في ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، تبرز سيرة الفريق فؤاد أبو ذكري، قائد القوات البحرية المصرية، كأحد الرموز البارزة في تاريخ العسكرية المصرية، حيث نجح في إعادة بناء هذا السلاح بعد نكسة 1967، وقاده ليخوض معارك الاستنزاف ويشارك بفعالية في حرب أكتوبر، مسطرًا إنجازات مشرفة أعادت للبحرية المصرية مكانتها ودورها الحاسم في معادلة النصر.
الفريق فؤاد أبو ذكري
تخرج الفريق فؤاد أبو ذكري في الكلية الحربية عام 1946، وبدأ مسيرته في وحدات البحرية العائمة على متن الفرقاطات والكاسحات، قبل أن يتدرج في المناصب ليتولى قيادة قاعدة الإسكندرية البحرية، ثم قيادة المدمرتين القاهر والظافر. وفي عام 1959 أصبح قائدًا للواء المدمرات، ثم رئيسًا لشعبة العمليات الحربية. وبعد هزيمة يونيو 1967 بأيام قليلة، عُيِّن قائدًا للقوات البحرية.
منذ توليه القيادة، شرع في إعادة بناء القوات البحرية المصرية وتطوير قدراتها، فكانت في عهده أبرز إنجازاتها خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973. ولعل أبرز تلك الإنجازات عملية إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات، التي شكّلت نقطة تحول في تاريخ البحرية المصرية.
لكن مسيرته لم تخلُ من التحديات؛ إذ أقاله الرئيس جمال عبد الناصر عام 1969 بسبب عدم تحريك قطعة بحرية لاعتراض القوات الإسرائيلية، قبل أن يعيده الرئيس أنور السادات إلى منصبه عام 1972.
وفي حرب أكتوبر 1973، لعبت القوات البحرية تحت قيادته دورًا محوريًا، شمل إغلاق مضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى ميناء إيلات، وزرع الألغام البحرية، وتنفيذ مهام تجسس على الموانئ الإسرائيلية في البحر المتوسط. وقد روى المشير محمد عبد الغني الجمسي، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة آنذاك، في مذكراته أن البحرية المصرية قصفت شرم الشيخ ومناطق شرق بور فؤاد ورمانة في اليوم الأول للعمليات، وشاركت بحوالي خمسين وحدة بحرية في معارك البحرين المتوسط والأحمر وخليج السويس.
وبعد انتهاء الحرب، أصر أبو ذكري على ترك موقعه وإفساح المجال لغيره، وكرر طلبه رسميًا حتى استُجيب له في نوفمبر 1976، رغم قرار مجلس الشعب ببقائه في خدمة القوات المسلحة مدى الحياة.
رحل الفريق فؤاد أبو ذكري في يناير 1983 بعد صراع مع مرض السرطان، عن عمر ناهز 60 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا بارزًا في تاريخ البحرية المصرية.