شهدت أسعار الذهب أسبوعا حافلا بالتقلبات، لكنها أنهته بمكاسب قوية بلغت نحو 4.8%، مدعومة بتوقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية وتزايد الطلب على الملاذات الآمنة.
وخلال الأسبوع، سجل المعدن النفيس مستوى تاريخيا جديدا تجاوز 4300 دولار للأوقية للمرة الأولى، قبل أن يتراجع يوم الجمعة بنحو 2.6% إلى 4211.48 دولارا، تحت ضغط قوة الدولار وتصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول عدم استدامة "تعرفة جمركية شاملة" على الصين، وفقا لبيانات منصة "ماركت ووتش".
وجاء هذا التراجع بعد أن بلغ الذهب أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4378.69 دولاراً خلال الجلسة، في الوقت الذي كان فيه في طريقه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ سبتمبر 2008.
وساهم ارتفاع مؤشر الدولار بنسبة 0.1% في زيادة الضغط على الذهب المسعر بالدولار، ما جعله أكثر تكلفة للمشترين من خارج الولايات المتحدة، ومع ذلك، بقي الذهب مدعوما بضعف المعنويات حيال الاقتصاد العالمي، وعمليات التحوط من المخاطر المالية.
وتلقت الأسعار دفعة قوية من توقعات الأسواق بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، إذ يسعر المستثمرون احتمال خفض بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أكتوبر، وخفضا آخر في ديسمبر.
كما دعمت تصريحات رئيس الفيدرالي، جيروم باول، حول ضعف سوق العمل، التقديرات بقرب تيسير السياسة النقدية، واعتبر المتداولون أن الذهب لم يعد يتحرك وفق اعتبارات فنية فقط، بل نتيجة تحول أعمق في الثقة تجاه النظام النقدي التقليدي والدولار الأمريكي.
وعلى الصعيد الجيوسياسي، أعادت تصريحات ترامب بشأن فرض تعريفات بنسبة 100% على الواردات الصينية أجواء حرب التجارة إلى الواجهة، لكنه عاد لاحقا ليبدي استعدادا للتفاوض واللقاء مع نظيره الصيني، ما أدى إلى تهدئة جزئية في الأسواق.
واعتبر محللون أن النبرة الأكثر تصالحية خففت من زخم عمليات الشراء في المعادن الثمينة، لكن المخاوف الأساسية من التوترات التجارية لا تزال قائمة.
وساهمت عوامل هيكلية في دعم الذهب، من بينها مشتريات البنوك المركزية، وتزايد التدفقات إلى الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب، والتحول بعيداً عن العملات الورقية.
ومنذ بداية العام، قفز الذهب بأكثر من 64%، مدفوعا بالتوترات الجيوسياسية، وعمليات التحوط، وتوقعات خفض الفائدة. كما رفع بنك HSBC توقعاته لمتوسط سعر الذهب لعام 2025 إلى 3455 دولارا، وتوقع أن يصل إلى 5000 دولار في 2026، بينما رجح بنك "ستاندرد تشارترد" أن يبلغ متوسط السعر 4488 دولاراً في 2026 مع مخاطر صعودية إضافية.
ورغم الأسعار القياسية، ظل الطلب الفعلي في آسيا قويا، وبلغت العلاوات على الذهب في الهند أعلى مستوى لها منذ عقد من الزمن مع اقتراب موسم الأعياد، ما يعكس استمرار الطلب الاستهلاكي.
وفي المقابل، شهدت المعادن الأخرى تراجعات حادة، إذ انخفضت الفضة بنسبة 5.6% إلى 51.20 دولاراً للأوقية بعد ذروة عند 54.47 دولاراً، وتراجع البلاتين بنسبة 6.1% إلى 1607.85 دولارا، بينما هبط البلاديوم 7.9% إلى 1485.50 دولارا.
ويشير محللون إلى أن المشهد العام للذهب يبقى مدعوما بالعوامل الاقتصادية والسياسية، لكن التقلب الحاد سيستمر في ظل غياب البيانات الأمريكية بسبب الإغلاق الحكومي، واستمرار الضبابية التجارية بين واشنطن وبكين.
ويرى المتداولون أن الذهب يدخل مرحلة جديدة من الاعتماد على الثقة بالنظام المالي العالمي أكثر من العوامل الفنية التقليدية، ما يعزز مكانته كأصل استراتيجي في المحافظ الاستثمارية خلال الفترة المقبلة.