الأحد 16 يونيو 2024

فى العام الجديد .. البعض ينتظر معجزة الحب

2-1-2018 | 15:22

مع بداية كل عام يداهمنى الشوق لقصة عشق تزلزل كياني، ولما لا ؟ فمنذ نعومة أظافرى وأنا مولعة بقصصه، تبهرنى سير الحب لرجال ونساء آمنوا بالأقدار العاطفية، فعاشوا أعمارهم بقلب شبه موارب تأهباً لأى طارئ وجدانى يقربهم من الفرحة، البعض حالفه الحظ وحقق حلم عمره لكن أبت أمراض المشاعر أن تتركه لحال سبيله فأصابت علاقته الزوجية بالفتور، وآخر لا يزال جالساً على مقعد اللا ارتباط وكله أمل ورجاء أن يحلق طائر الحب فوق سمائه ذات يوم، باختصار معظمنا علق عقد قرانه على انتظار معجزة الحب، فهل من سبيل لإيجادها؟! 


لا أحد يرشدنا لطريق الحب، كيف نجده، وماذا نفعل فى نوبات الحنين التى تجتاحنا كل حين لحرفى الحاء والباء

ونحن لا نملك خارطة عاطفية توصلنا إليه، فهذا الساحر المسمى «العشق » لا يباع ولا يشترى ولا يوجد عقار شافى يداوينا من لطشة غرام فأفقدتنا صوابنا، فنحن بحاجة لمعجزة حب تأتى إلينا فتغير مسارنا، وعنها ذهبنا لمن سبق وحظوا بإيجادها منهم شرين راشد فتقول: يعد الحب أحد الأسرار الكونية والتى لم يتوصل عالم لتركيبته ولا استطاع شاعر وصف ماهيته وهو ما أدركته من خلال تجربتى الشخصية، فما أن دخلت فى مرحلة الشباب حتى بدأت رحلة البحث عن الحب، فكلما طرق بوابة قلبى أحدهم أمنح نفسى فرصة التعرف عليه ولا أنكر أن لهفتى للعشق دفعتنى لخوض أكثر من تجربة عاطفية فاشلة فضلاً عن خطبة لم أشعر خلالها بأى من الأحاسيس التى كثيراً ما سمعت عنها، الأمر الذى أدى لفسخها، هكذا مضت الأعوام لأصل لسن 33 دون أن أحظى بالغرام ما أوصلنى لحالة يأس فقررت التفرغ للعمل ونسيان الزواج خاصة وأننى على قناعة من عدم مقدرتى على الإقدام عليه دون أن تربطنى مشاعر قوية بشريك العمر، ولأن الأشياء تأتى دائما حين نكف عن انتظارها حدث ما لم يخطر ببالي، فقد تلقيت دعوة خطبة شقيق زميلة لى فى العمل، ذهبت ولم أكن التقيت بأخيها من قبل، وعندما نظرت إليه انتابنى شعور غريب لا يمكن وصفه، هل أعجبت به أم أحببته لا أعرف ولن تفيدنى المعرفة فهو يحتفل بخطبته على أخرى، حاولت محو صورته عن حائط ذاكرتى لكن دون جدوى، وكأن للقدر العشقى أحكامه، فبعد 30 يوما جاءتنى زميلتى لتخبرنى أن أخيها فسخ خطبته، والسبب أنا، فقد لازمه نفس الشعور الذى سبق وانتابنى خاصة أن خطبته تمت بطريقة تقليدية لفقدان أمله هو الآخر فى إيجاد من ينبض لها القلب، وهنا أيقنت أن الحب معجزة إلهية تأتى فقط للمحظوظين فى هذا الكون، وبالفعل تزوجنا فى أول العام قبل الماضى ونستعد هذه الأيام للاحتفال بأجمل يوم فى العمر «يوم زواجنا » والذى يصادف الاحتفال بليلة رأس

السنة.. لذا أسعى فى كل عام إلى تجديد حبنا برحلة قصيرة نعيد فيها أحلى الذكريات ونجدد لهفة أول لقاء.

للقاء بقية حظت الإذاعية هالة يوسف بمعجزة الحب وعنها تقول: العشق قدر ليس له سن ولا يخضع لشرط، فقد

يباغتك دون سابق إنذار، وحكايتى أكبر دليل على ذلك، فقد تزوجت فى سن صغيرة وانفصلت وابنتى فى شهرها

الأول، بعدها ألغيت فكرة الارتباط من أولوياتى وتفرغت لعملى وصغيرتي، هكذا انقضت 18 عاما من حياتى حتى

حدث ما لم أتخيله، فكنت أجهز حلقة عن بيرم التونسى وسألت زملائى عن شخص يكلمنى عنه، فنصحنى أحدهم

بالتحدث مع حفيده وهو يعمل بالقضاء، فاتصلت به واتفقنا على موعد دون أن يعلم أحدنا أن هذا اللقاء سيعيد

رسم خارطة طريقنا، فما أن التقيته حتى أصيبت عينى بزغللة غير مفهومة، شيء ما تسلل إلى فؤادى، تعجبت من

حالتى لكننى غفلت أو بمعنى أصح تغافلت عما أصابني، لكن ظل كلامه عن رحيل زوجته عالقا فى ذهني، وداخلى احتمال أنه لا يزال لهذا اللقاء بقية، وقد كان حيث عاود الاتصال بى بعد 48 ساعة ليسألنى عن أشياء كثيرة، ومكالمة فحوار فلقاء حتى اعترف لى أنه يعيش مشاعر مماثلة منذ اليوم الأول لتعارفنا، هكذا تزوجنا لننعم سوياً بمعجزة الحب، لذا أنصح دوماً كل الباحثات عن الغرام أن يسلمن أمرهن للمولى عز وجل ويفتحن قلوبهن لاستقبال المشاعر الحلوة، فكم من حب أتى وراح دون أن يعلم صاحبه فقط لأنه لم يكن على استعداد لاستقباله أو كان منشغلا باهتمامات أخرى.

