شهد قصر ثقافة الأنفوشي حفل توقيع ومناقشة ديوان شعر الفصحى "جنة الصبار" للشاعرة عبير مبارك، ضمن حفلات توقيع الكتب الفائزة بمسابقة النشر الإقليمي التي ينظمها فرع ثقافة الإسكندرية التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، في إطار خطط وزارة الثقافة لدعم الحراك الأدبي بالمحافظات.
أدار الحفل الشاعر القدير جابر بسيوني، وشارك به الشاعر والناقد محمد محمود عبد الواحد، نائب رئيس نادي الأدب، والشاعر طارق الكردي، وشهد حضور الفنانة د. منال يمني، مدير فرع ثقافة الإسكندرية، الأديب رشاد بلال، رئيس نادي أدب قصر ثقافة الأنفوشي، د. سليمان الأنصاري، د. محمد نجم، ولفيف من الشعراء والأدباء والمثقفين.
استهلت الفعاليات بكلمة ألقتها مدير الفرع، وجهت خلالها الشكر لهيئة قصور الثقافة على حرصها الدائم في دعم المبدعين وإتاحة الفرصة لهم للوقوف أمام جمهورهم من خلال مثل هذه اللقاءات، مؤكدة أن هذه الأنشطة تعكس حرص الهيئة على تشجيع الأدباء الشباب وتقديم النقد الموضوعي لإبداعاتهم.
كما أثنت على ديوان "جنة الصبار" متمنية للشاعرة التوفيق في أعمالها القادمة.
من ناحيته، قدم الشاعر جابر بسيوني قراءة في أعمال الشاعرة، موضحا أن هذا هو ديوانها الأول الصادر عن هيئة قصور الثقافة، ويضم 18 قصيدة تؤكد ميلاد صوت شعري جديد تحتفي به الإسكندرية.
وأضاف أن عبير مبارك لا تقتصر على الفصحى فقط، بل تجيد أيضا كتابة شعر العامية، حيث سبق أن أصدرت ديوانا بعنوان "المشهد حصري".
وأشار إلى أن إهداء الديوان يعكس شخصية الشاعرة، إذ أبرز اعتزازها بأمومتها ووعيها بالمعنى الإنساني، كما أوضح أن قصائدها تتميز بخيال شعري بكر فالعناوين جاءت منتقاة بشكل بارع، والمفردات والصياغات جاءت دافقة بارقة تعتمد على لوحات شعرية واستلهام قرآني، وتجلى ذلك واضحا في استخدامها لكلمات مثل: البحر، النورس، في الظل، أشكو غربتي، عابرة، أبخرة، وغيرها، هذا بالإضافة إلى استخدامها أسلوب الالتفات وأفعال المضارعة التي تكشف أن لديها ذات طواقة تتطلع إلى كل جديد بحثا عن الأمل.
أما الشاعر والناقد محمد محمود عبد الواحد، فقد تناول السمات الفنية للديوان بدءا من الغلاف الذي اعتبره مصمما بأسلوب بصري لافت، حيث جاء الصبار مرسوما بألوان زاهية على غير المألوف، ما يعكس مفارقة جمالية بين الألم والبهجة، وكأن الشاعرة تقدم رساله مفادها أنه حتى في أقسى البيئات وأشد الظروف قسوة يمكن أن تنبثق الحياة.
وأوضح أن ألوان الخلفية المتباينة توحي بالصراع، وهو ما يتسق مع عنوان الديوان، مشيرا إلى أن التصميم جاء كضربات فرشاة حرة تعبر عن حرية الشعر والفن.
وأضاف أن الشاعرة أحسنت اختيار عناوين قصائدها، التي جاءت قصيرة ولكنها فلسفية وتأملية، كما جاء في "في انتظار قصيدة"، الذي عكس حالة من التعلق الداخلي الذي لم يجد منفذا كي يخرج بعد، وعنوان "كاشفة أولى"، الذي جاء ليدل على أن النص يتسم بالجرأة والكشف عن الحقائق النفسية، وهناك أيضا
"شوك الرحيل" الذي جاء موحيا بالألم، فالرحيل هنا ليس حدثا عابرا بل تجربة موجعة مليئة بالعقبات، و"هكذا صرت أغني" الذي جاء يحمل رمزية، فالغناء هنا لا يقصد به الفعل الصوتي، بل جاء كرمز للحرية والتعبير عن المشاعر وكأن الشاعرة مرت بمعاناة جعلتها تجد في الغناء متنفسا.
أما العنوان الرئيسي "جنة الصبار" فأوضح أنه جمع بين النقاء والتحمل، وطرح مفارقة تلخص روح الديوان.
بدوره، قدم الشاعر طارق الكردي دراسة حول الأسلوب والبناء اللغوي للنصوص، مبينا أن الشاعرة اعتمدت على ضمير المتكلم، وأسلوب النداء والاستفهام، ما أضفى على النصوص قوة فصاحة وحضورا لفظيا لافتا، كما اعتمدت على بحور شعرية موسيقية كالبسيط والطويل والكامل، وهو ما يبرز بصمتها الإبداعية.
وأضاف أن هذا يتضح في مطلع الديوان كما جاء في قصيدتي "من أنت"، و"شوك الرحيل"، مشيرا أن من حق الشاعر أن يكون له نوعا من النرجسية التي تصنع حوله هالة من الضوء.
واختتم حديثه مؤكدا على قصائد الديوان تمثل "كولاجا" شعريا يمزج بين المتباعدات والمتناقضات، والشاعر الكبير هو من يتمكن من ذلك ليمتع المتلقي، كما أن استخدام التشبيه والاستعارات والتقديم والتأخير، ينبئ عن قراءتها لنصوص لغوية كثيرة متشبعة باللغة العربية الفصحى، نتج عنها هذا الديوان الذي يغلب عليه الطابع الاجتماعي الرومانسي.
وتوالت الكلمات والمداخلات من الأدباء المشاركين، وأعرب الأديب رشاد بلال عن إعجابه بالديوان، مؤكدا أن الشاعرة تمتلك مخزونا لغويا وثقافة عامة تؤهلها للتفرد.
وأشادت الأديبة سالمة المغربي بحسن اختيار العنوان وكلمات الإهداء، بينما اعتبر الفنان سيد وهب الله أن الديوان جمع بين التجارب الحياتية من حزن وفراق وحب وحنين وهجر، مؤكدا أن الشاعرة تتميز بحس عميق ولغة رصينة.
وفي ختام اللقاء، قدمت الشاعرة عبير مبارك الشكر لهيئة قصور الثقافة ولنادي أدب الأنفوشي على استضافة اللقاء، وقدمت عددا من قصائد الديوان، منها: "في انتظار قصيدة"، "نصف اعتراف"،
"هكذا صرت أغني"، "من أنت"، "اعتراف عادي"، و"يا عزيز العين"، وذلك في حضور الشعراء أحمد درويش، سارة زيادة، محمد خليفة، رامي عويس، محمد هيكل، وأميرة إبراهيم، والفنان عصام رمضان، ونخبة من أدباء الثغر.
جاء الحفل ضمن فعاليات إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، بإدارة محمد حمدي، وبالتعاون مع الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر د. مسعود شومان، والإدارة العامة للثقافة العامة برئاسة الشاعر عبده الزراع، للاحتفال بالكتب الفائزة في مسابقة النشر الإقليمي الخاصة بفرع ثقافة الإسكندرية، في إطار جهود الهيئة العامة لقصور الثقافة لدعم النشاط الأدبي والاحتفاء بالمبدعين.