بعد مرور خمسة أسابيع على انطلاقها، أسدل «مهرجان القاهرة لمسرح العرائس» الستار عن المائدة المستديرة الأخيرة والتي أقيمت تحت عنوان «فن العرائس كجسر بين الإبداع التشكيلي والجاذبية الجماهيرية» ضمن فعاليات الدورة الأولى من المهرجان.
المشاركون في المائدة المستديرة
و أدار المائدة فنان العرائس هشام علي، في قاعة عاطف عوض بمدرسة الفنون، والتي تحدثت بها الدكتورة أمنية أحمد يحيى الأستاذ بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، ووجهت الشكر لأكاديمية الفنون لتنفيذها هذا المهرجان لإحياء فن العرائس في مصر.
وتحدثت «أمنية» عن أقسام الكُلِّيَّة المعنية بدراسة العرائس، وقالت: في الديكور تتم عملية تصميم العروسة وعلاقتها بالدراما والسيناريو والشخصيات حسب صاحب المشروع، أما في شعبة النحت تكون العرائس والماريونت وتحريكها بالإضافة إلى الأقنعة، وعن الأزياء فتكون في شعبة الديكور أكثر، ونحن نسعى للتكامل بين القسمين داخل الكُلِّيَّة.
تذكيرهم بالقواعد الأساسية
وتحدث الدكتور طارق مهران عميد المعهد العالي لفنون الطفل والمدير التنفيذي للمركز الأكاديمي للثقافة والفنون- سيد درويش، وقال: نحن بصدد حدث ها مهم جدا وهو إقامة مهرجان للعرائس في مصر، ولدينا في الأكاديمية معهد للطفل يدرس لطلاب دراسات عليا من مختلف الكليات مثل طلاب تحمل بكالوريوس موسيقى ونحن نضيف لهم ونعيد تذكيرهم بالقواعد الأساسية ثم نحثهم على كسر هذه القواعد في التعامل مع الطفل.
وأضاف «مهران» أن الألحان الشعبية منذ عام 1800 وحتى الآن تستخدم في أغاني الأطفال وموسيقى الطفل وكان أشهر من بدأ هذه الفكرة هو مؤلف الموسيقي المجري «بيلا بارتوك»، واعتبرها «مهران» منهج تدريس للمحافظة على التراث واستغلال الألحان الشعبية فمن بين 1500 لحن شعبي مصري حاول «مهران» عمل دراسة عليهم وخرج بـ 30 لحنا وفقا لهذا المنهج ووضعهم في رسالة الدكتوراه 1999/2000م.
وأشار مهران إلى أن الألحان الشعبية لها قوانين ونغمات معبرة للأطفال في مصر، فمثلا مسرحية «اللعبة» لهاني البنا 1989 م جمعت عروض لموسيقى الطفل بالاستعانة بفريق من الأوبرا، لذلك أ طلب من تلامذتنا انهم يكسروا القوالب المعروفة والمعتادة ولكن بأسلوب علمي لتطوير كل ما هو قديم، وربط التراث وتصنيفه وفقا لعوامل اختيار اللحن وكيفية إخراج نتائج منه.
موسيقى معبد الكرنك من المنهج للموسيقى الفرعونية
وكشف «مهران»: أن موسيقى معبد الكرنك التي ألفها مأخوذة من المنهج للموسيقى الفرعونية نفسه المكونة من: آلات نحاسية وطبول وهارب، ولكن بتخيل طفولي.
واكد مهران على ضرورة العمل في سياق جماعي حين تريد تنفيذ عمل للأطفال خاصة وان التعامل مع الطفل المصري والأعمال الموجهة إليه هو خط احمر وامن قومي لا يجب التساهل معه.
فيما ذكرت الدكتورة أمنية أن العروسة لها دور فعال في التربية فهي تمثل النماذج التي يراها الأطفال في الأفلام أو على المسرح لذلك فانا أدعو «مسرح العرائس» لتصنيع العرائس المشهورة وبيعها ليستطيع الطفل الحصول عليها إذا حبوها وتعلموا منها سلوكيات جديدة ستظل معهم إذا احتفظوا بها.
روح الشخصية من حركة أو ميكانيزم
و تحدث محمد فوزي بكار وهو مصمم وصانع عرائس، وعبر عن سعادته بالتواجد في هذه المائدة مع أساتذة كبار في المجال، وقال إنه من الناحية التشكيلية فهو يرى العروسة كعمل فني في الأساس قبل ما يضيف لها روح الشخصية من حركة أو ميكانيزم وما هي خاماتها وأنواعها.
