6-9-2025 | 13:55
طه حافظ
إسماعيل ياسين أحد أبرز نجوم الكوميديا في تاريخ السينما المصرية، ولد في مدينة السويس، و يعتبر رمزًا للفكاهة الشعبية حيث ترك بصمة لا تمحى في قلوب الملايين بأعماله الفنية الخالدة.
تعد أفلام إسماعيل ياسين في مجملها من أبرز الأفلام الكوميدية في تاريخ السينما المصرية، حيث قدم خلالها شخصيات متنوعة، استطاع أن يجعل منها محطات فنية خلّدها التاريخ، كانت الأفلام التي أنتجها بين عامي 1956 و1960، على وجه الخصوص، حجر الزاوية في تشكيل “الكوميديا المصرية” في ذروتها، حيث قدم فيها أدوارًا تميزت بالخفّة والظرف، وأصبحت هذه الأفلام جزءًا من التراث السينمائي المصري الذي أضحى محط إعجاب أجيال عديدة، فى ذكرى ميلاده التى تحل هذا الشهر نعيش معه رحلته الفنية.
ولد إسماعيل ياسين فى 15 سبتمبر عام 1912 بمدينة السويس.
كانت طفولته صعبة وقاسية.. توفيت والدته وهو فى سن مبكرة جدا، ما اضطره للعيش مع والده واضطر للعمل في سن صغيرة لمساعدة والده.
عندما بلغ الثامنة عشرة أو ما يزيد ترك السويس إلى القاهرة جرياً وراء حلمه الكبير، بدأ إسماعيل ياسين مسيرته الفنية فى القاهرة فى بداية الثلاثينيات من القرن الماضى، وكان حلمه الأول هو أن يصبح مطربا حيث كان متأثرًا بالموسيقار محمد عبد الوهاب، وحلم بأن يصبح مطربا مشهورا.. ومع ذلك، كانت ملامحه الكوميدية وخفة ظله أقوى من صوته، وهو ما جعل الجمهور يضحك من أدائه أكثر من إعجابه بغنائه.
بدلاً من تحقيق حلمه كمطرب، وجد طريقه فى فن المونولوج، وهو نوع من الغناء الكوميدى الساخر، عمل فى كبرى الكازينوهات والمسارح، مثل كازينو بديعة مصابنى، حيث كان يقدم فقرات تجمع بين الغناء والتمثيل والفكاهة.. هنا، اكتشف أن موهبته الحقيقية تكمن فى إضحاك الناس وأدرك سريعا أن حركاته كانت أقوى وأكثر تأثيرا من صوته.. فحول هذا إلى ميزة، وبدأ فى تقديم المونولوجات التى تعتمد على السخرية من الذات ومن الواقع الاجتماعى بطريقة كوميدية خفيفة، هذا الأسلوب جعله قريبا من قلوب الناس الذين رأوا فيه شخصا يشبههم، يعانى من ظروف الحياة لكنه يواجهها بابتسامة.
تعاون إسماعيل ياسين مع كبار الكتاب والملحنين، وعلى رأسهم الكاتب الكبير أبو السعود الإبيارى، الذى شكّل معه ثنائيا فنيا لا ينسى، كتب له الإبيارى العديد من المونولوجات التى ما زالت تردد حتى اليوم، والتي كانت بمثابة مرآة تعكس هموم الشارع المصرى.. من أشهر هذه المونولوجات:
“الفقر جميل”، “عينى علينا يا أهل الفن”، “أنا هتجنن”، “صاحب السعادة”، “يا سلام يا سلام”.
ما ميز إسماعيل ياسين عن غيره من المنولوجست هو قدرته على الارتجال.. كان يتفاعل مع الجمهور فى كل حفلة، يضيف جملًا جديدة، ويغير في طريقة أدائه، مما يضفى على عرضه طابعا فريدا فى كل مرة.
