تحل اليوم، 5 سبتمبر، ذكرى ميلاد الفنان السوري الكبير أسعد فضة، أحد أبرز أعمدة الدراما والمسرح والسينما في سوريا والعالم العربي، الذي وُلد عام 1938 في قرية بكسا بمحافظة اللاذقية، وعلى مدار أكثر من ستة عقود من العطاء الفني، استطاع أن يكتب اسمه بحروف مضيئة في ذاكرة الجمهور العربي، جامعًا بين الموهبة المتفردة والحضور الآسر والإبداع المتعدد الأوجه.
بدأت رحلة أسعد فضة مع الفن بعد تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة عام 1962، حيث تعلّم أسس الإخراج والتمثيل، ليعود إلى بلاده ويقدّم أولى تجاربه الإخراجية عام 1964 بمسرحية "الإخوة كارامازوف" التي لاقت نجاحًا لافتًا. وتوالت بعدها أعماله المسرحية التي تجاوزت ثلاثين عرضًا، منها "الملك هو الملك"، "الغريب"، و"عرس الدم"، مثبتًا مكانته كواحد من أبرز مخرجي المسرح العربي.
ومع مرور الوقت، انتقل فضة إلى التمثيل، ليكشف عن موهبة لا تقل بريقًا عن موهبته الإخراجية، حيث أبدع في أدواره التلفزيونية والسينمائية، وجسّد شخصيات محفورة في ذاكرة الجمهور مثل شخصية "أبو كامل" في المسلسل الشهير الذي عُرض في بداية التسعينيات، و"أبو دباك" في مسلسل "هجرة القلوب إلى القلوب" عام 1991. كما شارك في عشرات الأعمال التلفزيونية منها "انتقام الزباء" (1974)، "الجوارح" (1995)، "الدبور" (2010-2011)، و"باب الحارة" و"نزار قباني"، ليصبح رصيد أعماله الدرامية نحو 76 مسلسلًا.
أما على شاشة السينما، فقد ترك بصمة خاصة من خلال أفلام مهمة أبرزها: "الفهد" (1972)، "ليالي ابن آوى" (1989)، الذي نال عنه جائزة أفضل ممثل في مهرجان دمشق السينمائي، و"قمران وزيتونة" (2001)، إضافة إلى "قصة شرقية" و"الطحين الأسود" و"رسائل شفهية".
وعلى الصعيد الإداري، شغل فضة منصب نقيب الفنانين السوريين لدورتين متتاليتين بين عامي 1998 و2006، حيث لعب دورًا بارزًا في دعم الحركة الفنية والفنانين، وأسهم في تعزيز مكانة النقابة ككيان مؤثر في المشهد الثقافي السوري.
حياته الشخصية لم تخلُ من محطات بارزة، فقد ارتبط بقصة حب جمعته بالفنانة الراحلة مها الصالح، التي كانت شريكة حياته وأم ابنتهما الوحيدة راما، وكانت وفاتها واحدة من أكثر اللحظات ألمًا في حياته. وإلى جانب مسيرته الفنية، ترك فضة إرثًا أدبيًا من خلال كتابه "إطلالة على الذاكرة" الذي روى فيه تفاصيل سيرته وتجربته مع الفن والحياة.
يبقى أسعد فضة رمزًا للفن الأصيل والمبدع المثقف، ومثالًا للفنان الشامل الذي منح المسرح والسينما والتلفزيون جزءًا كبيرًا من حياته، ليظل حاضرًا في ذاكرة الأجيال من خلال أعماله الخالدة وإبداعاته التي تجاوزت حدود المكان والزمان.