أطلقت مؤسسة دار الهلال مشروعًا ثقافيًا جديدًا ضمن رسالتها التنويرية الممتدة على مدار 133 عامًا، وبالتزامن مع احتفالاتها بذكرى تأسيسها، يستعيد المشروع دور سلسلة "كتاب الهلال" الشهيرة التي تُعد من أبرز إصدارات المؤسسة.
ويتمثل القسم الأول من المشروع في إلقاء ضوء عصري متجدد على أعمال المفكر الكبير الدكتور جمال حمدان، من خلال قراءة حديثة لمؤلفاته المتنوعة، وفي مقدمتها موسوعته الشهيرة شخصية مصر، خاصة وأن دار الهلال هي الجهة صاحبة الحق في نشر أعماله.
ويكتسب المشروع قيمة ثقافية بارزة لكونه جسرًا لإعادة تقديم فكر جمال حمدان إلى الأجيال الجديدة، أشبه بدليل شامل وخريطة معرفية تساعد القارئ على الإبحار في نتاجه الفكري، وذلك برؤية تحليلية يقدمها الدكتور عاطف معتمد، أستاذ الجغرافيا بجامعة القاهرة.
وشارك في المشروع الدكتور عاطف معتمد عبد الحميد، أستاذ الجغرافيا بكلية الآداب جامعة القاهرة، الذي أكد أن المبادرة تمثل "زيارة جديدة وإعادة قراءة لما قدمه هذا العالم العظيم من إنتاج فكري متنوع"، مشيرًا إلى أن جمال حمدان يُعد أحد أبرز أعلام الثقافة المصرية في القرن العشرين، وأستاذًا فريدًا في أفكاره وإسهاماته التي شملت الجغرافيا الثقافية والسياسية والتاريخية والتحليل السياسي، إلى جانب دراساته الرائدة عن جغرافية مصر.
وعن المشروع، استطرد قائلًا: "المشروع الذي نسعى لتقديمه مع دار الهلال يتمثل في إعادة قراءة وتحديث ما خلفه هذا العالم الكبير من إنتاج فكري، سواء ما تعلق بجغرافية مصر أو بجغرافية العالم، إلى جانب ما قدمه من دراسات ثرية في مجالات الجغرافيا الثقافية، والجغرافيا السياسية، والجغرافيا التاريخية، والتحليل السياسي، بالإضافة بطبيعة الحال إلى ما أفرده من اهتمام شامل بجغرافية مصر، مع مقارنات دقيقة بينها وبين دول أخرى في العالم".
وأضاف: "أما المشروع الثقافي الذي تقوم به دار الهلال، فهو قائم على تقديم قراءة تحليلية ونقدية لهذه الأعمال، وذلك من خلال نشر مقال شهري في مجلة الهلال، وبدأ بالفعل نشر هذه المقالات على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، ومن المقرر أن تستمر بانتظام، بحيث يُعرض كل شهر واحد من كتب الدكتور جمال حمدان أو بعض فصول".
وتابع معتمد: "هذا العرض يقوم على فكرة تبسيط المحتوى للقارئ؛ فقد نتدخل أحيانًا في الصياغة لتقريب الأفكار وجعلها أوضح، وربما نستشهد بمقاطع محددة من كتابات جمال حمدان ونقدمها للقارئ المعاصر، لاسيما الشباب الذين قد يجدون صعوبة في قراءة هذه الأعمال الكبيرة بكاملها".
وأشار إلى: "جانب التبسيط والتلخيص، نقدم أيضًا تحليلات نقدية لبعض المعلومات، لا نعني بالنقد الاعتراض على أفكار جمال حمدان، فمشروعه الفكري ثري وقابل للقراءة والتحليل، موضحا أنه خاص بالنقد مراجعة المراجع والمصادر التي اعتمد عليها، خصوصًا أن معظمها ينتمي إلى المدارس الأوروبية، وقد جرى تحديث الكثير منها بمراجع وأفكار ومعلومات جديدة".
وأكد: "نحن نسعى إذن إلى أن نُعين القارئ ونقول له: بعد مرور أربعين أو خمسين عامًا، بل أحيانًا ستين عامًا على بعض هذه الأعمال، ماذا تغير في موضوعاتها؟ وما المستجد من أفكار حولها؟".
وأوضح: "ومن أبرز كتب جمال حمدان التي يتناولها المشروع: استراتيجية الاستعمار والتحرير، العالم الإسلامي المعاصر بين إفريقيا وآسيا، اليهود أنثروبولوجيا، جغرافية مصر، و6 أكتوبر في الاستراتيجية والسياسة والحرب، جميع هذه الأعمال المهمة نعمل على تقديمها بقراءة جديدة وتحليل مبسط لقراء الهلال في العصر الحديث، على أمل أن تكتمل هذه المقالات في صورة كتاب ضمن سلسلة كتاب الهلال عن الدكتور جمال حمدان، وربما يكون في كتاب واحد أو أكثر".
واختتم قائلًا: "إنني أتمنى أن يكون في كل تخصص علمي مثل الجغرافيا رواد ينهضون بالدور المطلوب منهم في مرحلتهم التاريخية، ويتركون تراثًا علميًّا ومنتجًا فكريًّا من مقالات وكتب وأفكار، يصلح لإعادة قراءته من قبل الأجيال التالية، تمامًا كما نحاول نحن اليوم أن نعيد قراءة المنتج الثقافي في هذا المشروع الثقافي المهم الذي تتبناه دار الهلال".