هذا النجاح الساحق فى فن المونولوج كان هو البوابة التى دخل منها إسماعيل ياسين عالم السينما، فبعد أن كان يقدم فقراته فى كازينوهات مثل كازينو بديعة مصابنى، لفت انتباه المنتجين والمخرجين، ليتحول من ملك للمونولوج إلى نجم الشباك الأول، ويدشن مرحلة جديدة فى مسيرته الفنية أثمرت مئات الأفلام التى ما زالت تضحك الملايين.
بعد سنوات من النجاح الساحق كـ “ملك المونولوج” فى المسارح والكازينوهات، حانت اللحظة الحاسمة فى مسيرة الفنان الراحل إسماعيل ياسين، فقد أدرك صناع السينما أن هذا الوجه الكوميدى الساخر، الذى يثير الضحك بمجرد ظهوره، لا يمكن أن يبقى بعيدا عن الشاشة الفضية.
كان أول ظهور سينمائى لإسماعيل ياسين فى عام 1939 من خلال فيلم “خلف الحبايب” للمخرج فؤاد الجزايرلى.. فى هذا الفيلم، لم يكن دوره رئيسيا، بل كان مجرد دور ثانوى يضيف لمسة كوميدية على الأحداث، لكن حتى فى هذه المساحة الصغيرة، استطاع أن يلفت الأنظار ويترك بصمة واضحة، حيث كان يظهر بأسلوبه المعتاد فى الغناء الكوميدى.
على الرغم أن دور إسماعيل ياسين فى “خلف الحبايب” لم يكن محوريا، إلا أن ظهوره كان بمثابة إعلان عن ميلاد نجم كوميدي جديد، الجمهور الذى كان يحبه فى المسرح رحب به على الشاشة الكبيرة، والنقاد أشادوا بخفة دمه وقدرته على الإضحاك بملامحه فقط، هذا النجاح الأولى شجع المنتجين على منحه أدوارا أكبر الى أن أصبح اسماعيل ياسين اسماً بارزاً وشكل ثنائى مع العديد من النجوم.
ومن أشهر الأفلام التى حملت اسم إسماعيل ياسين أفلام:
“إسماعيل ياسين فى البوليس” (1956)
كان العام 1956 نقطة انطلاق جديدة في مسيرة إسماعيل ياسين، حيث قدم فيلمه الشهير “إسماعيل ياسين فى البوليس”، وهو فيلم من إخراج فطين عبد الوهاب، وكتبه بديع خيرى.. الفيلم كان بداية لتقديم شخصية إسماعيل الكوميدية فى قالب مختلف، حيث لعب دور شرطى فى مفارقات كوميدية شائقة، مع وجود نخبة من الممثلين مثل عبد الفتاح القصرى وزينات صدقى، حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا وأصبح من الأفلام التى لا تنسى فى تاريخ السينما المصرية.
“إسماعيل ياسين فى الجيش” (1959)
فى عام 1959، عاد إسماعيل ياسين مجددًا ليأسر قلوب الجمهور بفيلم “إسماعيل ياسين فى الجيش”، من إخراج فطين عبد الوهاب أيضا، وكتبه بديع خيرى، هذه المرة كان إسماعيل ياسين يؤدى دور مجند فى الجيش، حيث عكست الكوميديا المواقف الصعبة والمضحكة التى يمر بها الجنود، بمشاركة عبد الفتاح القصرى وزينات صدقى أيضا، لاقى الفيلم نجاحًا كبيرًا، وأصبح واحدًا من أبرز الأفلام الكوميدية فى السينما المصرية.
“إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين” (1958)
قدم إسماعيل ياسين فيلما مميزًا آخر فى عام 1958 بعنوان “إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين”، من إخراج فطين عبد الوهاب وتأليف بديع خيرى، تميز هذا العمل بتقديمه للمشاهد كوميديا تناقش موضوعات الصحة النفسية بطريقة طريفة وغير تقليدية.. كان إسماعيل ياسين يلعب دور مريض نفسى يعتقد أنه الطبيب، مما أضاف عنصرًا كوميديا إلى الفيلم، كانت المشاركة الأخرى من عبد الفتاح القصرى وزينات صدقى، واللذين جعلا العمل أكثر جذبا للجمهور.
