السبت 18 اكتوبر 2025

سيدتي

هل البقاء في العلاقة الزوجية من أجل الأطفال يحميهم أم يضرهم على المدى الطويل؟| خاص

  • 18-10-2025 | 09:12

البقاء في العلاقة الزوجية من أجل الأطفال

طباعة
  • فاطمة الحسيني

في كثير من البيوت، تتردد الأمهات والآباء في اتخاذ قرار الانفصال رغم غياب السعادة والطمأنينة، بدافع الخوف على الأبناء من صدمة الطلاق أو تفكك الأسرة، ويظن البعض أن الاستمرار في علاقة غير مستقرة هو نوع من التضحية النبيلة في سبيل حماية الأطفال، ولذلك نستعرض في السطور التالية مع استشارية نفسية، هل البقاء في العلاقة الزوجية من أجل الأطفال يحميهم فعلًا أم يضرهم نفسيًا على المدى الطويل؟.

ومن جهتها قالت الدكتورة منى غازي استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن بقاء الوالدين في علاقة مضطربة ليس بالضرورة أفضل للأبناء، بل قد يحمل لهم آثارًا نفسية طويلة المدى أشد قسوة من الانفصال نفسه، والأطفال لا يحتاجون فقط إلى أبوين يعيشان تحت سقف واحد، بل إلى بيئة يسودها الاحترام والدفء والطمأنينة، لأن غياب هذا المناخ العاطفي يزرع في داخلهم مشاعر خوف وقلق يصعب التخلص منها حتى بعد البلوغ، فالطفل الذي يشهد خصامًا دائمًا أو صمتًا عدائيًا بين والديه، يتعلم مبكرًا أن الحب مؤلم، وأن الزواج ساحة صراع لا مودة فيها.

وأضافت، أن الأطفال الذين يكبرون وسط أجواء مشحونة بالصراخ أو التجاهل أو الإهانات المتبادلة، يعانون من اضطرابات القلق والشعور الدائم بعدم الأمان، كما تتأثر ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على بناء علاقات مستقرة في المستقبل، لأنهم يفتقدون النموذج الصحي للحوار والاحترام داخل الأسرة، وغالبًا ما يحملون صورة مشوهة عن الارتباط العاطفي، إذ يربطونه بالألم والخذلان، لا بالسكينة والتفاهم، ويتولد لديهم اضطرابات القلق والشعور بعدم الأمان، وضعف الثقة بالنفس وصعوبة بناء علاقات صحية لاحقًا.

وأشارت إلى أن هناك العديد من الأبحاث التي تؤكد على، أن الأطفال الذين ينشئون بين والدين منفصلين لكن متفاهمين ومتعاونين في رعايتهم، يتمتعون باستقرار نفسي أفضل بكثير من أولئك الذين يعيشون في ظل نزاعات مستمرة داخل بيت واحد، فالطلاق في حد ذاته ليس هو ما يدمر الأطفال، وإنما الطريقة التي يتعامل بها الأبوين بعده، فعندما يسود الاحترام المتبادل، ويحرص كل طرف على حماية الأبناء من الصراعات، يستطيع الابن أن يشعر بالأمان حتى لو كان يعيش بين منزلين مختلفين.

أما البقاء في علاقة زوجية مضطربة من أجل الأطفال، قد يبدو في ظاهره تضحية، لكنه في جوهره ينقل الألم إليهم بطريقة غير مباشرة،  فالابن يحتاج إلى والدين ناضجين قادرين على منحه الحب والتفاهم، وليس مجرد وجود شكلي داخل بيت واحد يملؤه الصمت والتوتر.

واختتمت حديثها مؤكدة على أن قرار الاستمرار أو الانفصال ليس سهلاً، لكنه يجب أن يبنى على وعي عميق بما هو أصلح للأسرة والأبناء، لا على الخوف من نظرة المجتمع أو الإحساس بالذنب، فالأمان النفسي الحقيقي يبدأ حين يرى الطفل والديه متصالحين مع أنفسهم، سواء عاشا تحت سقف واحد أو سقفين مختلفين.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة