الأحد 19 اكتوبر 2025

ثقافة

مهرجان مسرح الهواة 21| في ندوة عرضي «آخر مشهد في الحدوتة» و«زائر الثانية عشر»

  • 19-10-2025 | 16:34

من عرض آخر مشهد في الحدوتة

طباعة
  • همت مصطفى

أقام مهرجان مسرح الهواة للدورة الـ 21، «دورة الكاتب والفنان الكبير الراحل نجيب سرور»، والذي نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة، ندوات تعقيبية نقدية للعروض المسرحية المشاركة.

وفي ثاني ندوات المهرجان كانت للعرضين المسرحيين «آخر مشهد في الحدوتة» تأليف مؤمن عبده و وإخراج كمال الدين كمال و «زائر الثانية عشر» تأليف وإخراج أحمد عبد الرازق من الزقازيق. 

وحاضر في الندوة المؤلف والشاعر دكتور طارق عمار، والفنان هاني كمال، والناقد أحمد خميس مشاركًا ومديرًا للندوة وبحضور لجنة التحكيم بالمهرجان الفنانة وفاء الحكيم والمخرج عادل حسان ومهندس الديكور عبد الناصر جميل وفريق العرضين 

حادث بني سويف وتشتيت المعالجة
أوضح الناقد أحمد خميس أن فكرة الاشتغال على مسرح داخل مسرح تحتاج إلى وعي عميق بالنص وبالرسالة المراد توصيلها، قائلًا هذا النوع من العروض يتطلب فنانًا واعيًا بالفكرة وبمنطق المسرح، قادرًا على إدارة القضية المطروحة بذكاء ودون تشتيت للجمهور».
وأشار «خميس» إلى أن تضمين حادث حريق بني سويف داخل العرض الأول «آخر مشهد في الحدوتة» كان مغامرة كبيرة لصنّاع العرض، فهذه الحادثة شكّلت جرحًا عميقًا لكل المسرحيين، واستدعاؤها داخل عرض يحتاج إلى رؤية دقيقة حتى لا تتحول إلى عبء على النص».

قوة أداء الممثلين وتشتيت الفكرة
«هناك تشتيت حقيقي في البناء الدرامي، و النص يضم أغانٍ واستعراضات وحادث بني سويف في آن واحد، مما جعل الجمهور غير قادر على الإمساك بخط درامي متماسك»
رؤية إخراجية مضطربة
وقال «خميس»: المشكلة أن العرض لم يحسم هل هو عن حادث بني سويف أم عن فِرْقَة اختارت العزلة، و التقطيع المفرط جعل الحكاية تتفتت، وأرهق الممثلين، والمتلقي العادي قد يجد صعوبة في متابعة العرض بسبب التشويش، بينما المتخصص قد يلتقط بعض الخيوط، لمعرفته بالحادث، غير أن الاعتماد الزائد على الاستعراضات وتشتيت الفكرة أثّر سلبًا على وحدة النص».

وتابع«خميس»، نحن جميعًا نتعلم من بعضنا البعض، وكلٌّ منّا يُكمل الآخر، الفكرة الأساسية أنّه ينبغي أن أعمل كثيرًا مع فريقي ونتدرب، حتى نقدم العرض المسرحي بجودة فنية، لقد حمّلنا المُعِد

والمخرج النص أكثر مما يحتمل، فظهرت مشكلات كبيرة في البناء الكلّي، على الرغم من أنّ الممثلين قدموا أداءً جيدًا، للشخصيات، وهذا ما لمسناه أثناء متابعة العرض واستمتعنا به في لحظات كثيرة، لكن علينا أن ننتبه لما نُقدّم، وللفلسفة التي تقف وراء تقديمنا، وما هو استهدافنا الحقيقي، و من المهم أن يصل المتلقي إلى الفكرة مطمئنًا، دون تشويش. والممثلون أظهروا وعيًا كبيرًا بشخصياتهم،  وحبا للمسرح، وهذا أمر يُحسب لهم غير أنّ مسألة «المسرح داخل المسرح» مسألة دقيقة، يُدركها المسرحيون ويفهمونها جيدًا، لكنّها قد تبدو مغامرة غير محسوبة أمام الجمهور العام.
طاقات بشرية جيدة

