مع تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي كان لمصر دور محوري فيه، برعاية واستضافة المفاوضات وتقريب وجهات النظر بين كل الأطراف بناء على المقترح الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تواصل مصر جهودها من أجل إنهاء الحرب وترسيخ اتفاق وقف إطلاق النار وبدء إعادة إعمار القطاع المدمر جراء عامين من الإبادة والعدوان، وتستضيف اليوم قمة شرم الشيخ للسلام بمشاركة أكثر من 30 دولة ومنظمة.
جهود مصر لإنهاء حرب غزة
ومنذ بدء العدوان على غزة قبل عامين، قادت مصر جهود الوساطة والتفاوض والمباحثات الإقليمية والدولية من أجل وقف نزيف الدماء الفلسطيني، ونجحت خلال تلك الفترة في التوصل إلى هدنتين لوقف مؤقت لإطلاق النار، كانت الأولى في نوفمبر 2023 لكنها لم تدم إلا لعدة أيا، والثانية في يناير الماضي واستمرت قرابة شهرين، قبل أن يقرر الاحتلال اختراقها واستئناف العدوان وحرب الإبادة.
ومع إعلان المقترح الأمريكي لإنهاء الحرب في نهاية سبتمبر الماضي، والتي أسماها ترامب، "خطة سلام" تتألف من 20 بندًا، تضمن عدة بنود، من بينها أنه في غضون 72 ساعة من قبول إسرائيل العلني بهذا الاتفاق، سيتمّ تسليم جميع الرهائن، أحياء كانوا أم أمواتا، وبمجرد إطلاق سراح جميع الرهائن، ستفرج إسرائيل عن 250 سجينا محكومًا عليهم بالسجن المؤبّد، بالإضافة إلى 1700 من سكّان غزة الذين احتجزتهم بعد 7 أكتوبر 2023، بمن فيهم جميع النساء والأطفال المحتجزين في هذا السياق، مقابل كل رهينة إسرائيلية يُعاد جثمانها، ستعيد إسرائيل جثامين 15 غزّيا ميتًا.
ونص المقترح على إدخال مساعدات كاملة إلى قطاع غزة. ستكون كميات المساعدات متوافقة على الأقلّ مع تلك المنصوص عليها في اتفاق 19 يناير 2025 بشأن المساعدات الإنسانية، بما في ذلك إعادة تأهيل البنى التحتية (المياه والكهرباء والصرف الصحي)، وإعادة تأهيل المستشفيات والمخابز، ووصول المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض وفتح الطرق.
قمة شرم الشيخ للسلام
وتبدأ بعد قليل، فعاليات قمة شرم الشيخ للسلام، التي تُعقد في المركز الدولي للمؤتمرات في مدينة شرم الشيخ بمشاركة 31 دولة ومنظمة دولية وإقليمية بمناسبة الاحتفال بالتوقيع على اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة.
وتعقد القمة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، فيما تشارك المملكة العربية السعودية بوفد رسمي يرأسه وزير الخارجية السعودي، الأمير/ فيصل بن فرحان.
فيما أكد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يشارك في قمة السلام بشرم الشيخ بسبب الأعياد الدينية، وذلك بعد أن اقترح الرئيس ترامب مشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذه القمة خلال اتصاله الهاتفي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ومن أبرز حضور قمة شرم الشيخ للسلام، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، أمير دولة قطر، أمير دولة الكويت، ملك مملكة البحرين، رئيس دولة فلسطين، رئيس جمهورية تركيا، رئيس جمهورية إندونيسيا، رئيس جمهورية أذربيجان، رئيس جمهورية فرنسا، رئيس جمهورية قبرص، المستشار الألماني، رئيس وزراء المملكة المتحدة.
كما سيشارك في القمة كلا من رئيسة وزراء إيطاليا، رئيس وزراء إسبانيا، رئيس وزراء اليونان، رئيس وزراء أرمينيا، رئيس وزراء المجر، رئيس وزراء باكستان، رئيس وزراء كندا، رئيس وزراء النرويج، رئيس وزراء العراق، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وزير خارجية سلطنة عُمان، سكرتير عام الأمم المتحدة، أمين عام جامعة الدول العربية، رئيس المجلس الأوروبي، وزير الدولة للشؤون الخارجية للهند، وسفير اليابان بالقاهرة ممثلًا لبلاده.
وتهدف القمة إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي. وتأتي هذه القمة في ضوء رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق السلام في المنطقة، وسعيه الحثيث لإنهاء النزاعات حول العالم.
وتعد القمة تاريخية تهدف إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة، وتدشين فصل جديد من السلام والأمن في المنطقة، يسهم في استعادة الاستقرار الإقليمي ووضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في ضوء رؤية الرئيس الأمريكي ترامب للسلام في المنطقة، وسعيه وجهوده الصادقة لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وإنهاء النزاعات في العالم.
إعادة إعمار غزة
وتعتزم مصر استضافة قمة دولية لإعادة إعمار قطاع غزة، بمشاركة كبرى الدول والمنظمات العالمية، والمؤتمر الذي أعلن وزير الخارجية الدكتور محمد عبد العاطي، عزم مصر استضافته فور تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ومع جهود ترسيخ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ستبدأ ترتيبات استضافة المؤتمر المرتقب، وذلك بعد أن اعتمدت القمة العربية الطارئة، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس الماضي، خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وفق مراحل محددة، في فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار، وهي الخطة التي أعدتها مصر بالتعاون مع الجانب الفلسطيني.
وأكدت عدة دول في العالم استعدادها للمشاركة في جهود إعادة الإعمار بغزة، حيث أكد كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، استعداد بلاده دعم عملية إعمار قطاع غزة.
وقال ستارمر، في منشور على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" لدى وصوله إلى شرم الشيخ، إن "المملكة المتحدة مستعدة لدعم إعادة إعمار غزة، وسوف نعمل مع شركائنا لتأمين مستقبل مستقر للمنطقة".
وأضاف رئيس الوزراء أنه سيجتمع مع زعماء دوليين في قمة شرم الشيخ للسلام للعمل على أول خطوة حاسمة تجاه السلام في الشرق الأوسط.
أعلنت وزيرة التنمية الألمانية، ريم العبلي رادوفان، أمس عن أن ألمانيا تستعد للتعهد بتقديم 100 مليون يورو على الأقل لدعم إعادة إعمار غزة.