر، وثالثها: تفاؤلا بنموّها مع الزمن حتى تتدرج في مدارج الكمال فإذا لاقت قبولا وإقبالا أصبحت بدرًا كاملا، وقال جرجي زيدان أيضًا «نرجو أن تصادف خدمتنا استحسانًا لدى القراء».
أقسام مجلة الهلال
وقسم جرجي زيدان موضوعات مجلته إلى خمسة أبواب:
- أولا: «باب أشهر الحوادث وأعظم الرجال» فلا يخلو جزء من تاريخ حادثة شهيرة أو رجل عظيم أو أكثر مع ما يحتاج إلى إيضاحه من الرسوم.
- ثانيًا: باب «المقالات» ويظهر في كل جزء مقالة أو غير مقالة بقلمنا أو أقلام كتابنا المعاصرين.
- ثالثًا: باب «الروايات» وسندرج فيه من الروايات ما كان على مثال ما كتبناه مما هو تاريخي أدبي ممثل لعوائد الشرقيين وحوادثهم موافق لأذواقهم خال من الحوادث الأجنبية والمسميات الأعجمية فندرج في كل جزء من الهلال جزءًا من الرواية مع ما تحتاج إليه من الرسوم.
- رابعًا: باب «تاريخ الشهر» وهو يشتمل على ماجريات الشهر الغابر في سائر أنحاء العالم ولا سيما مصر وسوريا ملخصة من أصدق صحف الأخبار فيجتمع منه في آخر كل سنة تاريخ حوادث تلك اسنة مرتبة حسب زمن حدوثها يوما فيومًا.
- خامسًا: باب «منتخبات من الأخبار والتقريظ وغير ذلك».
مؤسس مجلة الهلال .. الأديب والمفكر جرجي زيدان
