مع تزايد اعتماد بعض المدارس لنظام الدمج، الذي يجمع بين الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة وزملائهم من الأطفال العاديين، يبرز سؤال مهم لدى الأمهات والمعلمات، وهو كيف يمكن تعزيز تقبل التلاميذ لبعضهم البعض داخل الفصل، وضمان بيئة صحية قائمة على الاحترام والدعم المتبادل؟، ولذلك نستعرض في السطور التالية مع أخصائية نفسية أهم الطرق لترسيخ ثقافة الدمج لدى الأطفال.
ومن جهتها قالت الدكتورة رانيا كمال، مدرب معتمد وأخصائية تخاطب وصحة نفسية وتأهيل السلوكيات غير السوية للأطفال والمراهقين، في تصريح خاص لبوابة دار الهلال، أن الأمر يبدأ من التهيئة المسبقة والحوار البناء، واتباع بعض الطرق التي تساعد على ترسيخ ثقافة الدمج لدى الطلاب، والتي من أهمها ما يلي:

- أولى خطوات تعزيز تقبل الأطفال لزملائهم تبدأ قبل حدوث الدمج نفسه، من خلال إقامة حوار مسبق مع الطلاب العاديين، يعرفهم بقيمة احترام الذات واحترام الآخرين، ويغرس في نفوسهم أن الله كرم الإنسان وخلقه في أحسن صورة، وأن الاختلاف في الشكل أو القدرات لا يقلل من قيمة أي شخص.
-لا يجب أن يقتصر الحوار على المدرسة فقط، بل هناك دور أساسي للأسرة، حيث يجب على الأهل تهيئة أبنائهم مسبقًا لفكرة الدمج، خصوصًا أن بعض المدارس تضم بالفعل فصولًا مشتركة بين الأطفال العاديين وذوي الهمم، ومن هنا، يصبح هناك تكامل بين دور البيت بنسبة 30%، ودور المدرسة والمعلمين بنسبة 70% في تحقيق الهدف.
-يجب أن ندرب الأطفال على عدم السخرية من أي اختلافات ظاهرية مثل الشكل، اللون، طريقة الكلام أو الحركة، أو حتى الأصوات التي قد تصدر عن زملائهم، فالاحترام هنا يشمل تقبل الآخر كما هو، والتعامل معه على أساس إنساني بعيدًا عن التنمر أو الاستهزاء.
-أن دور المعلم أو المعلمة لا يقل أهمية، فهم حلقة الوصل بين الطلاب، وعند شرح الدروس، ينبغي عليهم أن يوضحوا مخارج الألفاظ بدقة، ويقربوا وجوههم ليتمكن الأطفال من متابعة حركة الشفاه، نظرًا لأن كثيرًا من ذوي الاحتياجات يعتمدون على قراءة الشفاه لتعزيز الفهم.
وأضافت أخصائية التخاطب، أن الأطفال في فصول الدمج يتميزون بقدرات مختلفة؛ فقد تكون نسبة الإدراك لديهم منخفضة في بعض الأحيان، لكن نسبة الذكاء والتعلّم عن طريق التقليد والمحاكاة عالية جدًا، لذلك فإن النمذجة تعتبر وسيلة فعالة لتعليمهم، إذ يكتسبون السلوكيات الصحيحة من خلال تقليد زملائهم العاديين ومعلميهم، وأن نجاح تجربة الدمج يتطلب تهيئة مزدوجة من الأسرة والمدرسة معًا، إلى جانب نشر ثقافة احترام الآخر، وهو ما يضمن بيئة تعليمية أكثر ودًّا وتعاونًا، ويصنع جيلًا يتقبل الاختلاف ويفتخر بقيم التعددية والتكامل الإنساني.