الأحد 21 سبتمبر 2025

تحقيقات

مؤتمر حل الدولتين.. بين تطلعات الفلسطينيين وتصعيد إسرائيل

  • 21-9-2025 | 21:46

علم فلسطين

طباعة
  • محمود غانم

في ظل ظرف استثنائي تمر به القضية الفلسطينية، ومع تصاعد مساعٍ إسرائيلية لا تقتصر على الإجهاز على آمال إقامة الدولة الفلسطينية، بل تمتد إلى محاولات تفريغ الأرض من شعبها، ينعقد المؤتمر الدولي لحل الدولتين في مدينة نيويورك الأمريكية، وسط آمال بأن يسهم بشكل عملي في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ويأتي المؤتمر مدفوعًا بزخم غربي متصاعد تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واضعًا نصب عينيه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة تعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل، على حد ما تذكره البيانات الرسمية.

ويلقى المؤتمر ترحيبًا دوليًا واسعًا، لاسيما أنه يتزامن مع حرب إبادة تشنها إسرائيل في قطاع غزة خارج كل المواثيق والقوانين الدولية، بالتوازي مع تصعيد خطير في الضفة الغربية، الأمر الذي يهدد بتقويض أي فرصة حقيقية للسلام.

وفي خضم معاناة الشعب الفلسطيني، يُنظر إلى المؤتمر كنافذة سياسية جديدة تُظهر أن إسرائيل هُزمت على الساحة الدبلوماسية لصالح الحقوق الفلسطينية، بما يمهد لمرحلة فارقة في مسار القضية.

وفي هذا السياق، حاورت "دار الهلال" سياسيين للوقوف على أهمية المؤتمر، وما يمكن أن يحققه من مكاسب للشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، فضلًا عن التحديات التي تواجه قيام الدولة الفلسطينية، وكيفية دعم المجتمع الدولي لها في ظل السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى إجهاض أي محاولة لإقامة الدولة الفلسطينية.

 

المؤتمر بين الآمال الفلسطينية والعربدة الإسرائيلية

ومن جانبها، توضح الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية، أن مؤتمر حل الدولتين المقرر عقده في نيويورك، يهدف إلى دعم الجهود الرامية لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق السلام، وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية، لاسيما بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلان نيويورك" الصادر عن المؤتمر وصوّتت عليه بأغلبية 142 دولة، مع توقعات باعتراف نحو 10 دول إضافية بدولة فلسطين خلال فترة انعقاد أعمال الدورة 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

غير أن الدكتورة نهى تشير في المقابل إلى أن هذا المؤتمر ليس الأول من نوعه في هذا الإطار، مؤكدة أنه على الرغم مما تبديه المؤتمرات الدولية من دعم للحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، تبقى إسرائيل ماضية في ممارساتها، متجاهلة التوافقات الدولية وأسس التعاون والقانون الدولي.

بالموازاة، يوضح الدكتور خالد الشنيكات، رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، أنه من المتوقع أن يزداد عدد الدول التي ستعترف بالدولة الفلسطينية بموجب مؤتمر نيويورك والمشروع الدولي، علمًا بأن الإعلان عن الدولة الفلسطينية تم منذ عام 1988، حيث سارعت الدول العربية للاعتراف بها آنذاك، ثم لحقت بها دول من حركة عدم الانحياز، ومجموعة الدول الإسلامية وغيرها.

لكنه يضيف أن الاعتراف ظل في تلك المرحلة حبرًا على ورق، إذ إن إسرائيل ما زالت تحتل الضفة الغربية وقطاع غزة، بل وفلسطين التاريخية بأكملها، فيما تواصل التوسع في الاستيطان، وبالتالي فإن مسألة الاعتراف وحدها بقيت شكلية لدولة غير قائمة فعليًا على الأرض.

وحسب الشنيكات، فإن المتغير الجديد اليوم يتمثل في دخول بعض الدول الغربية الفاعلة مثل فرنسا، بريطانيا، كندا، أستراليا والبرتغال على خط الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

غير أن هذا الاعتراف، كما يعتقد الشنيكات، مشروط، ويتعلق بقضايا مثل نزع السلاح، وضمان أن تكون الدولة الفلسطينية غير مُهدِّدة لإسرائيل، إضافة إلى التساؤلات حول طبيعة هذه الدولة ومساحتها ومدى التواصل الجغرافي بين أجزائها، مشيرًا إلى أن هذه أمور ما زالت غير واضحة، خاصة أن فرنسا وبريطانيا وكندا تضع ضمن أجندتها مثل هذه الاشتراطات.

ويلفت إلى أن هذه الدول الغربية -التي اعترفت وستعترف- لا تملك تأثيرًا حاسمًا على إسرائيل، فهي تبقى على هامش القرار مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة النفوذ الأكبر على تل أبيب.

لكن إذا ما توحدت هذه الدول على سياسة مشتركة تجاه الضفة الغربية، كفرض عقوبات اقتصادية على المستوطنين، أو تعليق الاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، فقد يشكل ذلك عامل ضغط، وفق السياسي الأردني.

ومع ذلك، يؤكد أنه يبقى التأثير محدودًا ما لم تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا مباشرة، وهو ما لا يبدو أنه يمكن أن يحصل في الوقت الراهن، بل على العكس، فإن إدارة ترامب منحت الأولوية لمصالح حكومة نتنياهو، بدءًا من الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وصولًا إلى دعم سياساتها في غزة والضفة.

 

دور المجتمع الدولي

وأضاف الشنيكات، أن الحديث عن دور المجتمع الدولي يظل مرتبطًا بخيارات مثل فرض عقوبات حقيقية على الاحتلال، ووقف التعاون مع إسرائيل في مجالات التجارة والعلم والبحث والتبادل الاقتصادي، موضحًا أن مثل هذه الخطوات وحدها قد تكون مؤثرة وتدفع إسرائيل في النهاية للقبول بشكل من أشكال الدولة الفلسطينية.

لكن، وحتى الآن -يقول الشنيكات- فإن الدولة التي تتحدث عنها بعض الدول الغربية ما زالت غير محددة المعالم، خاصة في ظل واقع استيطاني يطوق معظم الضفة الغربية ويفصل بين شمالها وجنوبها.

 

الاكثر قراءة