الأحد 28 سبتمبر 2025

مقالات

عضوية الإيكاو.. تتويج لدور مصر

  • 28-9-2025 | 16:12
طباعة

إن فوز مصر بعضوية مجلس المنظمة الدولية للطيران المدني الإيكاو ليس مجرد حدث بروتوكولي بل هو علامة ملموسة على اعتراف دولي بقدرات القاهرة الدبلوماسية والتقنية في قطاع النقل الجوي ويعطيها نفوذا أكبر في صياغة السياسات الدولية المتعلقة بالسلامة والتنمية والبيئة وربط الشبكات الجوية العالمية فما هو معنى هذا الفوز عمليا وسياسيا واقتصاديا وبداية فلقد شهدت حركة النقل الجوي المصرية نموا واضحا خلال الفترة الأخيرة إذ ارتفع إجمالي عدد المسافرين عبر المطارات المصرية إلى نحو 22.097 مليون مسافر في 2024 بزيادة تقارب 9% عن عام 2023 وهذه الزيادة تظهر تعافيا وتوسعا ملموسين في الطلب الداخلي والدولي على السفر عبر مصر ما يعزز مبررات ترشيحها ومكانتها في أجهزة صنع القرار الدولية المتعلقة بالطيران وعلى مستوى الناقل الوطني سجلت مصر للطيران أداء متناميا أيضا حيث نقلت الشركة نحو 10.289 مليون مسافر في 2024 بارتفاع عن 2023 مع زيادة في المعروض من المقاعد وساعات التشغيل دلالة على توسع شبكة الرحلات والقدرة التشغيلية وهذا الأداء يدعم حجة مصر بأنها لاعب إقليمي قادر على إدارة نمو حقيقي في خدمات النقل الجوي أما الأبعاد الاستثمارية والتخطيطية فلا تقل أهمية لدى مصر طموح واضح لرفع طاقتها الاستيعابية في البنية التحتية للمطارات مع خطط مركزية للوصول إلى أرقام عاليا في قدرة استقبال الركاب حيث وضع هدف طاقي بنحو 72.2 مليون مسافر سنويا بحلول 2025 وهو مؤشر على تصميم استراتيجي لتحويل مصر إلى مركز ربط إقليمي وقاري وتحقيق مثل هذا الهدف يتطلب تنسيقا فنيا وقانونيا مع الشركاء الدوليين ومن هنا تأتي قيمة التمثيل داخل الإيكاو كما عززت مواصلة تحديث أسطول الناقلات الوطنية وتوقيع اتفاقيات شراء طائرات بعيدة المدى عززت قدرة مصر على فتح طرق جوية جديدة فعلى سبيل المثال أعلنت مصر للطيران عن خطط لتوسيع أسطولها من طائرات A350مع طلبات جديدة مؤخرا ما يتيح فتح خطوط بعيدة تربط القاهرة بأمريكا وآسيا وأسواق أخرى ويجعل صوت مصر في مجلس الإيكاو ذا مصداقية أعلى عندما تتحدث عن متطلبات السلامة والانبعاثات وكفاءة التشغيل على المسافات الطويلة.

وأخيرا يأتي البعد الدبلوماسي والسياسي فعضوية المجلس تمنح القاهرة فرصة رسمية للدفاع عن مصالح الدول النامية والعربية والأفريقية داخل هيكل صنع القرار الإقليمي والعالمي للطيران المدني في ظل تصاعد قضايا مثل استدامة الوقود وتعديل معايير الانبعاثات وتوزيع السعة في الأجواء المزدحمة يكون تمثيل دولة تملك موقفا متوسطا بين الشمال والجنوب ذا قيمة كبيرة لصياغة معايير تراعي الظروف التنموية والاقتصادية للبلدان النامية أما الفائدة الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة فإن المشاركة في المجلس تفتح أبوابا أمام استثمارات أجنبية في البنية التحتية الجوية وتسهيل شراكات فنية لتطوير الملاحة وأنظمة مراقبة الحركة الجوية وبرامج التدريب الفني وهذه الفوائد يمكن أن تترجم إلى زيادات في ربط الوجهات الدولية ونمو في السياحة وتحسين في مؤشرات التجارة عبر الشحن الجوي وهو ما يتماشى مع الأهداف الوطنية لزيادة مساهمة قطاع الطيران في الناتج القومي أما من زاوية المخاطر والتحديات فالفوز بالمقعد لا يعني إلغاء مسئوليات تتعلق بالالتزام بالمعايير الدولية فمصر ستحتاج إلى استثمار مستمر في التعليم والتدريب وصيانة أساطيلها وتعزيز بنى الملاحة الجوية لتتماشى مع توقعات الأمان والبيئة كما أن أي تأخر في مشاريع البنية التحتية أو عدم انتظام في المؤشرات التشغيلية قد يضع ضغوطا على موقعها القيادي ليمثل فوز مصر بعضوية مجلس الإيكاو اعترافا دوليا مبنيا على بيانات نمو فعلية في حركة الركاب والأداء التشغيلي للناقل الوطني وعلى استراتيجيات استثمار طموحة في البنية التحتية والأسطول إلا أن القيمة الحقيقية لهذا الفوز ستظهر إذا ما تمكنت القاهرة من تحويل هذا النفوذ الجديد إلى نتائج عملية سياسات دولية تراعي ظروف الدول النامية في التحول إلى طيران أكثر أمانا واستدامة واستثمارات تزيد من قدرة الربط الجوي وتحسينات تشغيلية تترجم الوعود إلى أرقام على الأرض.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة