أبرزت الصحف الأردنية، الصادرة اليوم /الثلاثاء/ اهتمامها الواسع بالقمة التي استضافتها مدينة (شرم الشيخ) أمس برئاسة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي شهدت توقيع اتفاق شرم الشيخ للسلام الهادف إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة وإطلاق مرحلة سلام واستقرار شامل في المنطقة.
فقد ركزت صحف الرأي والغد والدستور في تغطياتها على المشاركة الأردنية البارزة في القمة، مشيرة إلى ترؤس الملك عبدالله الثاني الوفد الأردني ومشاركته في التوقيع على الوثيقة، إلى جانب عدد من قادة الدول المشاركين.
وأكدت الصحف الأردنية أن القمة مثلت محطة فارقة لتحويل الهدنة الإنسانية إلى اتفاق دائم وشامل، يمهد لمرحلة جديدة من إعادة الإعمار واستقرار الأوضاع في غزة، مشيرة إلى التوافق الدولي حول آلية لإدارة القطاع ومنع عودة دوائر العنف.
ونشرت صحيفة الرأي تقريرا موسعًا بعنوان "نهاية عدوان غزة... ترتيبات شاملة ودائمة للتهدئة بالقطاع"، تناولت فيه تفاصيل توقيع اتفاق شرم الشيخ للسلام وخطوات تنفيذ اتفاق وقف الحرب، مؤكدة أن الوثيقة تمثل إطارا شاملا ودائما لتهدئة القطاع وضمان استقرار الأوضاع الإنسانية والسياسية.. فيما أبرزت صحيفة الغد مشاركة الملك في القمة ودعوته إلى ضرورة إيجاد آلية دولية لضمان التهدئة واستمرار الدعم الإنساني للفلسطينيين.
أما صحيفة الدستور فركزت على اللقاءات التي عقدها الملك على هامش القمة مع عدد من القادة، وعلى تأكيده أهمية التعامل مع تبعات الحرب في غزة، والحد من معاناة المدنيين، وتعزيز الجهود المشتركة لتحقيق السلام الدائم في المنطقة.
كما أبرزت الصحف الدور المحوري الذي اضطلعت به مصر في تنظيم واستضافة القمة، وقيادتها للمشاورات الإقليمية والدولية التي أفضت إلى توقيع الوثيقة، مشيرة إلى أن القاهرة استطاعت توحيد المواقف العربية والدولية باتجاه إنهاء الحرب وبدء مرحلة إعادة الإعمار. وأشادت التحليلات بجهود الرئيس عبدالفتاح السيسي في إدارة حوار متوازن بين مختلف الأطراف، بما ساهم في الوصول إلى تفاهمات عملية تضمن استدامة التهدئة وتمنع تجدد العنف، مؤكدين أن مصر عززت من مكانتها كوسيط رئيسي وضامن لاستقرار المنطقة.
وأجمعت الصحف الأردنية على أن مخرجات قمة شرم الشيخ، تمثل خطوة مهمة نحو تثبيت اتفاق إنهاء الحرب وإطلاق مسار سياسي شامل يعيد الأمل بتحقيق الأمن والسلام في الشرق الأوسط.
وفي تصريحات لرئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات لصحيفة الغد، أكد أن المعاناة الفلسطينية الممتدة منذ أكثر من ثمانية عقود لن تنتهي إلا بتسوية سياسية عادلة تنفذ قرارات الشرعية الدولية وتحقق الأمن والاستقرار للمنطقة بأكملها، مؤكداً أن المملكة مستعدة لتقديم المساعدات واستقبال الجرحى من غزة للعلاج في المستشفيات الأردنية ضمن خطوات إنسانية متقدمة يجري التنسيق بشأنها عربياً.
وأوضح شنيكات أن موقف الأردن يستند إلى خبرة طويلة في قضايا المنطقة، ومعرفة دقيقة بمسارات الحلول السياسية، ما جعله يتمسك دوماً بالخيار السياسي كسبيل لإنهاء الصراع.
أما الخبير الأمني والاستراتيجي الدكتور بشير الدعجة، فاعتبر أن مشاركة الملك في القمة جاءت لتؤكد أن الأردن لا يتعامل مع القضية الفلسطينية بوصفها ملفاً سياسياً عابراً، بل كقضية تمس الأمن الوطني الأردني واستقراره الداخلي والإقليمي.
وأشار الدعجة إلى أنه تم خلال القمة تقديم رؤية متكاملة لمفهوم السلام العادل، تقوم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع (يونيو) 1967، تكون القدس الشرقية عاصمتها، محذراً من أن أي تهاون في هذا المبدأ سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، مشدداً على أن استمرار الفوضى والانقسام سينعكس سلباً على استقرار المنطقة بأكملها.
وقال الخبير العسكري الدكتور نضال أبو زيد، إن الأردن لطالما تبنى نهج الدبلوماسية الهادئة في تعاطيه مع الملف الفلسطيني، مؤكداً أن المملكة ترفض أي محاولات لفصل غزة عن الضفة الغربية، وتتعامل مع القضية الفلسطينية بوصفها وحدة واحدة لا تتجزأ.
وأكد أن حضور الملك في القمة أعاد إبراز الدور الأردني الفاعل في ملف غزة، خصوصاً في المرحلة التالية لوقف إطلاق النار، مستفيداً من الخبرة الأردنية في المسارات الأمنية والدبلوماسية والإنسانية التي أصبحت ضرورة إقليمية لا يمكن الاستغناء عنها.