في إطار اتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة، سلّم جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى وزارة الصحة الفلسطينية جثامين عشرات الشهداء، وقد بدت عليها آثار تعذيب وحروق وتنكيل وحشي، في مشهد يعكس حجم الفظائع التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحقهم.
جرائم الاحتلال
وحسب ما كشفه مدير عام وزارة الصحة بقطاع غزة منير البرش، فإن جثامين الشهداء عادت إلى القطاع وهم مقيّدون كالحيوانات، معصوبو الأعين، وعليهم آثار تعذيب وحروق بشعة تكشف حجم الإجرام الذي ارتُكب في الخفاء، مؤكدًا أنها "جرائم لا تُخفى".
وجاء حديث المسؤول الطبي بعد أن أعلنت وزارة الصحة تسلّمها عبر الصليب الأحمر ثلاثين جثمانًا لفلسطينيين أفرجت عنهم إسرائيل، ظهرت على بعضها آثار تنكيل واضحة.
وأكد البرش أن "أجساد الفلسطينيين البريئة تُركت لتكون شاهدة على وحشية الجلادين، حيث لم يموتوا موتًا طبيعيًا بل أُعدموا بعد أن قُيّدوا"، مطالبًا بتحقيق دولي عاجل بهدف محاسبة الجناة أمام العدالة الدولية إثر ما ارتكبوه من جريمة حرب مكتملة الأركان.
وفي السياق ذاته، أكدت حركة حماس أن المشاهد المروّعة التي ظهرت على جثامين الشهداء التي سلّمها الاحتلال، وما بدا عليها من آثار التعذيب والتنكيل والإعدامات الميدانية، تكشف بوضوح عن الطبيعة الإجرامية والفاشية لجيش الاحتلال، وعن الانحطاط الأخلاقي والإنساني الذي بلغه هذا الكيان.
وطالبت الحركة المؤسسات الحقوقية الدولية والأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بتوثيق هذه الجرائم البشعة وفتح تحقيق عاجل وشامل فيها، وتقديم قادة الاحتلال للمحاكمة.
وعلى الخط ذاته، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الحالة المروّعة التي وُجدت عليها جثامين الفلسطينيين الذين سلمتهم سلطات الجيش الإسرائيلي بعد احتجازهم خلال حرب الإبادة على قطاع غزة، تُظهر دلائل واضحة على تعرّض العديد منهم لجرائم تعذيب وتنكيل وحشي ومتعمّد تسببت بمعاناة شديدة، مؤكدًا أن عددًا منهم أُعدم بعد احتجازه، في انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي.
وشدّد المرصد على أن هذه المعطيات الخطيرة تفرض فتح تحقيقٍ دولي عاجل ومستقل لكشف ملابسات الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها، بما يضمن إنصاف الضحايا ويكرّس مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
ولفت المرصد إلى عدم وجود وسائل تحقق فعالة في غزة لتوثيق هويات الضحايا وفحص ملابسات احتجازهم وتعذيبهم وقتلهم، مطالبًا بالسماح فورًا بوصول بعثات طبية شرعية مستقلة وخبراء في الطب الشرعي والحمض النووي، والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتسريع عملية التعرّف على الضحايا وتسليمهم لعائلاتهم.
وشدّد على ضرورة إتاحة إجراءات طارئة لتوثيق الأدلة قبل أن تتلف، إضافة إلى تقديم دعم إنساني ونفسي لأسر الضحايا.
وفي هذا الإطار، دعا المرصد الحقوقي المحكمةَ الجنائية الدولية إلى توسيع نطاق تحقيقها القائم ليشمل هذه الوقائع بوصفها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مؤكدًا على ضرورة أن "يُنظر إلى ما جرى في قطاع غزة ضمن سياقه الأوسع وهو الإبادة الجماعية".
واعتبر أن "الصمت أو الاكتفاء بالإدانة اللفظية إزاء هذه الأفعال يفرغ منظومة العدالة الدولية من مضمونها ويقوّض ثقة الضحايا بها".
وبين السابع من أكتوبر 2023 وحتى العاشر من أكتوبر 2025، شنّت إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، أسفرت عن سقوط أكثر من 238 ألف شهيد وجريح، فضلًا عن دمار واسع ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال والمسنين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية عالميًا.