“إسماعيل ياسين فى الأسطول” (1957)
في عام 1957، قدم إسماعيل ياسين فيلم “إسماعيل ياسين فى الأسطول” الذى أخرجه فطين عبد الوهاب وكتبه بديع خيرى.. تدور أحداث الفيلم حول شخصية إسماعيل ياسين الذى يلتحق بالبحرية، ويجد نفسه فى مواقف كوميدية عدة بسبب خفة دمه.. شاركه فى البطولة زينات صدقى وعبد الفتاح القصرى، حيث شكل الثلاثى كوميديا لا تنسى.
“إسماعيل ياسين فى البوليس السرى” (1958)
فيلم “إسماعيل ياسين فى البوليس السرى” الذى أُنتج في 1958، هو واحد من أفلام إسماعيل التى دمجت بين الكوميديا والمغامرة، من إخراج فطين عبد الوهاب وكتابة بديع خيرى، يجسد إسماعيل ياسين فيه شخصية ضابط شرطة يعمل فى قسم البوليس السرى، ويتورط فى مواقف كوميدية تضاف إليها بعض عناصر التشويق. كما شارك فى الفيلم زينات صدقى وعبد الفتاح القصرى، وكانت الكوميديا الصارخة والمواقف المضحكة عاملًا أساسيا لنجاح الفيلم.
“إسماعيل ياسين فى السجن” (1957)
قدم إسماعيل ياسين فى عام 1957 فيلم “إسماعيل ياسين فى السجن”، من إخراج فطين عبد الوهاب وتأليف بديع خيري، فى هذا الفيلم، لعب إسماعيل دور سجين طيب القلب يقع فى سلسلة من الأحداث التى تكشف عن التفاوت بين شخصيته الهادئة وواقع السجن القاسى.. مثل معظم أفلامه، لم تخلُ هذه التجربة من الفكاهة المميزة التى كان يتقنها، ولعل هذا ما جعل الفيلم أحد أفلامه المفضلة لدى الجمهور.
“إسماعيل ياسين فى الطيران” (1959)
فى 1959، قدم إسماعيل ياسين فيلما بعنوان “إسماعيل ياسين فى الطيران” من إخراج فطين عبد الوهاب، وكتبه بديع خيرى، يعد الفيلم واحدا من أشهر أفلامه الكوميدية حيث كان يجسد شخصية جندى فى سلاح الطيران، ووقع فى مواقف كوميدية لاقت استحسان الجمهور، بفضل أجواء الكوميديا المستمرة والمفارقات التى لم تخلُ من الضحك.
المسرح
كما ساهم إسماعيل ياسين فى تاريخ المسرح الكوميدى، وكون فرقة تحمل اسمه وظلت هذه الفرقة تعمل على مدى 12 عاما من عام 1954 حتى عام 1966، قدم خلالها مايزيد على خمسين مسرحية بشكل شبه يومى وتعامل مع العديد من المخرجين المرموقين فى إخراج مسرحياته منهم: السيد بدير، محمد توفيق، عبد المنعم مدبولى، نور الدمرداش.. كما عمل فى مسرح إسماعيل ياسين نخبة كبيرة من كبار نجومنا أمثال: عبد الوارث عسر، شكرى سرحان، سناء جميل، تحية كاريوكا وغيرهم.
منذ العام 1960 تدهورت صحة إسماعيل ياسين، وبدأت مشاركته فى الأفلام تقل، وسافر إلى لبنان للمشاركة فى بعض الأفلام هناك، ومنها: «كرم الهوى، لقاء الغرباء، فرسان الغرام»، وعاد من رحلته إلى القاهرة العام 1968 ليقدم فيلمين فى العام ذاته، هما: ”عصابة النساء وطريق الخطايا”.
ثم توقف عن العمل طوال السنوات الأربع التى سبقت وفاته، حتى توفى بأزمة قلبية بعد مشاركته فى آخر أفلامه «الرغبة والضياع»، وذلك فى 24 مايو 1972.