الخميس 9 اكتوبر 2025

تحقيقات

إجهاض مخططات التهجير ووقف نزيف الدماء.. مصر راعية السلام والداعم الأكبر للقضية الفلسطينية

  • 9-10-2025 | 13:38

جهود مصر لدعم القضية الفلسطينية

طباعة
  • أماني محمد

على مر عامين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، لم تتوقف مصر لحظة واحدة عن جهودها في دعم القضية الفلسطينية وحقن دماء الشعب الفلسطيني، وتقديم أوجه الدعم والمساعدة ليس فقط من خلال المساعدات الإنسانية والإغاثية، بل من خلال جهود الوساطة والمفاوضات التي تكللت بالتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الغاشمة، من مدينة شرم الشيخ، مدينة السلام، بحضور الأطراف المعنية والإقليمية.

ومع حلول الثانية عشر من ظهر اليوم، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، مع بدء تطبيق المرحلة الأولى والتي تقضي ببدء تبادل الأسرى من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والانسحاب الإسرائيلي من خطوط الانسحاب المتفق عليها وبدء دخول المساعدات إلى القطاع، مع بدء المباحثات بشأن المرحلة الثانية.

 

جهود مصر لدعم القضية الفلسطينية

ومنذ السابع من أكتوبر 2023، لعبت مصر دورًا إنسانيًا ودبلوماسيًا محوريًا، بهدف وقف العدوان الإسرائيلي وإجهاض مخطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني، وإنقاذ القضية من محاولات تصفيتها، وقدّمت كل ما بوسعها لتخفيف معاناة المدنيين تحت القصف والحصار.

وكانت البداية باستضافة قمة القاهرة في أكتوبر 2023، بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي القمة التي أكد الرئيس السيسي فيها أمام العالم أن البشرية تقف أمام امتحان إنساني قبل أن يكون سياسيًا، وأن أي تقصير ستكون كلفته باهظة على الضمير الإنساني.

وأكد الرئيس السيسي رفضه للتهجير، قائلًا في رسالة واضحة: «أؤكد للعالم بوضوح ولسان مبين، وبروح صادقة تعبّر عن إرادة كل مواطن مصري: لن تُصفّى القضية الفلسطينية دون حل عادل، ولن يكون ذلك على حساب مصر أبدًا».

كذلك شاركت مصر في كل الفعاليات والمحافل الدولية، داعية لوقف إطلاق النار وحقن دماء الشعب الفلسطيني، داعيةً إلى الاعتراف المباشر بالدولة الفلسطينية إنصافًا لشعبٍ حُرم من حقه لأكثر من سبعة عقود.

وعقدت لقاءات ومباحثات مع كافة الأطراف في العالم العربي وأوروبا والدول الغربية، مما ساهم في توحيد المواقف والتنسيق، وزيادة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، حيث أقدمت كبرى الدول الغربية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، منها إسبانيا والنرويج وأيرلندا، في مايو 2024، والشهر الماضي أقدمت العديد من الدول على هذه الخطوة منها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال، ليزداد عدد الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية لأكثر من 150 دولة.

انضمت مصر إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، في إطار تمسكها بالشرعية الدولية ورفضها لسياسة الإفلات من العقاب، متهمةً إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

 

رعاية الوساطة والمفاوضات

وفيما يتعلق بجهود وقف إطلاق النار، لم تتوان مصر بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة عن جهود الوساطة من أحل التوصل إلى اتفاقات تهدئة وتأمين الإفراج عن المحتجزين والرهائن، وأسفرت تلك الجهود في أوقات سابقة خلال العامين عن هدنٍ مؤقتة وتبادل جزئي للمحتجزين، كانت الأولى في شهر نوفمبر 2023، والثانية في مطلع يناير 2025 واستمرت لشهرين تقريبًا قبل أن يخترقها الاحتلال ويستأنف إطلاق النار في مارس الماضي.

ومع استمرار حكومة الاحتلال في التنصل من أي حلول سلمية واستمرار وضع العراقيل أمام أي مقترح، ومضيّها في سياسة الاغتيالات والدمار، تعثرت جهود الوساطة، لكن مصر واصلت جهودها ومباحثاتها مع كل الأطراف المعنية وتقديم المبادرات والمقترحات لإنهاء الحرب.

وفي مارس 2025، قدّمت مصر خلال القمة العربية الطارئة بالقاهرة خطة متكاملة لإعادة إعمار غزة، تبنتها الدول العربية والإسلامية، وشدّدت فيها على أن غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، وأن إعادة الإعمار حق أصيل يرسّخ بقاء الفلسطينيين على أرضهم ويحفظ لهم حقهم في وطنهم، وتعهدت مصر بالمساهمة الفاعلة في إعادة بناء ما دمّرته آلة الحرب، غير أن استمرار العدوان حال دون انطلاق عملية الإعمار حتى الآن.

 

رفض التهجير

ومع استمرار سياسات الاحتلال ومقترحات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وقفت مصر حائط صد منيع لتعلن للعالم أجمع رفضها لكل مقترحات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وحشدت أقصى الجهود العربية والإسلامية والدولية الممكنة لوقف نزيف الدم في غزة وإنقاذ حل الدولتين، رافعةً شعارًا واضحًا وحاسمًا: رفض التهجير، والدفاع عن القضية الفلسطينية، وصون الأمن القومي.

وأكد الرئيس السيسي، الموقف المصري الواضح بأن التهجير ظلم لن تشارك مصر فيه، وأنه مرفوض رفضًا قاطعًا من الدولة المصرية.

وتبنت مصر خطتها لإعادة إعمار غزة، بناءا على بقاء الشعب الفلسطيني في أرضه، وإجهاض كل محاولات التهجير والتصفية للقضية الفلسطينية.

 

إدخال المساعدات

حرصت القاهرة على أن تكون منصّةً للحقائق أمام العالم، فاستقبلت رؤساء دول وحكومات وكبار المسؤولين الدوليين في أقرب نقطة من حدود غزة، سواء في معبر رفح أو مدينة العريش، ليقفوا بأنفسهم على حقيقة الأوضاع الميدانية، ويروا كيف يُغلق الاحتلال المعبر من الجانب الفلسطيني بينما تصطف مئات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات في انتظار الإذن بالعبور إلى القطاع، حاملةً معها مقومات الحياة لأهله المحاصرين.

وعلى الجانب الإنساني، قدمت مصر نحو 70% من حجم المساعدات الإغاثية التي وصلت إلى قطاع غزة خلال العامين الماضيين، وتحوّل مطار العريش الدولي إلى منصة رئيسية لاستقبال المساعدات القادمة من مختلف دول العالم قبل توجيهها إلى أهل القطاع.

ومع سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ومنع دخول المساعدات، لجأت مصر إلى توجيه الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم التجاري الخاضع بالكامل لسلطة الاحتلال.

ولم تقتصر الجهود المصرية على إدخال المساعدات براً، بل امتدت لتشمل عمليات إسقاط جوي لإيصال الإغاثة إلى المناطق المعزولة التي تعذّر وصول الشاحنات إليها بسبب القصف والحصار.

كما فتحت مصر أبواب مستشفياتها أمام الجرحى والمرضى من أبناء غزة، فاستقبلت الحالات الحرجة لتلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة، ووفّرت أطقمًا طبية متخصصة ومستلزمات دوائية متكاملة، في مشهد يجسد التزامها الأخلاقي والإنساني تجاه الشعب الفلسطيني الذي يواجه عدواناً همجياً على أرضه.

 

إعادة الإعمار

ومع إنهاء الحرب على غزة، تعتزم مصر استضافة مؤتمر دولي لبحث إعادة إعمار غزة، وهو ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أمام الأمم المتحدة في كلمة مصر الشهر الماضي، حيث قال إن «مصر ستستضيف، فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار قطاع غزة لحشد التمويل اللازم للخطة العربية الإسلامية لإعادة الإعمار».

وشدد رئيس الوزراء خلال كلمته على موقف مصر، قائلاً: وأؤكد أن مِصرَ ترفض بصورة حاسمة أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته وهو ما يرقى إلى جريمة التطهير العرقي.

وأكد أن "المؤتمر بالتنسيق مع الحكومة الفلسطينية، بما يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، ومساعدته على تجاوز الخسائر الجسيمة التي سببها العدوان. وإنني أدعو كل شركائنا في المجتمع الدولي للمساهمة في هذا الجهد للتعافي المبكر وإعادة الإعمار، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من أي تحرك جِدي لتحويل حل الدولتين إلى واقع ملموس."

الاكثر قراءة