تحل اليوم 11 سبتمبر، ذكرى ميلاد المايسترو صالح سليم، أحد أبرز الأساطير في تاريخ الكرة المصرية، الذي لم يكن مجرد لاعب بارع داخل المستطيل الأخضر، بل رمزًا للجماهيرية والقيادة والانضباط، واسمًا ارتبط بالنادي الأهلي لاعبًا وإداريًا ورئيسًا حتى أصبح جزءًا من ذاكرته وهويته.
ولد صالح سليم وفي داخله عشق لا ينتهي لكرة القدم، ليصنع لنفسه مكانة فريدة بين نجوم جيله، ويحقق جماهيرية طاغية جعلته فارس أحلام الفتيات في ستينيات القرن الماضي، ينافس كبار نجوم السينما بوسامته وحضوره مثل رشدي أباظة وعمر الشريف.
ورغم هذا البريق، ظل قلبه معلقًا دائمًا بالنادي الأهلي، الذي شكل عشقه الأول والأخير، فابتعد عن الأضواء الفنية وفضل أن يكرس حياته للعمل الرياضي والإداري، حتى أصبح أيقونة تاريخية وواحدًا من أعظم رؤساء القلعة الحمراء.
لم يكن التمثيل من طموحات صالح سليم، لكنه دخل هذا المجال عن طريق الصدفة، فبداية دخوله لعالم السينما جاءت من خلال فيلم "السبع بنات" عام 1961 مع المخرج عاطف سالم، بعد إلحاح من أصدقائه الفنان أحمد رمزي ونادية لطفي، حيث رفض في البداية، ثم تدخلت الفنانة سعاد حسني وحاولت إقناعه قائلة له: «أنا أهلاوية كبيرة وكل إخواتي بيحبوك»، فوافق بعدها على المشاركة في الفيلم، ليكون أول ظهور له على الشاشة الفضية.
بعدها بعام واحد، قدم صالح سليم واحدًا من أهم أدواره في فيلم "الشموع السوداء" عام 1962 أمام المطربة نجاة الصغيرة، من إخراج عز الدين ذو الفقار، مجسدًا شخصية الرجل الكفيف بإتقان شديد، وكان هذا الدور في الأصل معروضًا على النجم عمر الشريف الذي اعتذر، ليترك بصمة بارزة في مسيرة المايسترو الفنية.
ثم جاء ظهوره الثالث والأخير في السينما عام 1963 بفيلم "الباب المفتوح" أمام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، ومن إخراج هنري بركات، ولم يكن موافقًا على الدور في البداية لولا إلحاح فاتن حمامة الشديد عليه.
وعلى الرغم من نجاح أفلامه الثلاثة، فإن صالح سليم لم يستمر طويلًا في المجال الفني، حيث كان يرى أن التمثيل يشبه كرة القدم من حيث تقلب الأحوال، وأن الفنان قد يجد نفسه جالسًا في بيته في أي لحظة بلا عمل.
وقد ظهر هذا الموقف عندما تلقى ابنه هشام سليم مكالمة من والده أثناء تصوير أحد الأفلام، فرد عليه قائلًا: «خد كلم أمك»، في إشارة إلى رفضه مناقشة الأمر وكشفه عن خوفه على ابنه من المجال الفني.
إلا أن بعض النجوم مثل صلاح السعدني حاولوا إقناع صالح سليم بموهبة هشام التمثيلية، مؤكدين أن لديه مستقبلًا كبيرًا، ومع مرور الوقت بدأ خوف المايسترو يتلاشى تدريجيًا.
ورغم ذلك، ظل صالح سليم محافظًا على موقفه بعدم التدخل في حياة أبنائه الخاصة، وهو ما أكده هشام لاحقًا حين نفى الأخبار التي قيلت عن غضب والده من مشاركته في مسرحية "شارع محمد علي" بسبب مشاهد الرقص، مشددًا على أن والده لم يتدخل في خياراته الفنية على الإطلاق.
لقد كان صالح سليم حالة فريدة جمعت بين الفن والرياضة، فبينما نافس نجوم السينما بوسامته وحضوره، ظل مخلصًا لشغفه الأكبر وهو كرة القدم والنادي الأهلي، هذا الإخلاص دفعه إلى الابتعاد عن الأضواء الفنية والتفرغ لإدارة القلعة الحمراء، ليصنع لنفسه مكانة خالدة كرئيس تاريخي للنادي وأحد رموزه التي لا تُنسى.