 

واختتم:«أقترح في المرات القادمة أن نعمل بجدّ على ما يهم المتلقي مباشرة، حتى عندما يكون النص مكتوبًا مسبقًا وتريدون إضافة لمسات جديدة عليه، عليكم أن تنظروا إليه من الخارج بوعي، وأن تستعينوا بزملائكم من صُنّاع العرض ليكونوا مرآة لكم قبل تقديمه للجمهور، و المنظر المسرحي ساعد الفكرة إلى حدٍّ ما، لكن التشتيت ظل طاغيًا العرض يملك طاقات بشرية جيدة، لكنه بحاجة إلى رؤية إخراجية أكثر إحكامًا».
دراماتورج العرض .. جوهر المشكلة
وعن عرض «آخر مشهد في الحدوتة» أوضح الناقد طارق عمار بأن جوهر المشكلة يكمن في الدراماتورج، عن النص الأصلي، وأشار إلى ثلاثية المؤلف الراحل مؤمن عبده  «آخر المطاف – آخر الشارع – آخر السور» والتي كتبها 2001/ 2003  موضحًا أن العرض عن أحد نصوص الثلاثية
وأكد «عمار»: وفي عرض الليلة الأول كان على الدراماتورج أن يحذف الأجزاء غير اللازمة، وأن يركّز المخرج على الممثل كأداة رئيسة لتمرير الرسالة، إهمال توجيه الممثلين جعل الأداء أقرب للتليفزيوني، وضعف الصوت والمؤثرات عمّق المشكلة».

المرض النفسيُّ للشخصية الدرامية
وفي تعليقه على العرض الثاني «زائر الثانية عشر» قال«عمار» قبل أن أكتب أي شخصية درامية لمريض في النص المسرحي، لابدّ أن أجيب على سؤالَيْنِ جوهريين: هل الحالة التي أمامي عقلية أم نفسية؟ وهل ما أقدمه الآن علاجٌ لجذر المشكلة أم معالجةٌ لهبوطٍ عابر وارتداد؟ الإجابةُ عن هذين السؤالين تحدّدُ مسارَ التقديم الدراميّ والنفسي للشخصيات.


وتابع: أرى أنّ النصّ وقع في فخِّ التكرار والإلحاح على نقل كل ما في رأس المؤلّف دفعةً واحدة، الإلحاحُ هذا ــ بدل أن يقوّي الفكرة ــ أضعفها؛ لأنّ المطُّ الذي يُمارَس على الفكرة يجعلها مطوّلةً ومشتّتةً، والحلُّ الدراميّ واضح: أن يحدد المؤلف قضيةً واحدةً، واحذف كلَّ الجزئيّات غير الضروريّة، فلا نصٍّ في العالم يحوي كلَّ ما في رأسك دفعةً واحدة.


