الخميس 16 اكتوبر 2025

تحقيقات

مؤتمر إعادة إعمار غزة.. مصر تواصل دورها لرسم ملامح السلام والتعافي بعد الحرب

  • 16-10-2025 | 15:47

إعمار غزة

طباعة
  • أماني محمد

تعتزم مصر استضافة مؤتمر إعادة إعمار غزة، الذي يعقد خلال الفترة المقبلة، بمشاركة دولية، في إطار الجهود المصرية في التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، بعد مفاوضات شرم الشيخ وقمة السلام التي عقدت الاثنين الماضي، بمشاركة رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية وقطر وتركيا.

وأكد دبلوماسيون أن هذا المؤتمر يأتي في إطار الدور المصري لإنهاء الحرب على غزة وتثبيت دعائم السلام في القطاع، موضحين أن الدور المصري في هذا الملف محوري وأساسي في ظل التحرك الهادف لدعم القضية الفلسطينية ومساعدة القطاع على التعافي المبكر بعد عامين من الإبادة.

مؤتمر إعمار غزة

يعقد مؤتمر إعادة إعمار غزة بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة وكافة شركاء السلام والتنمية في المنطقة والعالم بما في ذلك الدول المانحة والمنظمات الأممية والإقليمية والمؤسسات التمويلية الدولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وذلك بناء على الخطة العربية الإسلامية وخطة الرئيس ترامب، للبناء على الزخم المتولد من "قمة شرم الشيخ للسلام" والجهود المحورية التي يقوم بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لضمان صمود وقف إطلاق النار في غزة والتأسيس لمرحلة جديدة يسودها السلام والاستقرار والرخاء لكافة شعوب المنطقة.

وطلب الرئيس عبد الفتاح السيسي، من نظيره الأمريكي دونالد ترامب، دعمه لمؤتمر إعادة عمار قطاع غزة، وذلك خلال اللقاء الثنائي الذي عقد بينهما، على هامش قمة شرم الشيخ الدولية، الاثنين الماضي.

وقال الرئيس السيسي مخاطبا نظيره الأمريكي: "باسمي وباسم كل المصريين، وكل محبي السلام، أشكرك على تحقيق هذا الإنجاز العظيم"، مضيفا: "نريد دعم الرئيس ترامب ورعايته معنا في مؤتمر إعادة أعمار غزة".

وكانت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، اعتمدت في مارس الماضي، خطة مصر إعادة إعمار غزة، والتي تهدف لإعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين منها، ويستغرق تنفيذها خمس سنوات، وتتكلف نحو 53 مليار دولار.

مساعٍ جادة لخلق واقع جديد

قال السفير علي الحفني، نائب وزير الخارجية الأسبق، إن مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة الذي تعتزم مصر استضافته الفترة المقبلة، يأتي تنفيذًا لما تم الاتفاق عليه في القمة العربية الإسلامية، واستمرار لجهود مصر في دعم القضية الفلسطينية وإنهاء الحرب على غزة، وفي إطار الحفاظ على الزخم الناتج عن الخطة الأمريكية لتحقيق السلام في غزة، وكذلك ما تم التفاهم بشأنه في مؤتمر شرم الشيخ للسلام، الاثنين الماضي، بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة وبدء مرحلة إعادة الإعمار.

وأوضح الحفني، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذا التحرك يُعد جزءًا من مساعٍ جادة لخلق واقع جديد بشكل سريع ينعكس إيجابًا على الوضع الراهن في قطاع غزة الذي عانى من ويلات الحرب والإبادة لمدة عامين متواصلين، كما يسهم في التمهيد للمراحل المقبلة التي أُشير إليها خلال المؤتمر الذي استضافته مصر، بمشاركة الدول العربية، في القمة العربية الطارئة، في مارس الماضي، حيث أُبدِيَ تفاهم واضح حول مبادرة مصر لإعادة إعمار غزة، كما ظهر ذلك جليًا في قمة شرم الشيخ، قبل 3 أيام.

وأشار إلى أن الدور المصري في القضية الفلسطينية عمومًا، وفي قضية إنهاء الحرب على غزة خاصة مستمر ومتواصل، فمنذ اندلاع الحرب وحتى توقيع اتفاق السلام، لعبت مصر دورًا مؤثرًا ومحوريًا، حيث ساهمت في توجيه الأمور نحو مسار إيجابي، وذلك من خلال التنسيق مع مختلف الوسطاء، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، بعد مقترح الرئيس دونالد ترامب للسلام، وتكلل ذلك بتوقيع اتفاق شرم الشيخ.

وشدد على أن هناك تفاهم مصري-أمريكي بشأن ضرورة تحقيق السلم والأمن، ليس فقط في قطاع غزة، بل في الأراضي الفلسطينية كافة، بل وفي المنطقة بأسرها، نظرًا لما تشهده من تطورات تؤثر على الأمن والاستقرار، موضحا أن حضور الدول المؤثرة والفاعلة، المرتبطة بالقضية الفلسطينية منذ عقود طويلة، في قمة شرم الشيخ، يعكس رغبتها في أداء دور فعّال، سواء فيما يخص تشكيل قوة دولية لحفظ السلام في غزة، والتي قد تُقَر في الأمم المتحدة، خاصة عبر مجلس الأمن، أو فيما يتعلق بدعم جهود إعادة إعمار قطاع غزة.

