تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان الشامل محمد فوزي، أحد أبرز رموز الموسيقى والسينما في الوطن العربي، الذي غادر عالمنا في 20 أكتوبر عام 1966، تاركًا إرثًا فنيًا خالدًا جمع بين الإبداع في التلحين والتمثيل والغناء. بدأ فوزي مشواره من الموالد الشعبية ليصبح واحدًا من أعمدة الفن المصري، ومؤسسًا لأول شركة أسطوانات في الشرق الأوسط.
ولد محمد فوزي في قرية كفر أبوجندي بمحافظة الغربية، وهو الابن الحادي والعشرون ضمن أسرة كبيرة مكوّنة من 25 ابنًا وابنة، من بينهم شقيقته الفنانة هدى سلطان. منذ طفولته، أُغرم بالموسيقى والغناء، فكان يشارك في الموالد والأفراح، يخفي موهبته عن والده الذي رفض أن يسلك ابنه طريق الغناء، معتبرًا أنه لا يليق بأبناء العائلة.
وبعد إنهائه المرحلة الإعدادية، قرر فوزي السفر إلى القاهرة لتحقيق حلمه، فالتحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى، لكنه اضطر لترك الدراسة بسبب ضيق الحال، لتبدأ رحلته مع بديعة مصابني، ثم الإذاعة المصرية التي رفضته كمطرب لكنها قبلته كملحن.
رغم عشقه لأغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، اختار فوزي أن يسلك طريقًا مختلفًا، فابتكر الأغنية القصيرة الخفيفة التي لا تتجاوز بضع دقائق، بدلا من الأغاني الطويلة السائدة آنذاك، ليصبح رائدًا لهذا اللون الغنائي العصري الذي لاقى نجاحًا واسعًا.
وبالصدفة، اتجه إلى التمثيل بعد أن اختارته الفرقة المصرية ليحل محل المطرب إبراهيم حمودة في مسرحية شهرزاد، ورغم إخفاقه في البداية، آمنت به الفنانة فاطمة رشدي وضمّته إلى فرقتها، حيث تألق كممثل وملحن.
ويعد محمد فوزي أول من قدّم الأغنية الخاصة بالأطفال في الوطن العربي، وابتكر لونًا جديدًا من الغناء التعليمي الممتع، ومن أشهر أعماله: ذهب الليل، ماما زمانها جاية، وكان وإن، التي تناولت تاريخ مصر الحديث وقضية فلسطين بلغة بسيطة وساحرة.
وفي مطلع الستينيات، أسس فوزي شركة «مصر فون»، أول شركة عربية لتصنيع الأسطوانات وتسجيل الألحان، لتصبح منارة للإنتاج الموسيقي في الشرق الأوسط.
رحل محمد فوزي في 20 أكتوبر عام 1966 بعد صراع مع مرض نادر، لم يكن الأطباء قد عرفوا له علاجًا، ليبقى صوته وإبداعه شاهدين على فنان جمع بين الموهبة والابتكار، وخلّد اسمه في ذاكرة الفن العربي كرمز للبهجة والصدق الفني.