الثلاثاء 14 اكتوبر 2025

ثقافة

فاروق شوشة.. شاعر العربية وصوتها الخالد بين الكلمة والإذاعة

  • 14-10-2025 | 11:22

الشاعر فاروق شوشة

طباعة
  • دعاء برعي

يظل اسم فاروق شوشة علامة مضيئة وصوتًا لا يشيخ، شاعر حمل العربية في حنجرته وقلبه، فصارت لغته جسرًا بين الشعر والناس، وبين التراث والوجدان، ومن خلف الميكروفون، أطلّ ببيانه العذب ليعيد للأذن العربية بهاءها المفقود، وليغرس في الأجيال عشق اللغة وجمال الكلمة، لم يكن شوشة مجرد مذيع أو شاعر، لكنه صوت الضمير اللغوي للأمة، الذي صان لغتها بوعي المثقف ورهافة الشاعر.

رحل الشاعر والإعلامي الكبير فاروق شوشة، في مثل هذا اليوم 14 أكتوبر من عام 2016، والذي لقب "حارس اللغة العربية"، تقديرا لجهوده في خدمة اللغة العربية والحفاظ عليها، تاركا وراءه إرثا أدبيا وإذاعيا خالدا، وظل اسمه حاضرا في سجل القامات الثقافية والإذاعية التي تألقت في سماء الأدب العربي، وساهمت بخطابها المميز في إثراء الإعلام المسموع والمرئي.

ميلاده
ولد فاروق شوشة في 9 يناير عام 1936 في قرية الشعراء بمحافظة دمياط، وكان والده يعمل في التربية والتعليم وشاعرا أيضا، حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وأتم مراحله التعليمية في دمياط، ثم التحق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، وتخرج فيها عام 1956، وحصل على دبلوم التربية من جامعة عين شمس عام 1957.


بدأ حياته المهنية مدرسا بمدرسة النقراشي النموذجية عام 1957، ثم التحق بالإذاعة في أكتوبر 1958، حيث حظى برعاية عبدالحميد الحديدي مدير الإذاعة المصرية آنذاك، فعين مذيعا في "البرنامج العام"، وبرز لاحقا في تقديم البرامج الثقافية والأدبية بـ "البرنامج الثاني"، إلى جانب استمراره في قراءة الأخبار والبث الخارجي، مما عكس اهتمامه العميق باللغة العربية.


أعير شوشة للعمل في إذاعة الكويت في الفترة من 1963 حتى 1964، حيث شغل منصب رئيس قسم المذيعين والقسم الأدبي، وعند عودته إلى القاهرة، واصل رحلته المهنية داخل الإذاعة المصرية، وتدرج في عدة مناصب، فعين مراقبا للبرامج الأدبية والأحاديث عام 1969، ثم مديرا عاما للبرامج الثقافية عام 1981، وتولى منصب نائب رئيس شبكة "البرنامج العام" عام 1986، ثم أصبح رئيسا لها عام 1990، وفي نهاية العام نفسه، عين نائبا لرئيس الإذاعة، ليختتم مشواره الإداري بتوليه رئاسة الإذاعة المصرية في أغسطس 1994، وحتى تقاعده في 9 يناير 1997.

جهوده
كان أول من أقر لائحة الأجور المتميزة للعاملين بالإذاعة المصرية، وعمل أستاذا للأدب في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وعضوا في مجمع اللغة العربية، وعضوا بلجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، كما ترأس لجنتي النصوص في اتحاد الإذاعة والتلفزيون.

وتتلمذ على يديه عدد كبير من من الإذاعيين وقيادات الإذاعة المصرية حاليا، وفي عام 1977، قدم أولى برامجه التلفزيونية بعنوان "أمسية ثقافية"، الذي وثق فيه السير الذاتية لعدد من رموز الأدب في مصر مثل: توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، عبد الرحمن الأبنودي، ويوسف إدريس، إلى جانب برامجه الأخرى مثل "دنيا ودين"، و"صور شعرية".

مسيرته الإذاعية
تميزت مسيرته الإذاعية بعدد من البرامج التي أصبحت علامات بارزة، من أهمها "لغتنا الجميلة" عام 1967، "روائع النغم"، "زهور وبراعم"، "نافذة على الفكر"، "حياتنا الثقافية"، "صوت الشاعر"، "شعر وموسيقى"، "فن الشعر"، و"مع الأدباء"، بالإضافة إلى البرنامج الأسبوعي "في طريق النور" الذي كان يبث كل يوم جمعة قبل الصلاة.

أعماله
صدر له عدد من الدواوين الشعرية، أبرزها: "إلى مسافرة" 1966 ، "العيون المحترقة" 1972، "لؤلؤة في القلب" 1973، " في انتظار ما لا يجيء" 1979، "الدائرة المحكمة" 1983، "الأعمال الشعرية" 1985، "لغة من دم العاشقين" 1986، "يقول الدم العربي" 1988، "هئت لك" 1992، "سيدة الماء" 1994، "وقت لاقتناص الوقت" 1997، "حبيبة والقمر" (شعر للأطفال) 1998، "وجه أبنوسي" 2000، "الجميلة تنزل إلى النهر" 2002.

التكريم والجوائز
نال فاروق شوشة العديد من الجوائز تكريما لإسهاماته، حيث فاز برنامجه "لغتنا الجميلة" بالجائزة الأولى في مهرجان الإذاعة عام 1979، والجائزة الأولى أيضا في مهرجان الإذاعة والتليفزيون عام 1998، كما حصل برنامج "النادي الثقافي" على الجائزة الثانية في مهرجان الإذاعة عام 1980.
وفي مجال الأدب، حصل على جائزة الدولة في الشعرعام 1986، وجائزة كفافيس العالمية عام 1991، وجائزة محمد حسن الفقي عام 1994، وتوجت مسيرته بجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1997، ثم "جائزة النيل في الآداب" عام 2016، وهي آخر ما ناله قبل وفاته.

وفاته
وفي يوم الجمعة 13 محرم 1438 هـ، الموافق 14 أكتوبر 2016، رحل شوشة عن عمر ناهز 80 عاما، ورغم رحيله لا يزال صدى صوته يتردد في الذاكرة الثقافية والإعلامية من خلال شعره، وحواراته، وبرامجه التي تجاوزت الزمن.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة