رأت صحيفة /وول ستريت جورنال/ الأمريكية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعيد تأكيد هيمنة الولايات المتحدة على أمريكا اللاتينية، فهذه المنطقة تُعد حاسمة في تحقيق أهداف ترامب في الحد من الهجرة ومنع تهريب المخدرات.
وذكرت الصحيفة، في تقرير لها، أن ترامب أعاد تشكيل دور واشنطن في أمريكا اللاتينية بقوة لم تشهدها المنطقة منذ عقود، مستخدما نفوذ الولايات المتحدة العسكري والاقتصادي بكامل قوته، ومعتبرا المنطقة منطقة نفوذ أمريكية حصرية.
وقالت الصحيفة إنه لم يمارس أي رئيس أمريكي هذا القدر من الضغط على المنطقة منذ ذروة الحرب الباردة، عندما ركز رونالد ريجان جهوده هناك على مكافحة الجماعات اليسارية في أمريكا الوسطى ونظام ساندينيستا في نيكاراجوا.
وأوضحت أنه من الحدود المكسيكية إلى باتاجونيا، يُطبق ترامب عقوبات على خصومه من خلال فرض تعريفات جمركية عالية، وقصف جوي، وهجمات إعلامية حادة، بينما يقدم مساعدات أمنية ومعاهدات اقتصادية لمن يعتبرهم أصدقاء. ووصف أحد المحللين هذا النهج بـ"مبدأ مونرو الجديد"، استنادا إلى مبدأ مونرو الذي كان يوجه السياسة الأمريكية تجاه المنطقة في القرن التاسع عشر.
وأشارت الصحيفة إلى أن المنطقة تُعد حاسمة في تحقيق أهداف ترامب في وقف الهجرة وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، لمحاولة مواجهة الصين التي عززت علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية في أمريكا اللاتينية خلال العقدين الماضيين .
وبحسب الصحيفة، يحظى الحلفاء الذين يمدحون ترامب ويتوافقون مع رؤيته للعالم - من الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى رئيس السلفادور نجيب أبو كيلة - بالدعم والترحيب. أما الذين يعارضونه - وعلى رأسهم الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والكولومبي جوستافو بيترو - فهم هدف انتقاداته .
وقالت /وول ستريت جورنال/ إنه لدى كبار الدبلوماسيين في إدارة ترامب خبرة واسعة في أمريكا اللاتينية، ومنهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ابن مهاجرين كوبيين، الذي قام بعدة زيارات إلى المنطقة مع متابعته المفاوضات في أوكرانيا وغزة. أما نائب وزير الخارجية الأمريكي، كريستوفر لاندو، فهو سفير أمريكي سابق في المكسيك. والسفير الجديد في المكسيك، رون جونسون، ضابط مخابرات أمريكي سابق ذو خبرة واسعة في أمريكا اللاتينية.
وقال روبيو إن الإدارات السابقة تناست أمريكا اللاتينية وأهملت مصالح الولايات المتحدة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل ترامب، كانت الولايات المتحدة تدعم حلفاءها في أمريكا اللاتينية، بينما كانت تعزل الدول التي تعتبرها ديكتاتورية ومعادية للولايات المتحدة، مثل كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا، وفق سياسة تستند إلى اعتبارات أوسع وأكثر شمولية. ومنذ اليوم الأول لتولي ترامب منصبه، عكس هو ومرؤوسوه مسار السياسات المتبعة لعقود، واعتمدوا نهجا أكثر تصادما، مما استدعى استجابة سريعة من قادة المنطقة.
ويرى محللون أن الرئيس الأمريكي يعتمد بشكل متزايد في سياساته على شخصيات وقناعات القادة السياسيين، والطابع التبادلية للمصالح في العلاقات الدولية. وقد أدرك بعض القادة أن الإطراء ــ وجرعة صحية من التودد الشخصي ــ قد يجلب لهم مكاسب كبيرة.
وفي هذا الشهر، صنف ترامب كولومبيا، الحليف التقليدي للولايات المتحدة في مكافحة المخدرات، في تقرير واشنطن السنوي ضمن الدول التي فشلت في مكافحة المخدرات. ثم أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أمس الأول الجمعة أنها ستلغي تأشيرة دخول بيدرو بعد دعوته جنود الولايات المتحدة إلى عدم طاعة أوامر ترامب خلال احتجاج في نيويورك. وفي منطقة الكاريبي، شن الجيش الأمريكي هذا الشهر ثلاث غارات جوية على قوارب مشتبهة بنقل المخدرات قادمة من فنزويلا، وحذر ترامب من إمكانية شن المزيد من الغارات.
ورأت الصحيفة أن هذا النهج قد يؤدي إلى استبعاد الولايات المتحدة من حسابات دول المنطقة التي تسعى إلى تعزيز التعاون معها في مجالات التجارة والاستثمار، لكنها حذرة من التدخلات العسكرية السابقة لواشنطن. وتسعى دول منافسة للولايات المتحدة، وعلى رأسها الصين، للاستفادة من هذا الوضع .