وأضاف «بكار»: كان يجب معرفة كيف تتحرك العروس وكيف تمثل وهذه اللحظة كانت مرحلة انتقالي من فنان تشكيلي لفنان عرائس لأنه عالم كبير وأنا قررت أن أعمل به غم أنه أن سوق العمل لايحتاجه لكني اكتشفته ورد فعل الناس سواء في مدينة الواحات أو هنا بالقاهرة حين يروا العرائس يقولوا لي أنها شبه الناس.
واستطرد «بكار» في حديثه : عملت على أسلوب النحت التعبيري وعلى أنواع مختلفة خاصة «عرائس المنضدة» وهي غير شائعة ومهدور حقها في المنطقة العربية لكن أشهر دولة تستخدمها هي تونس، وهذه النوعية من العرائس تهتم كثيرًا بالعمل الجماعي لان عروسة واحدة يحركها أكثر من شخص وبالتالي هي جماعية.
وبعد ذلك روى «بكار» قصته مع العرائس الكبيرة حينما عمل في بريطانيا في 30 ليلة عرض واكتشف من الكواليس كيفية تعاملهم مع الماسكات وتركيب تكيف داخلي للفنان واهتمامهم الشديد به لكي يستطيع إظهار أداء اقوى من خلال راحة الممثل داخل العروسة.
وعقب الدكتور حسام محسب رئيس المهرجان، وقال نحن لدينا أزمة في عدم وجود محركين متخصصين في العرائس الآن وربط ذلك بعدم وجود مرحلة تعليمية بعد التعليم المتوسط في المدارس التكنولوجية لتكون مرحلة بكالوريوس ضمن معهد الطفل مثلا لتدريس فنون العرائس.
ووجهت الدكتورة «أمنية» دعوة لجميع فناني العرائس لتقديم عروضهم في: ساحات الأوبرا وهنا بأكاديمية الفنون، ولو استطاعت الدولة مساعدتهم أيضًا لإرسالهم بعثات خارج مصر لزيادة خبراتهم ولمشاهدة تجارب الآخرين أو يتم استقطاب عروض تجريبية للعرض هنا، وهي تعتقد أن مثل هذه الفعاليات من الممكن أن تعيد الجماهيرية لفن العرائس في مصر.
من جانبه يرى الدكتور مهران أنه حينما يتم وضع المصري في مكانه الصحيح سيكون من أفضل النماذج بالعالم وان «بكار» مثال حي لو تم دعمه سيخرج منه أعمال مبدعة.
وعلق بكار أنه يدعم نفسه بنفسه ويدفع الكثير من أجل التعلم فهو لديه الثقة أن ما يدفعه من مال سيعود بنتيجة سواء في كورسات أون لاين أو سفريات للمشاركة في ورش عرائس بلا خيوط في تركيا مثلا، وهو يفضل أيضا تعليم الأطفال الأساسيات وكيف يفرق بين العروسة التلفزيونية والعروسة المسرحية وعليه فهو يدرب الطفل لكي يصبح فنان شامل يعرف كل ما يخص العروسة بدون أن يتخصص في جزئية محددة منها.
وقد دعا الدكتور طارق مهران إلى دعم الفن الجيد ورعايته ماديًا فنحن لا نستطيع خصخصة مسرح العرائس ولا أن نعطي للعاملين نصف اجر لذلك يجب أن ترعى وزارة الثقافة هذا الفن وإلا سيموت وسنحاسب على ذلك لو حدث، وأنا أوجه ندائي هذا للدكتور احمد فؤاد هنو.
أمنية أحمد يحيى: نبحث على كيفية محو أمية اللغة والكمبيوتر ووصلنا الآن للذكاء الاصطناعي
وأشارت الدكتورة أمنية إلى أن الدول التي سبقتنا في هذا المجال للأسف اهتمت بالتطور، وعلى العكس نحن مازلنا نبحث على كيفية محو أمية اللغة والكمبيوتر ووصلنا الآن للذكاء الاصطناعي، وأصبح لزاما علينا في ظل غياب الجماهيرية عن هذا الفن أن نخاطب الكبير والصغير بمحتوى يرضى الطرفان عنه.
واختتم الفنان محمد بكار حديثه: قبل أن نطور المنتج لابد أيضًا من تطوير ثقافة المسئولين وشركات الإنتاج الراغبة في تنفيذ عروسة سواء لبرنامج تلفزيوني أو خلافه، وكل اهتمامهم أنها تكون بأقل تكلفة وتنفذ في أقل وقت ممكن وهم لا يعرفون أن العروسة هي صناعة كبيرة.