وأضاف «عمار» وفي النص المسرحي يجب أن أوضح إذا كان مصدرُ الاضطراب عند الشخصية عضويًا (إصابة أو مركزيّة دماغية) والعلاجُ يختلف عن كونه نفسيًا؛ في حالات الصدمة قد تظهر هلوسات سمعية وبصريّة مرتبطة بإعادة تجرِبة الحدث، وهذه الظواهر لها تعاملات خاصة تختلف عن اضطرابات الطفولة المزمنة، لذا على من يقدم نصًّا يتناول صدمةً أن يميّز بين الحالة قبل تناولها دراميًا
أداء الممثلين والإخراج
وأكد: هناك طاقات تمثيلية حقيقية، لكنّ الإخراجَ لم يعمل مع هذه الطاقات كما ينبغي، و المخرج ــ عندما يتخلّى عن توجيه الصوت واللغة  والأداء للممثلين ــ يخسر قناةَ الاتصال الأساسية بين المسرح والصالة، نتيجة ذلك شاهدنا أداءٌ أقربَ إلى التلفزيون: جملٌ مسموعة ضعيفة، ترتيب حركيّات يفتقر إلى وضوح، وتدويرٌ للشخصيات أدّى إلى تشويش المتفرِّج.
لغة الإقناع والزمن المسرحيّ
وأوضح «عمار» والإلحاح على المعلومات جعل المشاهد يشعر بـ«الملل» بعد زمنٍ محدّد؛ أنصح بتقليص زمن العرض إلى إطارٍ أكثر تركيزًا ومناقشة قضية واحدة بعمق بدل التشتت في عدة محاور، و التقطيعُ واللعبُ بالزمن يجب أن يخدما الفكرة لا أن يبتلعُاها.
وقدم «عمار» بعض ملاحظات منها ونصح المخرج بمراجعة تنظيمَ المشاهد، وحذف التكرار وتقلّيص الزائد، وتدريب الممثلين على الصوت الواضح والإيقاع واللغة؛ وعند تناول موضوعات نفسية أو اضطرابات، يجب الاستعانة بمستشارٍ نفسيّ لتفادي نقل معلوماتٍ مغلوطة، وتقديم خطّ دراميّ رئيس واحد، و كلّ إضافةٍ تتّسق معه ولا تشتت الجمهور.
واختتم «عمار»: العرض المسرحي يحمل بذرةً جيدة، وفيه رؤىً وصورٌ قويةٌ تستحقّ أن تُنقّح والابتعاد عن التشتّت والمثابرةُ على الكتابة المركّزة ستحوّل البَذْرَة إلى نصٍّ مسرحيٍّ ناضج ومؤثر.

هاني كمال: فخور بكم وبطاقاتكم و نتعلم منكم كما تتعلمون منا
أبطال رغم الصعوبات
أعرب الفنان هاني كمال عن سعادته البالغة وفخره بما قدمه الشباب  العرضين المسرحيين، مؤكّدًا أنهم أصبحوا جزءًا أساسيًا من صُنّاع مناخ مسرحي جديد، حتى وإن كان في بداياته.
و قال«كمال»: «نحن حين نعمل مع الشباب نُعلّم ونتعلم في الوقت ذاته، خبرتنا طويلة تمتد لآلاف العروض، لكنكم تحملون رؤى جديدة تضيء المشهد المسرحي وتثريه، أعتبركم أبطالًا؛ لأنكم تعملون في ظروف صعبة ومع ذلك تقدمون عروضًا تفتح باب النقاش والتطوير، لا يمكن أن نحاسب ناشئًا كما نحاسب نجمًا كبيرًا، فالبدايات تُغفر لها الكثير، أشكركم على مجهوداتكم الكبيرة، وأرى فيكم طاقات شابة واعدة تحمل مستقبل المسرح».

النقد.. طريق للتطور
وشدّد « كمال» على أهمية الاستماع للنقاد المتخصصين، قائلًا: «ضع نفسك في مواجهة مع ذاتك، ولا تظن أن اللجان والنقاد ضدك ملاحظاتهم – حتى وإن بدت قاسية – هي لمصلحتكم، فالنقد البنّاء سبيل للنمو والتقدم».
احذروا الإطالة في العرض
وأضاف «كمال» التمثيل سيتطور مع الوقت، لكن يجب أن يُحسب إيقاع العرض ووقته بدقة وليس المهم أن يطول العرض، بل أن يخطف المشاهد ويشدّه حتى النهاية، لقد لاحظنا أثناء العرض أنّ بعض المشاهد انتهت فعليًّا، ثم عادت لتُستكمل مرة أخرى، هذا الأمر يُفقد العمل تماسكه، وينبغي الانتباه له مستقبلًا ليكون العرض أكثر قوّة وتركيزًا، وأنتم تمارسون البدايات، ونحن أيضًا قد مارسناها من قبل، كثير من الذين يشاركون اليوم بشعرهم الأبيض كانوا يومًا في موضعكم، يرتكبون الأخطاء نفسها وربما أكثر بداياتي أنا شخصيًا كانت أضعف كثيرًا من بداياتكم، ومع ذلك مضينا وتعلّمنا.


