يُعد أحمد شوقي أحد أبرز أعلام الشعر العربي في العصر الحديث، ورائد المسرح الشعري العربي، الذي استطاع أن يجمع في نتاجه بين عبق التراث وروح العصر، فكان صوتًا وطنيًا صادقًا وشاعرًا مبدعًا في مختلف الأغراض الأدبية، حتى استحق عن جدارة لقب «أمير الشعراء».
وُلد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في 20 رجب 1287هـ الموافق 16 أكتوبر 1868، للوالد شركسي ووالدة يونانية تركية، كانت جدته لوالدته تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، وتمتعت بثراء كبير، فتولت تربية حفيدها الذي نشأ في القصر وسط مظاهر الرفاهية والرعاية.
بدأ شوقي تعليمه في كتاب الشيخ صالح وهو في الرابعة من عمره، حيث حفظ جزءًا من القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر نبوغًا واضحًا جعله يُعفى من مصروفات الدراسة تقديرًا لتفوقه.
وفي الخامسة عشرة التحق بمدرسة الحقوق، وانتسب إلى قسم الترجمة الذي أُنشئ حديثًا آنذاك، وهناك بدأت موهبته الشعرية في الظهور، فلفتت أنظار أستاذه الشيخ محمد البسيوني الذي أدرك مبكرًا أنه أمام مشروع شاعر كبير، أُوفد شوقي في بعثة إلى فرنسا ليكمل دراسته، وتأثر هناك بالشعر الفرنسي، وخاصة بأعمال راسين وموليير.
وفي عام 1915 نُفي شوقي إلى إسبانيا بسبب قصائده التي مدح فيها الخديوي عباس والأسرة الحاكمة، وخلال فترة نفيه في الأندلس، انفتح على الأدب العربي القديم والحضارة الأندلسية، كما ازداد اطلاعه على الأدب الأوروبي ولغاته، وهو ما صقل ثقافته الفنية والأدبية.
ظل شوقي يتابع من منفاه الأوضاع السياسية في مصر، وعبر في شعره عن مشاعر الحنين للوطن والحزن على البعد عنه، حتى عاد إلى مصر عام 1920. وفي عام 1927 بايعه شعراء العرب بإمارة الشعر العربي، ليحمل لقب «أمير الشعراء» الذي لازمه حتى وفاته.
كرّس شوقي السنوات التالية لإبداع المسرح الشعري، فكان رائد هذا الفن في الأدب العربي الحديث، ومن أشهر مسرحياته «مصرع كليوباترا»، و«قمبيز»، و«مجنون ليلى»، و«علي بك الكبير ».
تميز شعر أحمد شوقي بتنوع موضوعاته، كتب في المديح والرثاء والوطنية والحكمة والسياسة والدين والوصف والغزل، واتسم أسلوبه بالجزالة والدقة والخيال الواسع، مع عناية فائقة بالإيقاع الموسيقي للألفاظ، مما جعل شعره لحنًا عذبًا يأسر السمع والوجدان.
ورغم ميله في الرثاء إلى المبالغة في تصوير الفواجع، إلا أن شعره تميز بالصدق الفني وعمق الشعور وروعة التصوير، مع تأثر واضح بالشعراء العرب القدماء، خاصة في الغزل والوصف والفخر.
وقد نظم شوقي الشعر في مختلف الأغراض، وله أعمال نثرية في بداياته الأدبية مثل «عذراء الهند»، و«لادياس»، و«ورقة الآس»، و«أسواق الذهب» الذي تأثر فيه بكتاب «أطواق الذهب» للزمخشري.
جمع شوقي شعره الغنائي في ديوانه الشهير «الشوقيات»، ثم قام الدكتور محمد السربوني بجمع ما لم يضمه هذا الديوان من قصائد، وأصدرها في مجلدين بعنوان «الشوقيات المجهولة».
امتاز أحمد شوقي بقدرته على التعبير عن وجدانه وهموم عصره، فكتب في مديح الرسول الكريم ﷺ، وفي حب مصر، وتناول قضايا مجتمعه بأسلوب شعري بديع، كما نظم قصائد للأطفال، وابتكر الشعر التمثيلي ليكون بحق أميرًا متوجًا على عرش الشعر العربي الحديث.