وتضيف: إذا كان الحب يحتاج لمعجزة سماوية، فالحفاظ عليه وبقاؤه يتطلب رغبة متبادلة من طرفيه، فكثيراً ما يضيع العشق بسبب أمراض الزواج كالملل والخرس الزوجى وغيرهما، وأفضل وسيلة لتجنبها الحفاظ على الصداقة

بين الزوجين مع أهمية مشاركة كل طرف للآخر فى ميوله واهتماماته، وهو ما أحرص عليه وزوجى حتى أننا نتفق على لقاءات خارج المنزل ليذهب كل منا لملاقاة الآخر فى كامل أناقته وكأننا فى أيام حبنا الأولى قبل الزواج، وهذا ما أدعو كل زوجين للقيام به وهما يستقبلان العام الجديد.


إيقاع الحياة

إذا كانت الحكايات السابقة تشير إلى  إمكانية حدوث معجزة الحب فى أى مكان وزمان، فهناك من يرى أن زمن المعجزات انتهى وهو ما تؤكده الكاتبة الكبيرة سلمى ش ش قائلة: لم نعد فى عصر ا الرومانسية وانتظار المعجزات الغرامية، فقد أخذنا إيقاع الحياة السريعة بما تمليه من متطلبات لا نهائية فأصبح الحب من

أول نظرة والجلوس على مقعد انتظار المشاعر الحانية لا يجدي، فالارتباط يحتاج لذكاء حتى يستطيع الإنسان إيجاد الشخص المناسب له، وعند لقائه عليه أن ينسج خيوط الود من خلال أحاديث تقربه منه، أى أن الأمر يستوجب بذل جهد وحتى لو حدث الزواج يجب على كل طرف التغاضى عن أخطاء الآخر ومحاسبة الذات أولا قبل إلقاء اللوم على شريك حياته فضلا عن ضرورة العطاء المتبادل، ولتكن السنة الجديدة فرصة لكل الأزواج والزوجات لعمل كشف حساب والبدء بروح جديدة خالية من المشاحنات وعلى أول أيامها كلمة حب تعينهما على تحمل متاعب الحياة.

الاحترام أهم

وتتفق د. جيهان فرحات، رئيسة رابطة المرأة المبدعة مع الرأى السابق وتقول: إن معجزة الحب قد تأتى كومضة

ضوء سرعان ما تنطفئ إذ لم تجد الرعاية اللازمة، فالحب كالنبتة يحتاج لمن يزرعه ويرويه بالحنان والاهتمام وإلا ذبل ومات، ولكى يدوم الحب يجب أن يقترن دوماً بالاحترام، ومن ثم أنصح كل من يمر بمشاكل زوجية الكف عن اللوم والعتاب واستقبال العام الجديد بروح متسامحة وابتسامة صافية، فلا يوجد حياة دون مشاكل لكن تخطيها يحتاج رغبة متبادلة من الطرفين فى إعلاء الحب ونسيان كل ما عداه حتى نصل بالعلاقة الزوجية لبرالأمان.

حالة مزاجية

يقول د. يسرى عبد المحسن، أستاذ الطب النفسى بكلية طب قصر العينى جامعة القاهرة: لاشك أن الحب يرتبط

بعوامل نفسية وبيئية واجتماعية ووراثية، فهناك شخصيات يسهل عليها إيجاد الحب وأخرى يصعب أن تشعر به كالشخصية السيكوباتية والتى تتسم بالعدوانية والميل للاستحواذ والسيطرة ومن ثم لا تعرف ماهية الحب، أما ما يتحدث عنه البعض كون العشق معجزة فأرى أننا لسنا فى زمن المعجزات ورهن العمر على انتظار حدوثها

كالجرى وراء سراب، فالحب لا يأتى إلينا إنما نسعى نحن إليه بحسن الاختيار والاستعداد للتضحية وتبادل

العطاء، والمشاعر العاطفية0 تدخل ضمن الحالةالمزاجية والاستعدادالنفسي، فكثيرا مانجد أشخاصا عاجزين عن الحب جراء الهموم المتلاحقة المتحكمة فى أحاسيسهم، بعدها تبدأ الشكوى من تسرب الحب من ب طرفى الع قة بل ن ا ومعاناة بعض الأزواج من أمراض المشاعر القاتلة للغرام وع ج كل ما سبق ا يعتمد على تقديم قليل من

التنازلات لإنجاح العلاقة مع التركيز على الإيجابيات والتغاضى عن السلبيات التى تفسد الارتباط.