واختتم: أودّ أن أشير أيضًا إلى مسألة مهمّة: إذا اخترتم أن تقدّموا نصًّا بالفصحى، فيجب أن تُتقنوا الأداء اللغوي تمامًا، لا يكفي أن تُقال الجملة مهزوزة أو غير مضبوطة، لأنّ الفصحى تحتاج التزامًا ودقّة، فإن لم يكن المخرج متمكّنًا من اللغة، فعليه أن يستعين بمصحّح لُغَوي يضمن سلامة النص منطوقًا كما هو مكتوب، و طالما اخترتم الفصحى، فقولوا الجملة كما ينبغي أن تُقال أمّا إذا لم تكونوا على قدر هذه المهمة، فمن الأفضل التوجّه للعامية التي قد تُوصّل المعنى بوضوح أكبر.
ضبط اللغة العربية 
وفي مداخلة للفنانة وفاء الحكيم قالت: أنا سعيدة للغاية بتجربة مسرح الهواة وأقدّر روح الهِواية والإصرار فيكم، و لمسته في عرضي الليلة، وأحيّيكم على جرأتكم في تناول موضوعات مهمّة تستحق الطرح، وأتمنى أن نتمكّن جميعًا من الحفاظ على روح الجدية والالتزام.

وأكدت: لكن لا أخفيكم أنّ اللغة العربية في العرض كانت مؤلمة في مواضع عديدة؛ وأرجو الاهتمام بالدقّة اللغوية لأنها جزء من جمال النص وقوّته، و عن الأداء، فقد كانت هناك لحظات صادقة بالفعل، لكن الانفعالات في بعض الأحيان لم تكن متوازنة الانفعال الحقيقي لايكون صراخًا زائدًا أو مبالغة في التعبير، بل يجب أن يليق باللحظة وأن يولّد ردّ فعل طبيعيًا عند المتلقي؛ فالإفراط في الأداء يضعف المشهد بدل أن يقوّيه أشكركم جميعًا، وأحيّي المخرج على اجتهاده، وأتمنى أن يكون القادم أفضل وأكثر نضجًا.

فريق العرض المسرحي

«زائر الثانية عشر» بطولة: محمد صابر، وليد نبيل، كنزي جمعة، لوجي حسام، أحمد جدو، مصطفى عبد الشافي، عبد الله عصام، وكرم مارو.
تصميم ديكور وليد نبيل، إضاءة حسين علي، إعداد موسيقي مازن أباظة، كيروجراف محمد صابر، مساعد مخرج حسام عادل، ومخرج منفذ محمد سليم.

 عرض «آخر مشهد في الحدوتة»

«آخر مشهد في الحدوتة» بطولة: محمد عيد، أدهم محمد، محمود إسماعيل، إسلام السيد، حازم علي، عزة محمد، صوفيا، سجدة الخولي، نوال الطالوني، وحنين عبد الستار. 

إعداد موسيقي عبد الرحمن قديرة، غناء وكلمات محمد شعبان، استعراضات إسلام السيد، ملابس إيمان إبراهيم، ماكياج حنين عبد الستار، ديكور كمال الدين كمال، إضاءة ماير مجدي، مساعد مخرج إسلام السيد، ومخرج منفذ أحمد سليمان.

فريق العرض المسرحي

«زائر الثانية عشر» بطولة: محمد صابر، وليد نبيل، كنزي جمعة، لوجي حسام، أحمد جدو، مصطفى عبد الشافي، عبد الله عصام، وكرم مارو.
تصميم ديكور وليد نبيل، إضاءة حسين علي، إعداد موسيقي مازن أباظة، كيروجراف محمد صابر، مساعد مخرج حسام عادل، ومخرج منفذ محمد سليم.

 

 

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة