أكدت أحزاب سياسية أهمية القمة العربية الإسلامية المرتقبة في العاصمة القطرية الدوحة، والتي تُعقد استجابةً للعدوان الإسرائيلي الذي استهدف الأراضي القطرية، في اعتداء وصفته بـ«السافر» على السيادة القطرية، وتجاهل تام لدورها كوسيط في مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة.
وشددت الأحزاب، في تصريحات خاصة لـ«دار الهلال»، على ضرورة أن تُسفر القمة عن قرارات رادعة لمواجهة «العربدة الإسرائيلية» في المنطقة، بعيدًا عن الاكتفاء بما وصفوه بـ«الشجب والتنديد المعتاد».
ودعت تلك القوى السياسية إلى تأسيس قوة عربية مشتركة للدفاع عن الأمن القومي العربي، تمثل رادعًا حقيقيًا أمام التهديدات الإسرائيلية، ومواجهة «الخطر المتصاعد على الأمن والاستقرار الإقليمي».
قمة استثنائية
وأكد ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن القمة العربية الإسلامية الطارئة المقرر انعقادها في العاصمة القطرية الدوحة، تأتي في ظرف استثنائي، خاصة بعد العدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطر، في انتهاك واضح لسيادتها.
وشدد الشهابي، في تصريح لـ«دار الهلال»، على أن المرحلة الحالية تفرض موقفًا عربيًا وإسلاميًا واضحًا ضد الاحتلال الإسرائيلي وشريكه الاستراتيجي الولايات المتحدة الأمريكية، موضحًا أن هذا العدوان ما كان ليحدث لولا حصول تل أبيب على ضوء أخضر من واشنطن، رغم أن الدوحة تعد من حلفائها.
وثمّن الشهابي انعقاد القمة للتباحث حول هذه التطورات، داعيًا المشاركين، وبخاصة الدول العربية، إلى اتخاذ قرارات رادعة تجاه إسرائيل، تكون محل اعتزاز للأجيال القادمة.
وقال: «يجب أن تدرك إسرائيل والولايات المتحدة أن هناك عقابًا عربيًا وإسلاميًا جادًا، يوقف عربدة تل أبيب في المنطقة، التي تستقوي بدعم غير محدود من واشنطن».
وأوصى بإنشاء قوة عربية مشتركة للدفاع عن الخليج العربي والأمن القومي العربي، مؤكدًا أن هذه القوة ستكون عامل ردع يحفظ الاستقرار، ويمنح الدول العربية القدرة على حماية مصالحها، ومواجهة العربدة الإسرائيلية في المنطقة.
قرارات رادعة
اعتبر كمال حسنين، رئيس حزب الريادة، أن القمة العربية الإسلامية المرتقب عقدها في العاصمة القطرية الدوحة تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بعد «تصعيد إسرائيلي خطير» تمثل في قصف قطر، الدولة التي ليست مجرد وسيط في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، بل باتت الوسيط الدائم في المحادثات مع الجماعات الإسلامية المسلحة.
وقال حسنين، في تصريح لـ«دار الهلال»، إن «هذا الاعتداء السافر تجاوز كل الخطوط الحمراء»، مشددًا على ضرورة أن تصدر عن القمة قرارات رادعة ضد الاحتلال الإسرائيلي، مضيفًا: «شبعنا شجبًا وإدانات»، وتساءل: «ألا يستوجب الأمر خطوات عملية وملموسة؟ ألا يجب قطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل ووقف التعامل معها؟».
ورأى أن استهداف قطر يثبت أن الولايات المتحدة «شريك أساسي فيما يجري»، مؤكدًا أنها ما زالت تمنح الغطاء الكامل لإسرائيل، ما يجعلها «الفاعل الرئيسي في ما يحدث بالمنطقة» والداعم الأكبر للحكومة الإسرائيلية.
وشدد حسنين على أن المطلوب هو قمة عربية إسلامية «فاعلة» لا تكتفي ببيانات مكتوبة أو شعارات تقليدية، مؤكدًا أن الشعوب العربية والإسلامية «سئمت الأقوال وتطالب بالفعل».
وأوضح أن العالم العربي والإسلامي يمتلك أوراق قوة حقيقية، في مقدمتها المال والموارد البشرية والعلاقات الاقتصادية، ما يمكّنه من اتخاذ مواقف عملية مؤثرة.
ودعا حسنين القمة إلى إصدار قرارات حقيقية تفرض عقوبات صارمة على إسرائيل، وعلى الدول التي تمدّها بالسلاح أو تواصل التعامل معها، مشيرًا إلى أن «الاقتصاد هو عصب الحياة في إسرائيل»، وبالتالي فإن الضغط الاقتصادي العربي والإسلامي يمكن أن يشكل أداة ردع فاعلة.
كما جدّد المطالبة بإنشاء قوة عربية مشتركة قادرة على حماية الأمن القومي، لافتًا إلى أن مصر كانت في السنوات الأخيرة طرحت هذا الأمر، لكن بعض الدول رفضت الفكرة.
وأكد أن الأوضاع الحالية «تفرض حتمية وجود هذه القوة» للدفاع عن الأمة.
واختتم حسنين تصريحاته بالتأكيد على أن «المجازر اليومية في غزة، وسقوط مئات الشهداء وسط صمت دولي، يكشف غياب احترام إسرائيل الشرعية الدولية والقانون الدولي وحتى قرارات مجلس الأمن»، محمّلًا الإدارة الأمريكية، برئاسة دونالد ترامب، المسؤولية المباشرة بوصفها «الراعي الرسمي للإرهاب الإسرائيلي».
إيجاد قوة ردع
ومن جانبه، أكد حسن ترك، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، أن التطورات التي تشهدها المنطقة جراء الاعتداءات الإسرائيلية على أكثر من دولة في المنطقة، وآخرها قطر، تفرض على القمة العربية الإسلامية المرتقبة في الدوحة ضرورة تفعيل قوة دفاع مشترك تردع إسرائيل.
وقال ترك، في تصريح لـ«دار الهلال»، إن الاعتداء الإسرائيلي على قطر، التي تضم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، يكشف زيف ما يُعرف بـ«الحماية الأمريكية» لدول المنطقة، مشددًا على أن الخيار الأمثل لحماية الدول العربية يتمثل في تفعيل معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول جامعة الدول العربية.
وأشار إلى أن استهداف إسرائيل للأراضي القطرية جاء بذريعة تصفية قادة حركة حماس، الذين تصفهم إسرائيل بـ«الإرهابيين»، لافتًا إلى أن هذا النهج قد يُستخدم ضد أي دولة عربية أخرى تحت مبررات مشابهة.
وأضاف ترك أن الدفاع المشترك يمثل السلاح الحقيقي للدول العربية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية، داعيًا إلى الالتفاف حول مصر باعتبارها أكبر قوة عربية قادرة على قيادة هذا التوجه.
واختتم مؤكدًا أن القمة المقبلة لا خيار أمامها سوى اتخاذ قرارات «قوية» تعبر عن استفاقة عربية إسلامية قادرة على كبح جماح إسرائيل.