وشدد على أن هذه الدول، تبني مواقفها القادمة استنادًا إلى التفاهمات التي تم التوصل إليها في قمة شرم الشيخ، مشيرا إلى أن مصر تضطلع بدور في كل تفصيل من تفاصيل خطة السلام التي بادر بطرحها الرئيس الأمريكي، وتسعى لتنفيذ توجهاتها بما يتماشى مع سياستها الثابتة حيال القضية الفلسطينية، وصولًا إلى تأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة.

وأكد الحفني أن موقف مصر ثابت وراسخ دومًا، وأكده الرئيس عبد الفتاح في كلمته خلال مؤتمر شرم الشيخ، كما أن مصر تُعَدُّ طرفًا أساسيًا إلى جانب كل من المملكة العربية السعودية وفرنسا فيما يتعلق بمبادرة حل الدولتين، وخاصة بعد المؤتمر الذي عقد في الأمم المتحدة، الشهر الماضي، وتكلل باعتراف العديد من الدول الغربية بالدولة الفلسطينية المستقلة.

 

ترسيخ السلام

قال السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الموقف المصري بشأن الحرب على غزة ظل واضحًا في طرح رؤية شاملة لإعادة إعمار غزة، حيث تبنّت مصر فكرة عقد مؤتمر دولي لهذا الغرض، ولقي هذا التوجه دعمًا واسعًا من الدول العربية والإسلامية، وتأييدًا دوليًا متزايدًا.

وأكد في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الرؤية المصرية لإنهاء الحرب وبدء الإعمار اتسمت بالشمول، حيث جمعت بين الأبعاد الإنسانية والسياسية والاقتصادية، وتم التأكيد على ضرورة البدء بمرحلة تعافٍ مبكر، يتم خلالها تنفيذ عملية إعادة الإعمار بمشاركة إقليمية ودولية، وخاصة من الدول العربية والإسلامية، بالإضافة إلى عدد من الدول الأوروبية التي أيدت هذا التوجه.

وشدد على أنه بعد توقيع "اتفاق شرم الشيخ للسلام"، في قمة شرم الشيخ، الاثنين الماضي، بشأن إنهاء الحرب على غزة، فإن مصر تعمل على عدة مسارات متوازية، منها توحيد الصف الفلسطيني، واستمرار جهود إعادة الإعمار، مشددًا على أن الدور المصري في هذه المرحلة محوري وأساسي، بل ورائد في السعي نحو معالجة جذور القضية الفلسطينية، باعتبارها الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف أن مصر تتحرك بفاعلية على جميع المستويات: السياسي، الأمني، الاقتصادي، والإنساني، برؤية واقعية وعملية تُنفذ على أرض الواقع، وتحظى بتأييد واحترام كبيرين من المجتمع الدولي، مشيرا إلى أن الموقف المصري يعزز عدد من المبادرات، منها المبادرة الفرنسية-السعودية لحل الدولتين، وما جرى داخل منظومة الأمم المتحدة، وفي إطار العدالة الدولية.

وأشار إلى أن مصر كان لها دور أساسي في كافة هذه الجهود، سواء من خلال الجامعة العربية أو داخل مؤسسات الأمم المتحدة مثل الجمعية العامة ومجلس الأمن، مضيفا أن هذا الدور مُعترف به من جميع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، بل ويحظى بتقدير كبير من الشعوب أيضًا، وهناك رأي عام دولي، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، يؤيد هذا التحرك المصري الإيجابي والفعّال، ويقدّر الجهود التي تبذلها مصر في دعم القضية الفلسطينية من جميع الجوانب.

ولفت إلى أن الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن السلام في قطاع غزة، تمثل تحولًا جذريًا في موقفه من القضية الفلسطينية، مضيفا أنه قبل هذه الخطة، كان توجه إدارة ترامب متماهيًة تمامًا مع رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي كانت تستهدف تصفية القضية الفلسطينية بالكامل، دون أي حديث عن دولة فلسطينية، أو حقوق للشعب الفلسطيني.

وأضاف أن الحديث، في السابق، كان يدور حول الشرق الأوسط الجديد، وأثناء فترة الانتخابات الرئاسة الأمريكية، صرّح ترامب بأن إسرائيل دولة صغيرة، وهو ما فهم على أنه تأييد لتوسيع حدود إسرائيل، مضيفا أن الخطة التي طُرحها ترامب لاحقًا في نهاية سبتمبر الماضي، جاءت على عكس هذا التوجه، وسعت إلى تسوية القضية الفلسطينية بطريقة أقرب ما تكون إلى الرؤية المصرية.

وأشار إلى أن الخطة تضمنت عناصر أساسية كانت مصر قد طرحتها مسبقًا، وهي نفس العناصر التي تبنتها الدول العربية والإسلامية، وحظيت بتأييد ودعم دولي واسع، من قِبل منظمات دولية ودول غير عربية أيضًا، ومنها وقف إطلاق النار، إدخال المساعدات الإنسانية، الإفراج عن الرهائن، البدء بإعادة الإعمار، رفض التهجير القسري والإبادة الجماعية، وأخيرًا التوجه نحو حل الدولتين، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

الاكثر قراءة