أكد الباحث الاقتصادي محمد محمود عبد الرحيم، أن هناك مؤشرات قوية تدل على احتمالات اندلاع مرحلة جديدة ومؤثرة في الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل تصاعد سياسات الرسوم المتبادلة التي تعكس حالة من الصدام الاقتصادي المتعمد وغير المنطقي من الجانب الأمريكي.
وأوضح عبد الرحيم خلال تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أنه لا يمكن في الوقت الراهن وضع وصف محدد لاستراتيجية السياسة الخارجية أو التجارية الأمريكية، في ظل القرارات المتناقضة التي تتخذها الإدارة الأمريكية تجاه الصين، مشيرًا إلى أن هذه التوترات من شأنها أن تترك آثارًا سلبية على الاقتصادين الأمريكي والعالمي على حد سواء.
وأشار إلى أن تهديدات التصعيد التجاري بين القوتين الاقتصاديتين تؤدي إلى زيادة الإقبال على الذهب عالميًا باعتباره ملاذًا آمنًا، مع تنامي المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم على مستوى العالم.

وأضاف أن بعض الأصوات داخل الولايات المتحدة بدأت تطالب بـ شطب الأسهم الصينية من الأسواق الأمريكية، وهو ما انعكس بالفعل على تراجع أداء البورصات الأمريكية هذا الأسبوع.
وكشف عبد الرحيم أن تقرير المفوضية الأمريكية لمراجعة العلاقات الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين الصادر في مارس 2025، مشيرا إلى وجود 286 شركة صينية مدرجة في البورصات الأمريكية برأسمال سوقي يتجاوز تريليون دولار، بخلاف استثمارات الصين في أذون وسندات الخزانة الأمريكية التي بلغت نحو 759 مليار دولار في ديسمبر 2024.
وأضاف أن الصين تسيطر على الجزء الأكبر من إنتاج المعادن النادرة في العالم، والتي تعتمد عليها الصناعات الأمريكية الحساسة، حيث تستورد الولايات المتحدة نحو 77٪ من احتياجاتها من هذه المعادن من الصين، مشيرًا إلى أن بكين بدأت بالفعل في فرض قيود على تصدير هذه المعادن إلى الأسواق الأمريكية.
وأكد الباحث أن الصين لن تتهاون في الدفاع عن مصالحها الاقتصادية، فهي قوة صناعية ومالية هائلة، مشددًا على أن الصدام مع الصين ليس في صالح الولايات المتحدة، موضحا أن الصين ما تزال متأخرة في إنتاج الرقائق الإلكترونية المتقدمة (7 نانومتر أو أقل)، إلا أن قدرتها على تجاوز القيود التكنولوجية المفروضة من واشنطن تجعل من وصولها إلى هذه التقنيات مسألة وقت فقط.
وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري في السلع بين الصين والولايات المتحدة بلغ نحو 688.28 مليار دولار في عام 2024، وهو رقم يعكس عمق الترابط الاقتصادي بين الجانبين، محذرًا من أن أي تصعيد جديد في الرسوم أو القيود التجارية قد يؤدي إلى اضطراب واسع في سلاسل التوريد العالمية.
وأكد أن الريادة الاقتصادية لا تتحقق بالصدام، وإنما من خلال التعاون مع الشركاء الاقتصاديين، مشيرًا إلى أن التصعيد الحالي لا يخدم مصالح أي طرف، بل يهدد بـ انهيار منظومة التجارة الدولية وآليات تسوية النزاعات داخل منظمة التجارة العالمية، ويفتح الباب أمام صدام ثنائي مفتوح بين أكبر اقتصادين في العالم.