أكد رئيس الوزراء الفرنسي ، فرانسوا بايرو، اليوم /الإثنين/ أن الخطر على فرنسا سيظل قائما، حتى في حال إسقاط الحكومة، وذلك قبيل تصويت على الثقة بحكومته على خلفية خلاف بشأن موازنة الدولة لعام 2026، والمديونية المفرطة التي تعاني منها البلاد، مؤكدا أن الإنفاق سوف يستمر في الارتفاع بشكل أكبر، وعبء الديون، الذي لا يحتمل، سيصبح أكثر ثقلا".
وحضر بايرو المعين منذ أقل من تسعة أشهر، مساء اليوم /الإثنين/، إلى البرلمان حيث ألقى خطابا سياسيا عاما أمام مجلس النواب الفرنسي قبل أن يواجه تصويتا على الثقة بحكومته، على أساس مشروع ميزانية للعام 2026.
وفي خطاب ألقاه امام النواب، استعرض بايرو في كلمته سياسته العامة ليقدم حججا للنواب حول ضرورة منح حكومته الثقة.
وبدأ بايرو خطابه قائلا "ما نتعامل معه اليوم ليس مسألة سياسية بل مسألة تاريخية تهم الشعب والأمة".
كما رسم رئيس الوزراء صورة قاتمة للوضع في فرنسا، مشيرا إلى "فجوة الإنتاج مقارنة بأقرب جيراننا"، كما تحدث بايرو عن "مشكلة كبرى بشأن التعليم الوطني، قائلا: "نموذجنا التعليمي اليوم في تراجع، مع تراجع في إتقان المهارات الأساسية في الكتابة والقراءة والحساب"، وأكد "لدينا تساؤلات كبرى حول النموذج الاجتماعي".
وشدد بايرو على أهمية مراقبة تدفق المهاجرين وضمان اندماج المتواجدين في الأراضي الفرنسية، ودمجهم "من خلال العمل، ومن خلال اللغة، ومن خلال الالتزام باحترام مبادئ حياتنا".
ثم تحدث بايرو عن المسألة الأهم التي تتعلق بالمديونية المفرطة التي تعاني منها فرنسا، وأوضح أن حياة البلاد مهددة بسبب مديونيتها المفرطة، وقال إن الإنفاق يتزايد، والعجز يتراكم، والديون تتراكم . وقال آسفا إن البلاد لم تشهد ميزانية "متوازنة" منذ 51 عاما.
وبحسب قوله، فإن هذا التراكم في العجز يؤدي إلى تراكم هائل للديون، فالعجز المالي لفرنسا وصل إلى 3415 مليار يورو، مضيفا "ننفق أكثر من مواردنا الاساسية".
ودعا بايرو إلى "جهد معتدل من الجميع"، قائلا "إذا أردنا إنقاذ السفينة يجب التحرك دون تأخير وبذل مجهود من كل فرد".
وقال إن هدف البلاد هو الوصول إلى عجز لا يتجاوز 3% بحلول عام 2029، ومع رفضه فرض ضريبة إضافية على الأشخاص الأكثر ثراء، داعيا إلى "إيجاد نوع من المساهمة، ويطلب من الأفراد ذوي الدخول المرتفعة والثروات العالية المساهمة بشكل خاص في الجهد الوطني.
وقال بايرو أمام نواب الجمعية الوطنية، إن الخطر على فرنسا سيظل قائما حتى في حال إسقاط الحكومة، وأضاف أن النواب لديهم القدرة على إسقاط الحكومة، لكن ليس لديهم القدرة على محو الواقع، مضيفا "سيظل الواقع قاسيا، وسيستمر الإنفاق في الارتفاع، وسيزداد عبء الدين، الذي لا يحتمل، وسيصبح أكثر ثقلا".
جاءت تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي قبيل التصويت بالجمعية الوطنية، التي تنعقد اليوم في جلسة استثنائية بدعوة من الرئيس الفرنسي، على منح الثقة لحكومته أو رفضها. وفي حال عدم منح الثقة، سيضطر فرانسوا بايرو، رابع رئيس وزراء لفرنسا في ثلاث سنوات، إلى تقديم استقالته.
وكان بايرو قد أثار جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية في البلاد في الفترة الماضية، بعد إعلانه ، في آخر أغسطس، الطلب من البرلمان التصويت على الثقة في حكومته اليوم 8 سبتمبر، وهو ما أنذر بخطر سقوط حكومته.
كما حذر بايرو - خلال مؤتمر صحفي مخصص لخطته للاقتصاد في الميزانية، في 25 أغسطس - من الخطر الوشيك الذي تمثله "المديونية المفرطة" على فرنسا، معلنا عزمه الطلب من البرلمان التصويت على الثقة بحكومته اليوم (8 سبتمبر)، على أساس مشروع ميزانية عام 2026 الذي ينص على اقتصاد في النفقات قدره 44 مليار دولار، وإلغاء يومي عطلة رسمية لتقليص الدين المطرد للبلاد الذي يشكل 114 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.
وفي أعقاب المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء، تسارعت ردود الأفعال داخل الأوساط السياسية. فقد أعلنت أحزاب معارضة رئيسية رفضها منح الثقة لحكومة فرانسوا بايرو، وكذلك اليمين المتطرف ، ما جعل من سقوط الحكومة أمرا محتوما، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة من عدم اليقين السياسي في ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.
وخلال الأسبوع الماضي، أجرى بايرو لقاءات مع روساء الاحزاب السياسية والكتل البرلمانية في محاولة لاقناعهم بمنح الثقة في حكومته، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل.
وفي حال سقوط الحكومة، تواجه فرنسا أزمة سياسية خطيرة ولا سيما في ظل مديونية متفاقمة، كما يجد الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه مجددا أمام معادلة سياسية شائكة لإيجاد خامس رئيس وزراء منذ إعادة انتخابه في مايو 2022.
ويمكن للرئيس الفرنسي تعيين رئيس وزراء جديد على الفور أو أن يطلب من بايرو البقاء على رأس حكومة تصريف أعمال، كما يمكنه الدعوة إلى انتخابات مبكرة، الأمر الذي يدخل البلاد مرة أخرى في دوامة جديدة من عدم الاستقرار وعدم اليقين السياسي.