حين يسافر الأبناء للدراسة في الخارج، تعيش الأمهات مشاعر متناقضة بين الفخر بنجاحهم والخوف من الغربة عليهم، فالمسافة قد تفصل الأجساد، لكنها لا يجب أن تفصل القلوب، وهنا يصبح دور الأم أكثر أهمية في الحفاظ على علاقة دافئة ومفتوحة مع ابنها، تساعده على مواجهة التحديات الجديدة دون أن يشعر بالعزلة أو البعد عن جذوره، ولذلك نستعرض مع استشارية أسرية كيف يمكن للأمهات أن تقوم بدور الرقيب على الابن وتتواصل معه لأجل شعوره بالأمان والانتماء؟
ومن جهتها، تقول الدكتورة إيمان عبد الله، استشارية العلاج النفسي الأسري، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن التواصل الآمن والداعم بين الوالدين والأبناء المغتربين هو أساس استقرارهم النفسي والاجتماعي، نوعية التواصل أهم من كثرته، وأن الحوار الذكي والمستمر هو الجسر الحقيقي بين الوطن والابن في غربته، وذلك من خلال النقاط الاتية:

-الحوار مع الأبناء حول فكرة السفر لا يجب أن يبدأ عند المغادرة، بل قبلها بوقت كاف، إذ من الضروري أن تزرع الأم في ولدها قيم الضمير والانتماء والهوية، وتؤكد له أنه يمثل بلده وأسرته أينما ذهب.
- بناء علاقة ناجحة مع الأبناء المغتربين يعتمد على التواصل المنتظم دون إفراط أو تفريط، فالاتصالات اليومية الطويلة قد تشعر الابن بالضغط، بينما الانسحاب التام يجعله يشعر بالوحدة والبعد العاطفي، وأن نجعل التواصل مرنًا وتلقائيًا، مثل مكالمات فيديو قصيرة، أو رسائل لطيفة للاطمئنان على يومه، مع طرح أسئلة ذكية مفتوحة مثل “احكي لي أكثر شيء أعجبك هذا الأسبوع؟"، فمثل هذه الأسئلة تشجعه على التعبير عن نفسه بدلًا من الاكتفاء بإجابات مقتضبة.
-الأبناء في الخارج يحتاجون دعمًا نفسيًا أكثر من أي وقتٍ مضى، لذلك يجب أن تكون الأم مصدر أمان وتشجيع لا مصدر نقد، وحتى لو أخطأ ابنك، لا تربطي حبك له بتصرفه، بل قولي له " أنا فخورة بك حتى لو أخطأت، لأن الخطأ فرصة للتعلم، وحبي لك لا يتغير"، لأن هذا الأسلوب يعزز ثقته بنفسه ويجعله يلجأ لوالديه في المواقف الصعبة بدلًا من إخفائها عنهم.
- من المهم أن تتابع الأم حياة ابنها الجديدة باهتمام دون أن تتدخل في كل التفاصيل، عن طريق أن تقوم بمشاهدة صفحاته الجامعية، ومعرفة أصدقاءه ونشاطاته، لكن دون مراقبة خانقة، لأن الأهم أن يشعر أنها موجودة بجانبه، لا أنها تراقبه، كما أن التواصل الإيجابي لا يعني فرض السيطرة، بل بناء الثقة وتبادل المشاعر، ليشعر الابن أنه ما زال في حضن الوطن، حتى وهو بعيد.
-الأبناء الذين يتمتعون بعلاقة آمنة ومنتظمة مع ذويهم أثناء الغربة، يكونون أكثر قدرة على التكيف مع البيئة الجديدة وأقل عرضة للقلق أو الاكتئاب، ونوعية الحوار وليس عدد المرات، هي ما يضمن استقرار الابن النفسي واستقلاله في الوقت نفسه.